حذرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، في مقال تحليلي نشرته يوم الخميس الفائت، من السياسة المترددة والهامشية لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إزاء الحرب في سوريا منذ سنوات، وقالت إن هذه السياسة قد تسهم في عودة تنظيم القاعدة إلى بلاد الشام.
معتبرة أن النضال بين المعارضة والنظام من أجل الاستحواذ على حلب يشكل تهديدا مرعبا بالنسبة للولايات المتحدة، وأن المعركة المستمرة في ثاني أكبر المدن السورية وحدت اثنين من أبرز فصائل المعارضة التي تهدف إلى هزيمة نظام بشار الأسد، وأن هناك شيئا آخر من القواسم المشتركة وهو عدم تلقى أي مساعدة كبيرة من واشنطن في أي وقت مضى في جهودهما المشتركة لكسر الحصار خلال ما يقرب من شهر في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة وقهر ما تبقى منه.
وأكدت المجلة أن المجموعات التي تحاول حماية المدنيين في حلب من تكتيكات الحصار والهجمات العشوائية لنظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين قد تنجح رغم عدم تلقيها أي دعم من واشنطن، وأشارت إلى أن تقاعس الإدارة الأمريكية عن التنسيق مع المجموعات المعارضة في حلب قد يمهد الطريق أمام قيام “دولة إسلامية” قادمة في سوريا.
وأشارت المجلة في المقال التحليلي الذي كتبه كل من جنيفر كفاريلا ونيكولاس هيراس وجينيفين كاساغراند، إلى أن حصار مدينة حلب في سوريا يفتح الطريق أمام عودة تنظيم القاعدة، العدو الأعظم للولايات المتحدة.
وأضافت أن تنظيم القاعدة يسعى دوما لملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في أرجاء العالم، وأنه بدأ يستعيد نشاطاته على المستوى الدولي، وأنه يبني طلائع شعبية محلية في بعض البلدان، وذلك للإشراف على التحول السكاني في الدول التي تتعرض للانهيار.
وأوضحت أن تنظيم داعش يركز الآن على سوريا، وأنه ليس أمام الولايات المتحدة من خيار سوى إعادة توجيه إستراتيجيتها إزاء سوريا، وذلك للتركيز على التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة.
وقالت إنه يتعين على صناع القرار الأمريكي مقاومة إغراء أي تحالف مع روسيا والأسد، وذلك كي لا تضطر المعارضة السورية إلى الابتعاد عن الولايات المتحدة واللجوء إلى العناصر المتشددة، وبالتالي تفقد أمريكا أي شركاء من “السُنة” في مواجهة تنظيمي داعش والقاعدة.
مضيفة أن الولايات المتحدة تخاطر بخسارة الحرب ضد التطرف في سوريا إذا ما استمرت بالسماح لأحرار الشام وجبهة فتح الشام أن ينظر إليها من قبل الشعب السوري كما المنتصرين في حلب. وتجمع أحرار الشام، بحسب المقال، هو جزء لا يتجزأ من لعبة تنظيم القاعدة لفترة طويلة في سوريا كما جبهة فتح الشام، وتشترك في نفس الهدف لتشكيل السوريين وتهيأتهم بطريقة تسهل الجهاد العالمي، منتهجة نهجا براغماتيا لبناء ملاذ آمن دائم لتنظيم القاعدة في بلاد الشام.
إن أحرار الشام التي تنبذ تنظيم القاعدة وتعمل ضد جبهة فتح الشام يجب إغلاق النافذة المفتوحة بينهم في حلب بسرعة، كما يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ إجراءات لتوفير بديل مقبول للمدنيين وجماعات المعارضة عن تنظيم القاعدة، ويجب أن تركز واشنطن أيضا على منع مزيد من تطوير هياكل الحكم القائم على الشريعة الإسلامية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من أجل مكافحة استراتيجية تنظيم القاعدة التخريبية، وإذا لم تتصرف حركة أحرار الشام بحزم في مواجهة تنظيم القاعدة في سوريا يجب أن تعامل باعتبارها تشكل تهديدا على قدم المساواة مع تنظيم القاعدة وفتح الشام.
وفي الوقت الراهن، يتعين على صناع القرار الأمريكي مقاومة إغراء الانجراف في تحالف مع روسيا والأسد لتحقيق هدف القضاء على تنظيم القاعدة، وإن أي شراكة ضمن هذا “التيار” مع جماعات المعارضة المتبقية سوف يبعدها عن الولايات المتحدة ويقتربها أكثر نحو العناصر المتشددة من المعارضة السورية، كما تتعين إزالة أي شركاء محتملين من السنة من ساحة المعركة ضد تنظيم داعش وتنظيم القاعدة، ومن شأن أي تحالف مع روسيا أو الأسد فقط تسريع انتصار تنظيم القاعدة في سوريا.