عندما يتدخل الغاز في السياسة 

عندما نسمع ان الاعلامي ماجد عبد الهادي قد اعد تقريرا عن دولة ما؟ نبادر بالقول: على تلك الدولة السلام ، وعندما نزل عبد الهادي بعدته وعتيده ليناصر الثورة السورية، اعتبرنا ذلك نصرا ومكسبا نوعيا للثورة، خاصة عندما يأتي من فلسطيني خبر القمع وتكميم الافواه ، لكن “اكل العيش” يومي ، والشعارات لن تجلب الامان لصحافي بلاوطن ، فلامانع اذاً من الضرب بسيف السلطان خاصة ان كان هذا السيف يحمل شعار الثورة السورية .

الحكاية بدأت عندما اعلنت مجموعة معارضين بقيادة احمد الجربا عن ولادة تيار سياسي جديد مكون من فريق منسجم عمل سويا على مر السنوات الاربعة الماضية في المجلس الوطني وطفله الغير شرعي “الائتلاف المعارض” ومن ثم شارك بتاسيس منصة القاهرة، فمنصة الرياض وهيئتها العليا وفريقها المفاوض .. فقامت الدنيا ولم تقعد ضد هذا التيار متخذين شعارات الثورة السورية وثوابتها كأسباب لهذا القذف السريع بينما كانت هناك اسباب اخرى تتطلى وراء الثورية المفاجئة .

ومن ضمن هذه الحملة كانت مقالة الصحافي ماجد عبد الهادي في صحيفة العربي الجديد التي اتت لتكمل المعزوفة ضد تيار الغد السوري وضد شخص احمد الجربا يقودها صاحب الاوكسترا، ونقصد دولة قطر .

عندما تبدأ الحملة ببوستات للصحافي البارز الدكتور فيصل القاسم وتليها اقلام اخرى محسوبة على قناة الجزيرة او دولة قطر اخرها مقالة عبد الهادي في العربي الجديد بما يربط تلك الصحيفة بفيلسوف الامة عزمي بشارة وعلاقة الفيلسوف بالحكم بقطر ، ويؤازر الحملة التيار الاخواني السلفي ، نفهم ان الحملة مبرمجة ومنظمة تستهدف اغتيال مجموعة الغد السوري سياسياً.

في الحقيقة هناك اسباب عديدة واضحة ومعروفة لتفسير هذه الحملة ، لعل اولها رعاية الحكومة المصرية لانطلاقة هذا التيار الامر الذي يجعل قطر في الضفة الاخرى لاسباب تتعلق بموقف مصر من الاخوان المسلمين دون علاقة ذلك بالملف السوري ، فالقضية اذا ًكرها بعلي وليس محبة بمعاوية .. ولن نخوض هنا بموقف مصر من الثورة السورية والسوريين لان مقارنة بسيطة لهذا الموقف بموقف دول الجوار مثل تركيا التي فرضت الفيزا منذ اشهر على السوريين واغلقت حدودها بوجه اللاجئين منذ عام اضافة للاجراءات اللبنانية وقبلها الاردنية ومن قبلها العراقية حولت سورية الى مسلخ جماعي يتشارك فيه الاسد وداعش بتحويل سورية الى جحيم.

ثاني تلك الاسباب هو حضور القيادي الفلسطيني محمد دحلان لحفل افتتاح تيار الغد ، الامر الذي جعل قطر فورا في الضفة الاخرى، لاسباب تتعلق بحماس والفيلسوف عزمي بشارة تحديدا، ولامانع بالتطبيل بالعلاقة مع اسرائيل التي تحتفظ قطر نفسها بعلاقات استراتيجية معها طالما ان موضوع فلسطين لازال يجلب “بعض الزباين “.

اما ثالثة الاثافي فكانت موقف التيار الوليد ضد الحركات الاسلامية السياسية كالاخوان المسلمين والتنظيمات الجهادية الاصولية والتي نعرف جميعا دعم دولة قطر لها سياسيا وماليا قبل الانذار الامريكي الذي حجم هذا الدعم فاقتصر على الدعم الترويجي في الجزيرة والاعلام فكانت مقالة الاخ ماجد عبد الهادي .

