لماذا روسيا الآن؟

منذ لحظة إعلان تيار الغد السوري قبول الدعوة لزيارة موسكو انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض.. وإن اتفق الجميع أن روسيا لعبت دورا كبيرا بمساندة الأسد وبالتالي فهي شريكة بمأساة...

منذ لحظة إعلان تيار الغد السوري قبول الدعوة لزيارة موسكو انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض.. وإن اتفق الجميع أن روسيا لعبت دورا كبيرا بمساندة الأسد وبالتالي فهي شريكة بمأساة شعبنا السوري.

وهنا نجدُ سؤالا يطرح نفسه وبقوة : هل كان على التيار أن يقبل الدعوة أم يرفضها؟

لقد لعبت روسيا دورا هو الأهم بالشأن السوري، وباتت تمسك كل خيوط المشكلة، وربما كل حلولها أيضا بعد الاختباء الأمريكي خلف موقفها كي لا يحرج نفسه علانية بدعم نظام الأسد، وبالتالي وقفت أوربا التي لا حول لها ولا قوة متفرجة عدا عن بعض التصريحات الصحفية والإعلامية هنا وهناك.

استثمر الأسد بداية كل علاقاته مع روسيا لاقناعها بدعمه وساندته أكثر مما هو مطلوب منها، وكسبت روسيا الكثير بالمقابل، لكنها وصلت لمرحلة أدركت فيها أنها ستغرق بمستنقع لا خروج منه إن استمرت على هذا الحال.

أرسلت روسيا إشارتها الأولى للمعارضة السورية بلقاء بوتين وأسد بالكرملين، والطريقة المهينة التي استقبل وعومل بها الأسد لإفهام الجميع بحجم الأسد وقيمته وبالتالي لمفاوضة الروس على رأسه أو أقلها تركه للحكم، ولكن للأسف لم تتلقَّ المعارضات السورية هذه الإشارة، واستمرت بابتعادها عن الروس بشكل قد تقبله الأدبيات الرومانسية لا الواقع والسياسة.

وجاء لقاء “حميميم” وسرب الروس صور الإهانات التي وجهوها للأسد بشكل اللقاء ومكانه وطريقته، ومرة أخرى لم يلتقط أحد الإشارة، واستمرت المعارضات بنهجها الرومانسي بمقاطعة الروس تاركة للأسد وحده الساحة ليستثمر قوة الروس لصالحه.

من هنا فإن لزيارة وفد التيار برئاسة الشيخ أحمد الجربا إلى موسكو أهمية كبرى في هذا الوقت، فهي تؤكد على تعاظم موقع التيار وقوته من جهة، وعلى وجود معارضة حقيقية تقرأ الواقع وتتعامل معه بحرفية وتحاول سحب أهم بساط من تحت أقدام الأسد الذي يكاد يقع بفتح ثغرة بجدار ممانعة روسيا لسقوط الأسد ومساندته ودعمه.

وقد تعرض تيار الغد السوري لهجوم ضار بدأ ضد التيار منذ إعلان هذه الزيارة والذي وصل للتخوين أحيانا، دون أن يكلف أي من هؤلاء المهاجمين نفسه عناء التفكير بالربح والخسارة من هذه الزيارة ومصالح الشعب السوري الحقيقية.

ويعلّق الكثيرون ممن سيتابعون هذه الزيارة  آمالا كبيرة عليها وعلى قدرة وفد التيار على إقناع الروس أن العلاقة الحقيقية والمصالح الأكيدة لروسيا هي مع الشعب السوري لا مع أشخاص يسلبون الحكم ويسمون أنفسهم نظام، وفي أقل الآمال فإن هذه الزيارة قد تقنع الروس بالتواصل مع المعارضة السورية لوقف قصفها لأماكن المعارضة، وقد سبق ونجح الشيخ أحمد الجربا رئيس التيار ورئيس الوفد إلى موسكو بإقناع الروس بوقف القصف على مناطق المعارضة المعتدلة في حمص.

فهذه الزيارة قد تكون فاتحة تغيير بالموقف الروسي من الثورة السورية ومن الشعب السوري، وكلنا يعرف أن أي ضربة سيتلقاها الأسد المترنح ستسقطه أرضا، ولعل أهم ما في الزيارة هو تأكيد وفدها تمسكه بثوابت الثورة السورية وأساسيات تيار الغد السوري.

 

تليد صائب – منسق الأمانة العامة في تيار الغد السوري

أقسام
الأخبار المميزةمقالات

أخبار متعلقة