رحب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف برئيس تيار الغد السوري أحمد الجربا خلال الزيارة التي يقوم بها وفد من التيار إلى العاصمة الروسية موسكو مبديا أمله في يساهم التيار في تحقيق واحد من أهم المبادئ الأساسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي، وهو أن يقرر السوريون أنفسهم مصير بلادهم دون تدخل خارجي.
وقال لافروف للجربا خلال الاجتماع الذي عقد بمقر وزارة الخارجية الروسية: نحن سعداء أن نراكم في موسكو، فقد مضى أكثر من عامين منذ آخر لقاء لنا بكم هنا في موسكو عندما كنتم على رأس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، الآن لديكم حركة معارضة جديدة “الغد السوري”، ويهمنا جدا أن نسمع تقييمكم لما يحدث حول التسوية السورية، نظرا لأننا الآن ومنذ خمس سنوات نواصل عقد اجتماعات منتظمة مع ممثلين عن الحكومة والمعارضة دون استثناء.
وأضاف لافروف: نحن نعلم أنكم سيد أحمد الجربا من الرجال الوطنيين الحقيقيين في سوريا ونحن على يقين من أنكم مهتمون حقا في نهاية سريعة لإراقة الدماء والتنفيذ الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، والتي تقوم على التوافق الذي توصلت إليه مجموعة أصدقاء سوريا.
ونوه لافروف إلى أنه يأمل شخصيا للجربا ولتيار الغد السوري أن يساهما في تحقيق واحد من المبادئ الأساسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن، وهو أن يقرر السوريون أنفسهم مصير بلادهم دون تدخل خارجي.
ومن جهته دعا رئيس تيار الغد السوري، أحمد الجربا، إلى استئناف المفاوضات السورية بأسرع ما يمكن، وضرورة وقف قصف المناطق المأهولة بالمدنيين، وفتح ممرات إنسانية إلى المناطق المتضررة من العمليات القتالية.
كما أكد الجربا أن المفاوضات السورية – السورية بعد استئنافها يجب أن تحمل “طابعا ثابتا ومتواصلا”، معبرا عن استعداده للتعاون مع موسكو “على الأرض” في محاربة الإرهاب بسوريا.
من جهته قال الدكتور محمد خالد الشاكر عضو الهيئة العامة بالتيار إن تلبية رئيس تيار الغد السوري والوفد المرافق له للدعوة الموجهة من قبل وزارة الخارجية الروسية، تأتي ضمن الحراك السياسي الذي دأب عليه تيار الغد السوري وإصراره لوقف نزيف الدم في سوريا، حيث تأخذ الزيارة أبعادا يأتي في مقدمتها الخروج من حالة الاستعصاء، لاسيما بعد توقف المفاوضات وانهيار الهدنة، منذ أن توقع التيار انهيار المحادثات في جنيف 3، عندما كشف منذ مؤتمرة التأسيسي الصيغة الملتبسة للقرار 2254، الذي تلاقى مع عقلية احتكرت المعارضة بسقوف غير متفق عليها، وهو ماحاولت روسيا والمبعوث الأممي تلافيه، دون قدرتهما على ذلك، بسبب المواقف الإقليمية المتشنجة والمتضاربة، مما حال دون أي تقدم يذكر في الأزمة السورية.
وأضاف الشاكر، وعليه تأتي الزيارة انطلاقاً من أدبيات التيار، كتيار سياسي يؤمن بالعملية السياسية التي تفترض – بداهةً- أدوات وآليات تبدأ بالانفتاح الخارجي على جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، والعمل بادوات السياسة الخارجية كالدبلوماسية والتفاوض، والضغط، والوساطة، والاستمالة، والردع، إذ تبدو مهمة التيار والحالة هذه أشبه بدخول النار لإطفائها، بغية تحقيق تقدم على صعيد وقف الأعمال العدائية، وإدخال المساعدات الإنسانية وفك الحصار على أقل تقدير، وفي إطار حراك تقليدي لأي مكون سياسي منفتح على الحل السياسي، الذي هو الأصل، فقد شهدت محطات النضال عبر التاريخ مواقف تفاوضية صعبة وتاريخية، لكنها كانت حتمية ومصيرية، فقد فاوض عمر المختار الطليان، كما فاوض الزعيم الفيتنامي هوشي منه الأمريكان، وفاوض العرب الاسرائيلين، وفاوضت المعارضة النظام، لذلك يبقى الحراك الدبلوماسي مقدمة لنهاية أي استعصاء سياسي، ولعل الأزمة السورية هي الاستعصاء الأبرز في تاريخنا المعاصر، وعلى حساب الشعب السوري وحده.
كما أكد عضة الهيئة العامة إن تيار الغد السوري وبسبب امتلاكه لقوى سياسية وفكرية تؤهله لقراءة مرتكزات بنية النظام الدولي، والتعامل معه بعقلية الدولة، والنأي بأنفسهم عن حالة الصخب والارتجال والعواطف، التي دفع ثمنها السوريون مايقارب الست سنوات من موتهم اليومي، فطالما تحدثت أدبيات التيار عن الواقعية السياسية كأقدم النظريات التي مازالت إلى يومنا هذا تحكم العلاقات بين الدول.
أما على الصعيد الاستراتيجي، فقد جاءت زيارة وفد التيار في التوقيت المناسب، وفي ظل صراع محموم من تحت الطاولة بين الإيرانيين والروس، الذين لن يكرروا- كقوة عظمى- الخطأ الأمريكي في العراق، وهو مايحاول التيار أن يستفيد منه في إحداث اختراق داخل التركيبة الإقليمية القادمة، وهوماينفي فرضية محورين “روسي إيراني” أمام “أمريكي سعودي”، بقدر ماهو دور لـ”القلب الأوراسي” لإعادة ترتيب القوى الإقليمية بما يصب لصالح سورية الغد، وبتفاهم وتخلي أمريكي وأوروبي، بحسب الدكتور الشاكر.
وختم الشاكر.. هكذا تأخذ الزيارة – كعملية تكتيكية – أبعادها الاستراتيجية، بدءً من إيجاد مخارج للأزمة السورية، التي أصبحت تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التفكير الاستراتيجي الخلاق، والقفز فوق العقلية البيروقراطية، التي آن لها أن تكف عن تخدير السوريين وإيهامهم.