أثار الاتفاق الروسي الأمريكي الأخير حول وقف الأعمال العدائية في سوريا، والذي توصل إليه مسؤولا الدبلوماسية في البلدين، سيرغي لافروف وجون كيري، جدلا واسعا في أوساط السوريين، حيث اعتبره البعض خطوة في الاتجاه الصحيح نحو حقن الدماء والتمهيد لخطوات أكثر فاعلية وجدية على صعيد الحل النهائي لحالة الاستعصاء السوري، فيما شكك فيه آخرون واعتبروه دون الطموحات والآمال، وحكموا عليه قبل أن يرى النور أو يطبق على أرض الواقع.
من جهته، قال منذر آقبيق، الناطق الرسمي باسم تيار الغد السوري، إن الجهات التي تهاجم الاتفاق الجديد بين روسيا والولايات المتحدة تعتبره وكأنه الحل الشامل للقضية السورية، فينتقدون مثلا خلوه من الجانب السياسي، أو بنودا أخرى تتعلق بمعاناة السوريين جراء الحرب التي استمرت أكثر من خمس سنوات ونصف، منوّها إلى أن “الاتفاق حول وقف الأعمال العدائية” هو عمل جزئي تكمله الاتفاقات السابقة، مثل بياني جنيف وفيينا وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤.. الهدف منه “تحديدا” وضع آليات معينة تمكن من تنفيذ وقف الأعمال العدائية.
وأوضح آقبيق، في تصريح للمكتب الإعلامي في تيار الغد السوري، أن هذه الآليات تتضمن وقف القصف العشوائي، واحتفاظ كل طرف بمواقعه، وعدم القيام بعمليات هجومية لكسب مواقع جديدة، على أن يكون الاستهداف المستقبلي محصورا بأهداف متفق عليها للجهات المتفق عليها أنها إرهابية، وهي داعش والنصرة.
وأكد الناطق الرسمي باسم تيار الغد “نحن كمعارضة سورية وطنية، يهمنا شيئان كأولويات؛ حقن الدماء السورية، والانتقال الديمقراطي الحقيقي. نحن نعتبر أن وقف الأعمال العدائية هو خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق ما نصبو إليه. وفي نفس الوقت، نحن لا نقول إن الاتفاق مثالي، أو خال من النقاط السلبية، ولكن مجرد تحقيقه لخفض مستوى العنف بشكل ملموس يعطيه أهمية خاصة وإيجابية لم نلمسها منذ فترة طويلة”.
من ناحية أخرى، يضيف آقبيق، نلاحظ تبادل التصريحات الحادة بين واشنطن وموسكو، بينما الأطراف المحلية والإقليمية في غاية التوتر، لذلك فإن وقف الأعمال العدائية مازال هشا للغاية، وعرضة للانهيار في أي لحظة، ولا يسعنا إلا الأمل باستمراره، وكلما طالت فترة الالتزام، كلما تحسنت نسبة الاستمرارية.
وأشار إلى أن “الامتحان الكبير” هو بعد أسبوع من سريان الاتفاق، آنذاك يوجد استحقاقان، الأول هو الفصل التنظيمي والجغرافي لكافة الفصائل الثورية عن تنظيم القاعدة الإرهابي العالمي، ويمثله في سوريا جبهة النصرة أو فتح الشام، هذا الاستحقاق يحب الالتزام به، وإلا فإن الثورة سوف تخسر الكثير سياسيا وعسكريا، وكنّا قد دعونا سابقا، مرارا وتكرارا، لمثل ذلك الفصل ولم تتم الاستجابة، أما الآن فيبدو أن الخيارات محدودة للغاية أمام فصائل مثل جيش الفتح وأحرار الشام.
أما الاستحقاق الثاني، بحسب آقبيق، هو إنشاء غرفة عسكرية مشتركة أمريكية روسية، يتعاون الطرفان من خلالها لاستهداف الجهات الإرهابية، وهذا التعاون يواجه معارضة داخلية في واشنطن، وبالأخص من البنتاغون، رغم أنه أعلن أنه سوف ينصاع لتعليمات البيت الأبيض، الذي وافق على اتفاق كيري لافروف ودعمه، إلا أن التنفيذ بحد ذاته يحمل بعض التحديات عندما يجد الضباط الأمريكيين أنفسهم على المحك مع نظرائهم الروس.
“أخيراً أقول، والكلام مازال لآقبيق، توجد قيمتان تفوقان أي شيء آخر: النفس الإنسانية، والحرية.. وهذه هي بوصلتنا في تيار الغد السوري، نريد إنقاذ الأرواح، وتحقيق الحرية لشعبنا من الاستبداد الذي جثم على صدورنا منذ عام ١٩٦٣. ونحن نمارس عملنا السياسي انطلاقا من هذه الأهداف والقيم الإنسانية”. مضيفا: “لذلك نحن ندعو كافة أطراف المعارضة السورية العسكرية والسياسية للتعاون مع اتفاق وقف الأعمال العدائية بشكل إيجابي لأنه يفتح المجال لوجود ضوء في آخر النفق”.
وختم آقبيق: “إن الانخراط الإيجابي يمكننا من تحسين الشروط من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة، وهذا يتطلب العمل وإجراء الاتصالات واللقاءات مع الطرفين الموقعين على الاتفاق، ومحاولة الحصول على ما يمكن الحصول عليه لخدمة الثورة والشعب، أما الشكوى والسلبية فلن تؤديان بنا إلى ماهو مفيد”.