يتواصل اهتمام الشارع السوري باتفاق الهدنة أو اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا الذي تم توقيعه بين الطرفين الروسي والأمريكي وسط تجاهل تام للنظام والمعارضة على أمل أن يضغط كل طرف على الأطراف التي تتبع له أو تنسق معه في سوريا بهدف إيقاف القصف اليومي والغارات على المناطق المدنية والمعارك والاشتباكات بين فصائل المعارضة والنظام وإدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة.
أيمن الأسود، عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري، أكد أنه بات من الواضح أن أي حلٍ في سوريا سيمر بمراحل متعددة ولا بد أنه سيستغرق عدة سنوات نتمنى أن ألا تكون عقوداً. فبعد أن ساهمت الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا في كل هذا الدمار، لم يعد بمقدورها اليوم إيجاد حلول سريعة حتى لو أرادت ذلك، على الأقل هكذا تدّعي.
وأضاف الأسود في تصريح للمكتب الإعلامي في تيار الغد السوري أنه، وبطبيعة الحال، فإن أي حلٍ في سوريا سيبدأ بمسائل إجرائية من مثل هدنٍ مؤقتة تمتد بعد ذلك إلى وقفٍ لإطلاق النار، يتخللها إيصال مساعدات إنسانية للمناطق المحاصرة، والمناطق المنكوبة، ويتبعها مفاوضات مطولة حول إطلاح سراح المعتقلين.
وأكد عضو الأمانة العامة في تيار الغد أن الهدنة التي بدأت مؤخراً نتيجة للاتفاق الأمريكي الروسي، مع صمودها النسبي لبضعة أيام، مرحب بها من معظم السوريين، بعد أن عانوا مرارة الموت والتهجير والاعتقال، وبعد موقف دولي لم يكن حاسماً تجاه ممارسات النظام ولو لمرة واحدة خلال السنوات الماضية، وبهذا المعنى، لا يمكن لأحد الحديث عن تفاؤل في هذا الاتفاق الذي لم نلحظ منه سوى لعب أطفال حلب ومناطق أخرى على الأراجيح في أيام العيد، بعد مرور أكثر من عشر أعياد كان عنوانها سحب جثث الأطفال من تحت الأنقاض.
واستدرك أنه مع الترحيب بهذه الهدنة، إلا أنها في أحسن الأحوال ليست أكثر من خطوة على طريق الألف ميل.. هناك عوامل عديدة تجعل هذا الاتفاق مريباً، أولها أن الروس ليسوا طرفاً حيادياً في المأساة السورية، وثانيهما أن استبعاد كل الأطراف العربية من لعب دور في هذا الاتفاق، وثالثهما يكمن في أنه لم يتم الحديث عن شكل النظام السياسي القادم، ولا عن وحدة الأراضي السورية، ولا عن خطط التنمية وإعادة الإعمار، ولا عن دور الأسد في المراحل القادمة، وكأن وقف القتل وحده هو فضيلة الفضائل، ورابعهما، وهو الأخطر، أن معظم بنود الاتفاقية بقيت طي الكتمان، وكأن الأمر يخص صفقة تجارية أو ما شابه ذلك، ولا يتعلق بمأساة شعبٍ كل طموحه أن يصبح حراً، ناهيك عن تسريبات كثيرة ليست بريئة، تتحدث عن التقسيم وعن بقاء الأسد في موقعه وما إلى ذلك.
ومن جهته أيضا قال عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري، مالك أسعد، إنه من دواعي سرورنا أن تمر عدة أيام على أغلب المناطق السورية بدون موت ودمار. هذه الحالة التي باتت أملا للمواطن السوري بعد أكثر من خمس سنوات من القتل والاعتقال والتهجير والحصار من قبل النظام، ولا حقا من نهج وممارسات فصائل معارضة كانت تدعي تمثيله لكنها انتقلت لمواقع لا مصلحة للشعب السوري بها، وهو واقع بين طرفين فقدا قرارهما لصالح الدولتين الأكبر تأثيرا، واللتين بنتا سياستهما على مقاس المصالح السورية سواء بالسر أو العلن مع الاستمرار بمحاولات الحصول على مكاسب بينهما على حساب المقتلة السورية.
وأشار أسعد إلى أن “تشابك الوضع السوري وتعقيداته وعجز الطرفين عن الحسم العسكري يدفعنا نحو ممر إجباري، هو الحل السياسي البعيد عن أوهام فرض شروط المنتصر من قبل الطرفين، وهو حل لن يكون بجدول زمني قصير ولا دفعة واحدة، فاستمرار الهدنة وتثبيتها، أي وقف القتل والدمار وفك الحصارات وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين، كمرحلة أولى، هو مكسب كبير ومطلب ملح للشعب السوري”.
مضيفا: وهنا نجدد النداء والدعوة لكل القوى الديمقراطية المدنية صاحبة المصلحة الحقيقية بمطالب وشعارات الثورة والشعب لتجاوز خلافاتها الصغيرة لأن ما يجمعها أكبر بكثير، وهو بناء دولة الحرية والمواطنة.