مكتب التيار بغازي عينتاب يناقش الأيديولوجيا والمشروع الوطني بسوريا

تحت عنوان “أثر الأيديولوجيا على إخفاق المشروع الوطني في سوريا” عقدت في مقر تيار الغد السوري بمدينة غازي عينتاب التركية، يوم أمس الثلاثاء، ندوة استضافت الأستاذ الباحث حسن النيفي...

تحت عنوان “أثر الأيديولوجيا على إخفاق المشروع الوطني في سوريا” عقدت في مقر تيار الغد السوري بمدينة غازي عينتاب التركية، يوم أمس الثلاثاء، ندوة استضافت الأستاذ الباحث حسن النيفي الذي عرض لتاريخية الخطابات النهضوية في سوريا وأنها خطابات وافدة على المجتمع السوري لم تلق ترجيبا أو إقبالا يؤهلها لقيادة مشروع وطني سوري.

وقد تحدث حسن النيفي عن سبب إخفاق هذا المشروع من خلال ملاحظات أولية تم عرضها بشكل تسلسلي، حيث عزا ذلك إلى ما شهدته عشرينيات القرن الماضي من تراجع واضح للخطاب النهضوي في سوريا.

وتحت عنوان “أزمة الآخر” شرح النيفي كيف أبدى القوميون والماركسيون انفتاحاً ثقافياً على الغرب إلا أن هذا الانفتاح كان مسكوناً بعداء سياسي شديد، فالغرب هو الاستعمار الذي هو أصل البلاء والتجزئة بالنسبة للقوميين، أما الإسلاميون فوجدوا في الموروث الإسلامي ما يغنيهم عن أية إضافة خارجية.

كما تحدث عن الحوامل السورية للأيديولوجيات، حيث ظهرت على تفاوت نسبي من حيث الأسبقية، إلا أنها أخذت دور التبلور بعد الاستقلال، ومن أبرز عوامل تبلورها حدوث النكبة في عام 1948 وظهور الاتحاد السوفياتي وظهور اتفاقية سايكس بيكو، وأكد النيفي على أن مجمل العوامل السياسية التي تلت الحرب العالمية الأولى لم تسهم  فقط في دفع هذه الأيديولوجيات بل أسهمت في توفير الطاقة التعبوية والدعوية والترويجية لها.

وتطرق النيفي إلى النمط المؤسس (بفتح السين)؛ والذي تمثل بحسب رأيه، في مجمل النتاج الثقافي الذي اعتمد على مرجعيات سابقة باعتبارها “نظريات كونية” قادرة على تقديم إجابات وحلول مستدامة لكل مستجدات الواقع، ونوه النيفي إلى أنه ثمة إشكاليتان مازالتا موضع جدل وخلاف دائم في أوساط التيار الإسلامي، وهما الخلافة وأصلها الشرعي “الحاكمية”، ويكاد يكون مبدأ “الحتمية” قاسماً مشتركاً بين الإسلاميين وخصومهم الماركسيين، وذلك وفقاً لشمولية وكونية النظريتين.
أما النمط المؤسس (بكسر السين) بحسب النيفي، فبالرغم من التأثير الواضح لرواد الفكر القومي العربي على نشوء القوميات، وبخاصة النظرية الألمانية في نشوء الأمة ألا أن جهداً كبيراً قد بذله بعض المفكرين القوميين العرب من أجل تكييف المعطى الثقافي الغربي مع الواقع العربي الراهن آنذاك، وعلى امتداد عقود من الزمن، يبقى الحديث الزاخر بالعنفوان عن الوحدة العربية مقروناً بتحرير فلسطين والقضايا الكبرى الأخرى.

وأكد النيفي خلال ندوة مكتب تيار الغد السوري في غازي عينتاب على أن معظم الأيديولوجيات التقليدية في سوريا، ثمة سمات تجمع بينها، وأبرزها “الطوبانية”، وقد رفض سيد قطب المنطق الإصلاحي الديني كما رفض لينين الفكر الإصلاحي لـ”فرسان الأممية الثانية”. ومن سماتها أيضا “حيازة السلطة” واعتبار تقلد مقاليد الحكم السبيل لقيادة المجتمع نحو النهضة، وليس العمل على إيجاد عوامل النهضة. وأيضا هناك “الحتمية”.. حتمية انتصار الإسلام لأنه هو الحق من عند الله، و”الشمولية” و”الاقصائية” حيث كل طرف يرى في نفسه البديل الناجز ووجوده يقتضي زوال الآخر.

ثم تحدث النيفي أن معظم هذه الأيديولوجيات انتهت إلى “الانفجار”، وعوامل انفجارها كانت من داخلها في الغالب، أما ما بقي منها فهو في حالة تشظي وانفلات فكري.. وأضاف: لقد آذن فشل هذه الأيديولوجيات بظهور مجمل موبقاتها، ما انعكس على النشاط الفكري والثقافي طيلة عقود من الزمن.

وأكد الباحث أن نقد الأيديولوجيات التقليدية لا يعني بحال من الأحوال أنها لم تقدم أو تراكم كمّاً معرفياً أو إرثاً ثقافياً يمكن الاستفادة منه؛ بل فيه الكثير من الفائدة لو كان قد جاء في نسق تكاملي يكمل بعضه بعضا. ونوه النيفي إلى أن كل منظومة فكرية قد برعت بجانب معرفي محدد، ولو كانت أبواب ونوافذ هذه المنظومات الأربع مفتوحة لأنتجت بناء معرفيا جليلا يمكن الركون إليه واعتباره مدخلاً نهضوياً حقيقياً إلى عالم الحداثة والديموقراطية، وهذا ما نرنو إليه ونتمناه.

هذا وقد تناولت المداخلات التي قام بها الحضور بعض الأسئلة الحوارية البناءة والتي أثرت النص البحثي الذي عرض له الأستاذ حسن النيفي، لتبقى بعض الأسئلة الجدلية حول هذا الموضوع بحاجة للمزيد من البحث والمناقشة، وربما تستكمل في بحث قادم وندوة أخرى من الندوات التي ينظمها مكتب التيار في غازي عينتاب.

تقرير الندوة أعدته رمزية سرحان المسؤولة الإعلامية في مكتب غازي عينتاب

 

من ندوة التيار ندوة التيار ندوة غازي عينتاب

أقسام
الأخبار المميزةنشاطات التيار

أخبار متعلقة