كتب امجد اسكندر في “المسيرة”:
لطالما اعتُبِرَ المزاج السُنّي في المشرق العربي مناهِضاً لأفكار اللامركزية والفدرالية، دائماً كان يبدو، عند رسم سيناريوهات اللامركزيات والفدراليات، أن المُكوِّن السُنّي هو المتضرر وليس المستفيد.
هذا الإعتراض الوجداني بدأت تحل محله مرونة فرضتها الأحداث المتسارعة منذ اندلاع الربيع العربي. ومما لا شك فيه أن احد مكامن نجاح السعودية في السياسة الخارجية، هو قدرتها الذكية، ومنذ أكثر من سبعين سنة، على استيعاب التحولات واحتواء الأزمات تمهيداً لتحويل الخصم حليفاً والمُناوئ مُحايداً.
مناسبة الكلام هي انعقاد المؤتمر التأسيسي لتيار “الغد السوري” الذي يتزعمه أحمد الجربا، الرئيس الأسبق “للإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”. انعقاد هذ المؤتمر التأسيسي ليس أقل أهمية من الإنسحاب الروسي او جولات مفاوضات جنيف. لا بل ربما هو حلقة غير منفصلة عن سلسلة الاحداث المتلاحقة في سوريا. المهم ان هذا المؤتمر التأسيسي باح “بكلمة السر” التاريخية، إذ أعلن الجربا أن سوريا الغد هي دولة “اللامركزية الموسعة”. واقترح “برلمانات أو مجالس محلية تقودها الحكومة المركزية في العاصمة”! أربع إشارات حملها هذا المؤتمر التأسيسي جديرة بأن تسترعي انتباه اللبنانيين.
1- ليست مسألة عابرة أن يَتَقَصَّدَ “تيار الغد السوري” دعوة حزبين لبنانيين هما: حزب “ القوات اللبنانية ”، وتيار “المستقبل”، خصوصاً أن الضيفَين، القواتي والمستقبلي، ألقيا خطابين باسم سمير جعجع وسعد الحريري! للأسف أن معاني هذ الحضور القواتي لم يأخذ حقه الإعلامي تحت وطأة يوميات نفاياتنا.
2- أحمد الجربا حليف وثيق للمملكة العربية السعودية، ومن عشيرة شُمَّر الواسعة النفوذ والمنتشرة في السعودية والعراق وسوريا. وبالتالي كلامه على “اللامركزية والمجالس المحلية”، يعني عدم وجود اعتراض سعودي حاسم، في عدم مناقشة هذا الاقتراح.
3- حضر أيضا ممثل لرئيس أقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الذي نال من الجربا مديحاً لافتاً، وثناءً مقصوداً. يبدو أن مطالبة بارزاني باستفتاء لإعلان استقلال اقليم كردستان. لم يشكل عقبة أمام العناية الخاصة التي عومل بها ممثله في المؤتمر!
4- طروحات تيار “الغد السوري”، حازت أوسع غطاء سُني في العالم العربي. فالسعودية كانت حاضرة بقوة في كلمة الجربا.
والمؤتمر كان في القاهرة وبحضور مصري عالي المستوى. ومَنْ أهم مِنَ القاهرة والرياض في منح التغطية السنية؟ ولم يكن بلا دلالات أن تتمثل دولة الإمارات “بالقيادي الفلسطيني” محمد دحلان المستشار الأمني لرئيس الدولة الامير خليفة بن زايد.
في بداية الثورة السلمية في سوريا رفع المتظاهرون في حمص لافتة كُتب عليها العبارة الشهيرة لسمير قصير: “ربيع العرب حين يُزهر في بيروت إنما يُعلن أوان الورد في دمشق”. تَعََّثَر العرب بربيعهم. و “ثورة الأرز” التي فتحت دروب الحرية، هي بدورها تعاني. ربما سبب معاناة “ثورة الأرز”، أنها لم تطرح نظاماً جديداً وأرادت أن تبني دولة جديدة بنظام عتيق وعاجز.
تبقى الآمال معلقة على سوريا الجريحة، وعلى “الغد السوري”. في انتظار أن يرفع شاب لبناني في ساحة الشهداء لافتة مستوحاة من عبارة سمير قصير، ولكن معكوسة الإتجاه. عبارة كُتِبَ عليها: “حين تُزهر اللامركزية في سوريا، إنما تُعلِنُ أوانَ الورد في لبنان”!
رد
بكل فخر ندعم الجربه وليس نحن السعوديون فقط بل على المستوى الاوروبي عامة
رد
الغد السوري هو مستقبل سورية الديمقراطية ولا مجال له إلا بتبني اللامركزية السياسية والتي هي واقعة في لبنان إلا أنها غير مؤطرة ضمن دستور توافقي من قبل الجميع لكي يتم الإلتزام بها وهي تمثل في الواقع أرقى أشكال الديمقراطية وتتبناها كل الدول المتقدمة وقبلها الأقاليم الإسلامية والمدنيات اليونانية التي خلت في بحر إيجة .
إنها ليست خيارا وإنما ضرورة وطنية لمجتمعاتنا فهي كمقاربة عصرية ربيع وورود وأزهار في كل الدول التي ابتعدت وأقلعت عن الأخذ بنظام الدولة المركزية وتبنت نظام الدول المتحدة او بما يسمى بالدول الإتحادية دول العيش المشرك ، وبناء عليه يجب علينا كسوريين ولبنانيين أن نزرعها معا ونوفر لها البيئة الحاضنة المناسبة وندعها ترى النور ونرعاها ونصونها ونحميها بكل ما أوتينا من قوة