استضافت العاصمة النمساوية فيينا، يوم أمس السبت، قمة دول “طريق البلقان” حيث ناقش الزعماء الذين حضروها الحالة الراهنة لقضية الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وسبل التعامل مع القضية التي باتت عبئا اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا على هذه الدول.
وقد جرت القمة، التي نظمها رئيس الوزراء النمساوي، كريستيان كيرن، بمشاركة زعماء كل من النمسا وألمانيا واليونان ومقدونيا وصربيا وبلغاريا وألبانيا وكرواتيا ورومانيا وسلوفينيا وهنغاريا.
وفي كلمته التي ألقاها خلال القمة، دعا رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، إلى إنشاء “مدينة ضخمة خاصة باللاجئين” الأفارقة على سواحل ليبيا.
وأوضح أوربان أن مثل هذه المدينة من شأنها أن تشكل مركزا كبيرا عاما لتسجيل اللاجئين الذين يسعون إلى الحصول على حق اللجوء في الدول الأوروبية ودراسة طلباتهم بهذا الشأن ليتم توزيعهم لاحقا.
كما اعتبر رئيس الوزراء الهنغاري، في تصريحات صحفية أدلى بها عقب القمة، أن من الضروري أن تبرم بروكسل مع السلطات المصرية اتفاقا حول إنشاء مخيمات للاجئين خارج الاتحاد الأوروبي، على غرار الاتفاق مع تركيا.
وقال أوربان إن حوالي 5.5 ملايين شخص ينتظرون في مصر دورهم للانتقال إلى أوروبا، مشيرا إلى أن غياب مثل ذلك الاتفاق “قد يأتي بمفاجأة كبيرة من هناك”، لافتا إلى أن كلا من “ليبيا ومصر ستكونان لاعبين مهمين في قضية اللجوء إلى أوروبا في السنوات القريبة”.
بدورها، أكدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في مؤتمر صحفي عقد عقب القمة، أن على الدول الأوروبية أن تهدف “إلى وقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا لحد أقصى”، معتبرة أن الدول الأوروبية تمكنت من تحقيق تقدم ملموس في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، مقارنة بالعام الماضي، ومؤكدة على أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لليونان وإيطاليا في مواجهة أزمة للجوء.
وأضافت المستشارة الألمانية مع ذلك أنه “من الضروري توقيع اتفاقات حول الهجرة مع دول أخرى، وخصوصا في إفريقيا وأيضا مع باكستان وأفغانستان، حيث أصبح واضحا أن من لا يحق لهم البقاء في أوروبا سيرحلون إلى بلدانهم الأم”.
من جانبه، قال رئيس الوزراء النمساوي، كريستيان كيرن، إن “مشروع الوحدة الأوروبية سيواجه تحديات خطيرة” في حال عجز الاتحاد الأوروبي عن تحقيق تقدم جذري في حل قضية الهجرة غير الشرعية أو “فشل الاتفاق مع تركيا”، وأكد كيرن أن بلاده لن ترفع إجراءات المراقبة المشددة التي فرضتها سابقا على الحدود الجنوبية للبلاد لمنع وصول اللاجئين غير الشرعيين إلى أراضيها.
وأشار كيرن إلى أن أسباب زيادة تدفقات المهاجرين إلى أوروبا لا تزال قائمة، معتبرا أن من الضروري أن يبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقات حول الهجرة مع عدد من دول العالم، مثل نيجيريا ومالي، وقال كيرن: “لدينا تجربة ناجحة مع تركيا، ويجب علينا أن نوسع نطاقها”، وكشف رئيس الوزراء النمساوي أن الاتحاد الأوروبي قد يوقع “في مستقبل قريب” اتفاقا مماثلا مع أفغانستان.
هذا فيما أكد المفوض الأوروبي السامي للهجرة والشؤون الداخلية، ديميتريس أفراموبولوس، بعد اختتام أعمال القمة، أن تطبيق الاتفاق مع تركيا أولوية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي الذي ما زال يعتبره خطة “أ”، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق مكن من تقليص التدفق اليومي اللاجئين بشكل حاد، من حوالي عدة آلاف إلى عدة مئات من الأشخاص.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي وتركيا توصلا، في آذار/مارس الماضي، إلى خطة مشتركة لمعالجة أزمة الهجرة، بغية إيقاف تدفق المهاجرين وترحيل المقيمين بصورة غير شرعية في الدول الأوروبية مقابل إيواء الاتحاد الأوروبي نفس العدد من اللاجئين الذين قدموا طلباتهم بصورة قانونية لدى ممثلية الاتحاد الأوروبي في أراضي تركيا.
وفي مقابل مساعدة تركيا وعد الاتحاد الأوروبي بإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرات الدخول إلى أراضيه، لكنه لم يقدم على هذه الخطوة حتى الآن، بذريعة عدم وفاء الجانب التركي ببعض الشروط المطروحة، ومنها رفض أنقرة تغيير قوانينها في مجال محاربة الإرهاب، فيما هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مرارا بالانسحاب من الاتفاق حال عدم تطبيقه نظام الإعفاء من التأشيرات بحق مواطنيه الأتراك.