الجعجعة دولية.. والطحن لعظام السوريين


بعد أكثر من خمس سنوات من عمر المقتلة، أصبح من البديهي القول أن ما يَهُم صنّاع الموقف الدولي تجاهها هو كسر إرادة السوريين الأحرار.. 

ولعل من أخطر ما تمارسه...

بعد أكثر من خمس سنوات من عمر المقتلة، أصبح من البديهي القول أن ما يَهُم صنّاع الموقف الدولي تجاهها هو كسر إرادة السوريين الأحرار.. 

ولعل من أخطر ما تمارسه دول القرار العالمي في هذا الصدد هو التعاطي المتدرج مع نظام الأسد، الذي بدأ بمواقف متشددة ومع مرور الوقت أصبحت لينة وتكاد تكون داعمة، وخصوصا تلك الدول التي رفعت “السقف” عالياً في أول الأمر، وأعلنت وقوفها خلف الجماهير العريضة التي خرجت تهتف للحرية والكرامة.

بدأت السيمفونية بـ”على الأسد أن يرحل”، وسرعان ما أمسى الهزبر عدواً من بين عدة أعداء ، إلى أن صار ليس العدو الأول، إلى نزع صفة العداوة عنه، وصولاً إلى اعتباره شريكاً في قضايا مثل مكافحة الإرهاب.

وتأجج الحديث عن التشدد الديني والقوى الظلامية مع بزوغ نجم تنظيم داعش المفاجئ، وتمدده خلال أسابيع في مساحات شاسعة من العراق وسوريا، وبدأت الماكينة الإعلامية الغربية بالحديث عن أهوال الخطر الداهم على العالم، ثم كان التحالف الدولي على الإرهاب الذي أُريد له أن يبدو عاجزاً عن تحجيم الخطر القادم من القرون الغابرة، علماً أن عدد أفراده لا يتجاوز الثلاثين ألفاً وفق التقديرات الأمريكية نفسها.

وقفزت آثار تدمر إلى الواجهة لتغطي على المجازر والدمار اليومي، فالتراث الإنساني في خطر وأن هناك مأساة يعيشها طائر مهدد بالانقراض، مع أن داعش وقتها قطعت عشرات الكيلومترات في صحراء جرداء تحت سمع وبصر أجهزة الاستخبارات العالمية.

 وهكذا أصبح النظام عدواً أقل وحشية وها هو قاب قوسين من أن يصبح المدافع عن مصالح الوطن وأساس الحل وهو الحمل الوديع في غابة الذئاب.

بالتوازي، كان العزف على وتر التصريحات الطنانة، فمن “لن نسمح بحماة ثانية”، وطبعا سُمح في المحافظة الواحدة بعشرين حماة، إلى زيارة السفير الأمريكي للمدينة مع خروج مئات الآلاف من أهلها متفائلين بهذا التفهم الدولي ولكن ما أن يولي الدُبر حتى تُرتكب المجازر، وغير بعيد عن ذلك تعزية السفراء الغربيين بغياث مطر في داريا، لتتكرر المعزوفة المشروخة.

وتجلت أقوى ضربة لمعنويات الشعب السوري في مسرحية تسليم الكيماوي بعد أن توقع السوريون أن العالم سيضع حداً لهذا الإجرام، إلا أن الجبل تمخض ليلد فأراً، وكانت الصفقة الصفعة واشتعل مؤيدو النظام فرحاً وسخريةً من السوريين الذين صدِّقوا أن في هذا العالم من يُحاسِب!.

مفاوضات جنيف، ولقاءات عديدة في باريس وفيينا وبروكسل، هي الأخرى أدوات في يد القرار الدولي أما تفاصيلها فلا تصلح إلا مواداً للاستهلاك الاعلامي وحسب، يستغل منصاتها مندوب النظام بشار الجعفري ليحاضر عن العفة وتحرير القدس والجولان واسترجاع بلاد “زهزهستان”، ولا من حسيب أو رقيب، وكأنهم يريدون له أن يكون “القوة التي لا تُقهر”! أما موضوعة هيئة الحكم الانتقالي كامل الصلاحيات فما هي إلا صفحة في كتاب ألف ليلة وليلة.

عن المنطقة العازلة، حدِّث ولا حرج..

وليس من باب المصادفة أن أُعطيت إسرائيل فرصة علاج كل جريح يوضع على حدودها في أرقى المشافي وبكل تقدير وعناية واحترام، بيما الجرحى في الداخل ودول الجوار في نزف يومي أظهر عجز دول الخليج الغنية عن علاجهم على نفقتها.

يتدفق مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا، يغرق منهم الآلاف بفضل قوارب الموت في الوقت الذي كان بإمكانها استقبالهم بطرق أكثر آدمية وبدون أن يؤول مصير بعضهم إلى طعام مجاني للأسماك.

وليست حكايا مضادات القمل والناموسيات والواقي الذكري التي دخلت إلى داريا مؤخراً آخر ما سيتفتق عنه عقل مبرمجي الموقف الدولي، هم فقط معنيون بأن تكون الأمم المتحدة بلا حول ولا قوة أمام “جبروت” بشار.

الأسوأ لم يأت بعد، فهناك المزيد تحت قبعة الساحر الذي يقدم عروضه على مدار الساعة على حلبة السيرك العالمي.

 

أيمن الأسود عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري

أقسام
الأخبار المميزةمقالات

أخبار متعلقة