كثيرة هي الملفات التي يعمل عليها تيار الغد السوري بهدف إيجاد حلول للمعضلات التي يعاني منها السوريون في الفترة الراهنة، ومع أن المعضلة السياسية هي الشاغل الأساسي للتيار؛ إلا أن الأوضاع والظروف التي يعيشها السوريون على كافة الصعد موجودة وحاضرة في كل نقاشات وبرامج وطروحات التيار، وتعتبر قضية المرأة من أبرز القضايا التي يهتم بها التيار، وللاقتراب من هذا الملف والتعرف عليه حاورنا مزن مرشد عضو المكتب السياسي في التيار.
حيث أكدت مرشد أن تيار الغد السوري مهتم ومعني بموضوع المرأة السورية خصوصا في الفترة الراهنة، ويعمل حثيثا لاقتراح حلول وطرح مبادرات وتنبي مشاريع من شأنها النهوض بواقع المرأة السورية الحالي التي تعاني ويلات اللجوء والنزوح وفقد المعيل وتحمل أعباء الأسرة، كما يسعى التيار ليكون للمرأة دور أساسي في حل المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها السوريون، وأهمها مشكلة التشظي والانقسام المجتمعي الذي يهدد وجود سوريا كدولة موحدة ومستقرة.
وعلى صعيد ظروف المرأة السورية سياسيا وقانونيا واجتماعيا واقتصاديا قالت عضو المكتب السياسي إن تيار الغد السوري سيسعى إلى أن تجد المرأة مكانها الطبيعي في العمل السياسي والمجتمعي في سوريا القادمة، وأن لا يكون وجود المرأة في العمل السياسي مجرد “كوتا” نسائية أو مجرد استكمال للمشهد، وذلك بمساعدة قوانين جديدة تعطيها حقوقها وتحفظ مكانتها بما ينسجم مع فكرها ومواكباً لنضالها ومقدراً لتضحياتها، وكذلك الحال بالنسبة لما تتعرض له المرأة السورية من انتهاكات خطيرة في حقوقها وسلامتها وحريتها في الوقت الحالي أكدت مرشد على أن القانون هو الحل لإنصاف المرأة ومنحها حقوقها المهدرة.
نص الحوار:
تيار الغد السوري يعرف نفسه بأنه تجمع وطني يشكل أرضية لعمل منظم يعي أثر التحولات العميقة التي أحدثتها الثورة السورية في واقع المجتمع السوري والتغييرات البنيوية في أولوياته وطنيا وإقليميا وقوميا وإنسانيا، ومن هذه التحولات الظروف والأعباء التي باتت المرأة السورية تعيشها وتتحملها، فماهي أهم المشكلات التي يرصدها التيار في هذا الجانب وكيف يسعى لإيجاد حلول لها؟
– المشكلات الراهنة كثيرة وشائكة ولها عدة جوانب متداخلة لا نستطيع أن نقول أن هناك مشاكلات أهم من سواها، لكن ما نراه ملحاً الآن هو النساء اللواتي بتن وحيدات بلا معيل وهن كثر.. أعداد ليست قليلة على الإطلاق في دول الجوار وهذه تنقسم إلى نوعين: نساء قادرات على العمل وإعالة أنفسهم ونساء غير قادرات.
وبالنسبة للفئة الأولى؛ فنحن لدينا أكثر من اقتراح لمشاريع في دول الجوار يدرس التيار إمكانية تنفيذها، من شأنها أن تتيح فرص عمل جيدة للسيدات، وبعض الرجال أيضاً لكنها مشاريع موجهة بالأساس لتشغيل النساء كما ذكرت. أما بالنسبة للفئة الثانية فلهن مشاريع أخرى تندرج ضمن العمل الخيري والإغاثي لتأمين عيش كريم لهن، وهذا على صعيد مرحلي قريب.
أما نساء الداخل اللواتي تقع عليهن أعباء كبيرة للغاية فهن الثكالى والأرامل والمناضلات والصابرات، هؤلاء من نحاول التواصل معهن خاصة بالمناطق المحررة لندرس إمكانية مساعدتهن آنيا وعلى المدى الطويل.
أما في استراتيجيات عملنا فالسعي سيكون على أكثر من مستوى لتحسين وضع المرأة السورية، واشراكها بالحياة السياسية لتكون فاعلة في الحياة العامة.
الواقع السوري في الفترة الراهنة يشهد تشظيات عمودية وأفقية معقدة، وخصوصا بين المناطق التي تحررت خلال الثورة من سيطرة النظام والأخرى التي بقيت موالية له؛ كيف يرى التيار هذا الواقع، وماهي السبل التي يراها كفيلة بمعالجة هذه الحالة وما نجم عنها من تنافر وتباعد بين أبناء المجتمع، وهل يمكن للمرأة السورية أن يكون لها دور في ردم الفجوة الاجتماعية الحاصلة في سوريا وكيف؟
– لدي قناعة مطلقة بأن النساء هن الحامل الاجتماعي الحقيقي منذ الأزل وإلى الأبد، ومن هذه القناعة أستطيع أن أكون واقعية عندما أجيب بنعم.. نعم المرأة السورية قادرة على إدراك الواقع وتشظياته، وستكون قادرة على ردم الهوة والنضال الفاعل في ردم الفجوات الحاصلة اليوم.. بالطبع نحن لا نتوقع أن تكون الأمور على ما يرام بين يوم وليلة، كل شيء سيحتاج إلى وقت خاصة بعد ما وصلنا إليه من تفتيت في المجتمع السوري وانقسامات وخسائر بشرية ومادية ونفسية أيضاً.. الطريق طويل وشاق وأكاد أجزم أنه لم يبدأ بعد.
