درس بوتين لأوباما في سوريا

قال الصحفي الأمريكي جاكسون ديل في صحيفة الواشنطن بوست إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق في سوريا، وبأقل التكاليف، ما كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يقول إن تحقيقه مستحيل، رغم أن إمكانيات روسيا أقل بكثير من قدرات الولايات المتحدة الأمريكية.

ونوه ديل في مقاله الذي نشره بعنوان “درس بوتين لأوباما في سوريا” إلى أن الجدل الأمريكي الكبير حول سوريا، حين لم يكن هناك تدخل من قبل فلاديمير بوتين، وجعلت من باراك أوباما الخاسر. وأنه ومنذ عام 2012، فإن أوباما يجادل بعناد أنه لا يوجد خيار عملي يسمح للولايات المتحدة بتدخل ولو محدود في الحرب الأهلية في سوريا.

وعرض ديل امتناع الرئيس الأمريكي بعناد وباستمرار عن التدخل في سوريا رغم محاولات عدة مسؤولين سياسيين وعسكريين أمريكيين مثل وزير الخارجية جون كيري وهيلاري كلينتون وديفد بترايوس وليون بانيتا وغيرهم دفعه لاستخدام القوة الجوية الأمريكية أو زيادة الدعم للمعارضة المسلحة ضد نظام بشار الأسد، حتى يجعل التسوية السياسية المحتملة في صالح أمريكا وحلفائها.

وأوضح الكاتب أن أوباما كان يتحجج دائما بأن أمريكا ستتورط في المستنقع السوري مثلما تورطت في العراق وأفغانستان وأن تدخلها سيفاقم الحرب الأهلية ويشجع “التطرف” ويفاقم الأزمة الإنسانية، وقال إن هذه المخاوف جميعها تحققت بعدم تدخل أمريكا، وأن بوتين أثبت الآن أن ما رفضه أوباما -وهو التدخل المحدود- من شأنه تغيير النتائج السياسية دون تكلفة كبيرة.

وأضاف أن ما انتهت إليه سوريا الآن هو انتصار روسيا وإيران ونظام الأسد فيها على حساب الولايات المتحدة وأصدقائها العرب وإسرائيل وتركيا، وأن واشنطن انتهت حاليا إلى أن يقدم وزير خارجيتها لبوتين كل ما كان يسعى إليه في سوريا والمتمثلة في هدنة تجعل قوات الأسد في وضع مسيطر حول حلب، وموافقة أمريكية بمشاركة القوات الروسية في قصف المعارضة بدلا من قصف قوات الأسد.

وأشار الكاتب إلى أنه وحتى إذا فشل وقف إطلاق النار الحالي فإن بوتين سيكون قد حصل على موافقة واشنطن على مبدأ أن المشكلة الرئيسية في سوريا هي المعارضة وليس النظام، مضيفا أنه في وقت يقوم فيه كيري بالدفاع عن الاتفاق الروسي الأمريكي الأخير بشأن سوريا على أنه يفتح الباب لتوصيل المعونات الإنسانية للمدنيين السوريين، يقوم نظام الأسد بعرقلة وصول هذه المعونات. وتوقع ديل أن يلجأ كيري إلى بوتين لإقناع الأسد والتوسط لديه بالسماح بنقل المعونات.

وقال ديل أيضا إنه وإمعانا في تصوير إدارة أوباما بأنها عاجزة تماما فإن كيري كان يتفاوض مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول انصياع بلاده لشروط روسيا في سوريا، في وقت تقوم فيه موسكو بقرصنة موقع الحزب الديمقراطي الأمريكي الحاكم.

وأشار الكاتب إلى أن بوتين يفرض حاليا ما يريد من سياسات في مناطق كانت تتبع للنفوذ الأمريكي، بعد أن كانت واشنطن قبل أوباما تفرض مشيئتها في مناطق تتبع للنفوذ الروسي مثل صربيا وكوسوفو وتقوم بتمويل المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان داخل روسيا نفسها.

وختم ديل: الآن بوتين هو أحد السياسيين الذين يفرضون نتاج سياسيتهم في مناطق سيطرة الولايات المتحدة كما يسعى بفجاجة إلى تعطيل النظام السياسي الأمريكي في هذه المناطق. والفرق ليس أن الولايات المتحدة الآن ضعيفة، كما كانت روسيا في التسعينات، ففي واقع الأمر هي أقوى بكثير من روسيا، لكن يبدو أن إفراغ الساحة بات خيار الولايات المتحدة الآن. أوباما، بطبيعة الحال، لا يرى الأمر على هذا النحو. حتى مساعدوه أحيانا يقفون على النقيض من توجهات رئاسته، وبعض أولئك المساعدين ممن خدموا مع بيل كلينتون يقولون إنهم لا يفهمون كيف تضاءلت قدرة الولايات المتحدة على فرض إرادتها دوليا خلال السنوات الـ 20 الماضية. ربما كانوا على حق. ولكن هذا لا يفسر عجز أوباما تجاه الوضع في سوريا، فيما أنجز فلاديمير بوتين ذلك الذي اعتبره أوباما ضربا من المستحيل.

تعليقات الفيسبوك