صحيح ان “الرزق يحب الخفية ” لكن مقالة عبد الهادي كانت خفيفة جدا ، بل افترت على الوقائع وحاولت تفسير المجريات تفسيرا قسريا من خيال مليئ بالسموم لاننا نترفع عن وصفه بالسذاجة وعدم المعرفة .

بدأ المقال بالاعتراض على انضمام “مناضلون تاريخيون ومحترمون، يتقدّمهم ميشيل كيلو، سامحهم الله وسامحه، خلف انتخاب الجربا، وصار مئات آخرون من رفاقهم، يعملون تحت قيادة الرجل” و هنا نثبت  مقولتنا عن بعض الدول التي تسمي نفسها صديقة للشعب السوري حيث كانت ولازالت مع افشال اية وحدة للمعارضة السورية طالما هذه الوحدة كانت وطنية جمعية لاتدور في فلك تلك الدولة.

ويتابع المقال عن ولاية الجربا المستمرة سنة في قيادة الائتلاف “نجاحاتٍ نادرة وإخفاقات كثيرة، ناهيك عما ثار خلالهما من زوابع عاتية داخل الائتلاف نفسه”.. من متابع قريب ومقرب اختلف مع الجربا بسبب دعمه للائتلاف اثناء ولايتيه اقول اننا لم  نشهد  الاخفاقات الكثيرة بل شهدنا كل النجاحات التي حققها الجربا ونسبت زورا لائتلاف صمم في اقبية المخابرات الدولية برعاية قطرية وسيطرة اخوانية واغلبية من مرتزقة سوريين.

ان الائتلاف الحالي الذي يستجدي لقاء ساعي بريد باحد السفارات الغربية التقى بولاية الجربا بالرئيس الامريكي اوباما  الى باقي قائمة الرؤساء ، كما ان الوحدة الوطنية “والتمديدات الصحية” التي يتغنى بها بقايا الائتلافيون اليوم كانت باصرار من الجربا وفريقه فكان دخول المجلس الوطني الكردي للائتلاف وتوقيع اتفاقية سياسية بين الكورد والائتلاف والتي ماكانت لتتم لولا علاقة الجربا بالرئيس مسعود البرزاني رغم معارضة مطبلو اليوم وهذا مثبت بمحاضر جلسات الاتلاف كما اسماه الامير حمد عندما اطلقه من الدوحة..

اما مفاوضات جنييف وخيار الشجعان “اليوم” فكان مثار تخوين الجربا وفريقه رغم ان الجربا خاض المفاوضات دون التنازل عن حرف واحد من ثوابت الثورة لدرجة ان السفير الامريكي فورد قال لي حينها انصح صديقك الجربا ان يعتمد خطابين احدهما للسوريين والاخر لنا وليس كما يعمل الان اذ قام بتقريعنا علنا وحملنا المسؤولية واعاد نفس الكلام بالغرف المغلقة فيما بيننا.

مفاوضات جنييف التي جمد حوالي خمسون عضوا من الائتلاف عضويتهم اعتراضا على التفاوض هم انفسهم من تسابقوا لهاثاً لاضافة اسمائهم على لائحة الرياض ومن ثم استعانوا بكل عسف المخابرات العالمية ليفرضوا انفسهم على وفد الرياض التفاوضي بقيادة زعيمهم الذي علمهم السحر خالد خوجه رئيس الاتلاف المعترض على مفاوضات جنييف2 اللاهث في جنييف 3 .

علما ان مفاوضات اليوم كانت حفلة تعري فاضح للمعارضة السورية والتي جعلت الجربا نفسه وهو عضو الهيئة العليا للتفاوض يستنكف عن الحضور والمشاركة بعد الجلسة الاولى اثر السباب والتضارب بين الائتلافيين ، فرياض سيف يتهم خوجا بانه تركي والاخر يرد بان نشار وصبرا ايضا اتراك .. علما ان هؤلاء كانوا ضد التفاوض ومعم رئيس الهيئة رياض حجاب نفسه .. فالقضية هي من يفاوض وليس هل نفاوض؟.