أما كيف فذلك سيعتمد على دراسات معمقة لأحوال المناطق حسب البيئة المستهدفة ولكل منطقة في سوريا خصوصيتها، لكن البداية هي في إعادة الثقة بين المواطنين والتوجه إلى التعليم والتوعية والعمل.
ظروف ووضع المرأة السورية سياسيا وقانونيا واجتماعيا واقتصاديا قبل الثورة كانت أقل بكثير من المرجو والمتأمل، وبعيدا جدا عما كان يدعيه النظام ويروج له إعلاميا من تطوير وتحسين، وخلال الثورة تحسنت بعض هذه الظروف وأوضاع وساءت أخرى، ماهي رؤية التيار في هذا الموضوع، وماهي خطوطه العريضة التي يتبناها كبرنامج سياسي سيعمل عليه في الفترة المقبلة عندما يكون له دور في إعادة بناء سوريا وتطويرها سياسيا وقانونيا وحقوقيا؟
نحن نؤمن أنّ المجتمع السوري، امتلك عبر تجربته التاريخية، فائضا من الرحابة الإنسانية يؤهله لاستيعاب متبادل، حيّ، ومبدع، لكل مكوّناته، وبالتالي ستجد المرأة مكانها الطبيعي في العمل السياسي والمجتمعي في سوريا القادمة بمساعدة قوانين جديدة تعطيها حقوقها وتحفظ مكانتها وتحاسبها إن أخلت بواجباتها. ونحن نرى أن منطلق أي عمل جاد للنهوض بالحياة السياسية السورية ينطلق من قوانين ضامنة للحقوق والواجبات.
في موضوع القضاء والعدالة والأحوال الشخصية؛ وصل الواقع لحالة شديدة القتامة والفوضى وخصوصا بالنسبة للمرأة السورية وما تتعرض له من انتهاكات خطيرة في حقوقها وسلامتها وحريتها، كيف ترين سبل حل هذه المعضلات التي انعكست على الأسرة السورية وبالذات المرأة السورية بمزيد من المعاناة والمخاطر؟
– القانون هو الحل.. لا أرى أي حلول ناجعة بعيداً عن وجود قوانين ضامنة وحامية وحيادية بحق النساء، فمهما بلغ التغير الاجتماعي مرحلة متطورة وإيجابية تجاه النساء لا يمكن أن يؤدي هذا إلى إنصاف النساء وإعطاءهن حقوقهن إلا بوجود القوانين الضامنة لهن.. فعلى سبيل المثال؛ سوريا من الدول التي وقعت على اتفاقية حقوق المرأة “سيداو” لكنها تحفظت على أكثر من بند ضمن الاتفاقية، ولم تعمل حكومة النظام على تغيير القوانين القديمة التي تتعارض مع الاتفاقية، مع العلم أن التوقيع يلزم بإجراء تعديلات قانونية لضمان تنفيذها لكنها لم تنجز.
نحن نلتزم بالبناء والمشاركة والعمل على إنشاء منظومة قانونية جديدة تحفظ حقوق الجميع دون استثناء وتركز على حقوق النساء وانصافهن.. القانون المنصف والمحاسبة الجادة هي المنقذ الوحيد للتردي الذي وصل اليه المجتمع السوري.
رغم الدور الكبير والمؤثر للمرأة السورية خلال الثورة، نلحظ بوضوح ضعفا وندرة لدور المرأة في العمل السياسي السوري حاليا، وحتى في تيار الغد، ورغم وجود أسماء معروفة لسيدات سوريات قدمن الكثير لسوريا خلال الثورة وقبلها، إلا أن هذه الأسماء مازالت تشكل نسبة ضئيلة بالنسبة لأعداد الرجال، بماذا تفسرين هذا الواقع وما هي رؤيتكم لتغييره وتطويره ليكون للمرأة دور وحضور قوي وفاعل ومؤثر في التيار وعلى الساحة السورية في المستقبل؟
– لم تكن المرأة غائبة عن العمل السياسي السوري في أي وقت من الأوقات، ولكن الظروف الاجتماعية السائدة لعبت دوراً كبيراً في تهميش النساء في الحياة العامة عامةً والسياسية خاصة، إذ كانت وما تزال محكومة بتقاليد البيئة الاجتماعية المحيطة وحكم العادات والتقاليد، والخوف من قوانين غير منصفة بحق النساء.
إلا أن المرأة السورية استطاعت كسر التابوهات وولجت إلى عالم السياسة من بابه الواسع منذ بدايات القرن الماضي، وإن كانت أعداد النساء أقل بكثير من أعداد الرجال إلا أن تأثيرها كان واضحا واسمها كان حاضرا في شتى الحركات السياسية والمدنية والحقوقية.
سوريا اليوم اختلفت، سوريا دفعت الكثير من الدماء في سبيل الحرية والكرامة، وكانت تضحيات المرأة السورية كبيرة جدا في المعتقلات والعمل المدني والاستشهاد والفقد والنضال السياسي.
في سوريا القادمة لن يكون وجود المرأة في العمل السياسي مجرد “كوتا” نسائية أو مجرد استكمال للمشهد، بل نسعى ليكون التمثيل النسوي حقيقي وفاعل ومنسجم مع فكرها ومواكباً لنضالها ومقدراً لتضحياتها ومكانتها، فهي عقل فاعل لا يقل، على الإطلاق، عن السياسيين الرجال.
خاص بتيار الغد السوري
أجرى الحوار عبدالرحمن ربوع