يتابع مقال عبد الهادي ” استقر الجربا من دون إعلانٍ رسمي، في القاهرة، وحرص فيها على أن يكون الحديث عن محاربة الإرهاب، لا إسقاط نظام الأسد” ولم يطل الوقت كثيراً لبلوغ المحطة المريبة أكثر في سيرة الجربا، عندما أعلن تأسيس “تيار الغد” في مؤتمرٍ احتضنه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضره ضيوف كثر، أبرزهم وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ومندوب عن السفارة الروسية، ومسؤول الأمن الوقائي الفلسطيني السابق، محمد دحلان ” هنا تجنب الجربا مجدّداً أية إشارةٍ إلى إسقاط الأسد، وردّد في بيانه التأسيسي كلاماً استهلاكياً عن قيام سورية لا مركزية، تؤمن بالتعددية والاختلاف، قبل أن يقفز قفزته .

ويبعث رسائل إلى إسرائيل، عارضاً إجراء مفاوضاتٍ مع حكومة بنيامين نتنياهو. ووفق معلومات نشرتها صحيفة معاريف، فإنها تلقت رسالة بالعبرية من “تيار الغد” إلى الرأي العام الإسرائيلي، تؤكد الالتزام بأمن إسرائيل، كما أرسل الجربا رسالةً شفوية عبر “مصدر عربي إسرائيلي”، تفصح عن اهتمامه بالتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية” وهنا سلسلة من الافتراءات الرخيصة .. فالجربا لم ينتقل للقاهرة الا بعد التضييق التركي عليه علما ان مكتبه وبيته لازالا مفتوحين في استانبول املا في اذابة جليد برود العلاقة مع تركيا ، اما الحديث عن الارهاب فيحسب لنا لاضدنا ، بل هذا موقف ميزنا مبكرا عندما كان عتاولة قطر في المعارضة السورية يمجدون انتصارات داعش وجبهة النصرة.

اما عن السكوت عن بشار الاسد وجرائمه فنتحدى هنا اي شخص يأتي بخطبة تلفزيونية او شعبية او مقال او تصريح للجربا لايعلن فيه عن اسقاط نظام الاسد ، بل لا نخفيكم ان عدم الاشارة بوضوح لمصير الاسد في وثائق القاهرة الاولى اثر اعتراض احد المكونات كان سيتسبب بانسحاب الجربا مع فريقه فتمت اضافة عبارة ” لادور للاسد …” كما ان هذا الفريق قد رفع اعلام الثورة السورية في داخل قاعة الاجتماعات ووضعت امام كل مشارك رغم اعتراض كل الفرقاء الاخرين بمن فيهم هيئة التنسيق الشريك الحالي للاتلاف في مفاوضات بشار.

يبقى الحديث الذي اسماه صديقنا “بالاستهلاكي” عن سورية اللامركزية والتعدديه فهو مانفتخر فيه لانه يقدم حلولا واقعية للدعوات الانفصالية والفيدرالية ، علما ان مندوبين عن سفارات غربية كانوا حاضرين و لعل اضعفهم تمثيلا كان المندوب الروسي.

اما عن العلاقة مع اسرائيل واعتماد ماجد عبد الهادي الصحافة الاسرائيلية كمرجعا لايأتيه الباطل بين يديه فهذا يجعلنا نطالبه بتصديق كل ماتقوله تلك الصحافة نفسها عن العرب والفلسطينيين وقطر .. علما ان ماجد نفسه قد قول معاريف الإسرائيلية  مالم تقله وتحدث عن التزام الجربا بأمن اسرائيل ناهيك عن رسائل ومفاوضات مع نتنياهو .. ونتحداه كما تحدينا زملائه في قناة الميادين ان ينشروا تلك الرسالة المزعومة او على الاقل من نقل الرسالة الشفوية ..الا اذا كان عبد الهادي نفسه من كتب المقال وبطريقه تلك الرسالة.

عمار قربي، أمين سر تيار الغد السوري

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق