ما سرب مرارا عن عمليات تهريب أفراد من عائلة الأسد لأموال طائلة إلى خارج البلاد لا يمكن إعطاؤه إلا تفسيرا واحدا، هو أن هذه الفئة سلمت جدلا بعجز الأسد ونظامه على التعافي من جديد، ويفضح نية فريق لا تهمّه المؤسسات السورية ومصلحة الوطن وإنما مصلحته الضيقة حصرا.
وتشير بعض التقارير التي نشرت مؤخرا أن أفرادا من عائلة مخلوف وبعض الأفراد الأساسيين ضمن الدائرة الضيقة للأسد يعمدون إلى نقل أموالهم خارج سوريا.. لو كان لديهم ثقة كافية بالأسد ومستقبله لماذا يلجأون إلى ذلك كرد فعل على المخاطر التي يشعرون بها؟.
فلعملية تهريب الأموال إلى الخارج مبرر واحد منطقي: وسط صفوف المؤيدين وحتى ضمن الدائرة الضيقة هناك من فقد الأمل بقدرة الأسد على الخروج من الأزمة منتصرا، لا بل أكثر، فقدوا أي ثقة بالاقتصاد السوري نفسه.
فرامي مخلوف على سبيل المثال قام بتحويلات تقدر بنحو ثلاثة عشر مليار دولار إلى مصارف في أوكرانيا وبيلاروسيا.
ومنذ احتدام التضخم في سوريا، أمر النظام المؤسسات المالية بتعويم قيمة الليرة السورية من خلال ضخ الدولار في السوق السورية. على المدى القصير قد ينجح هذا الأمر في تثبيت قيمة الليرة السورية، ولكن هذه السياسة النقدية لا يمكن أن تصمد على المدى الطويل، وذلك لسبب بسيط وهو أن النظام لا يملك القدرة الكافية للاستمرار بضخ الأموال إلى ما لا نهاية.
المسؤولون عن هذه السياسة النقدية يقومون بذلك فقط من أجل تعويم قيمة الليرة السورية حتى يتسنى لهم نقل كامل أموالهم إلى الخارج، وهم بذلك يضعون في مهب الريح كل مقدرات الامة والمؤسسات السورية وذلك من أجل الحفاظ على ثروة أفراد تلك الدائرة الضيقة.
ومن الواضح أن حاشية الأسد تتعاطى مع ممتلكاتها بأسلوب متمايز عن باقي أفراد النظام. وهذا يعكس بوضوح تضارب المصالح بين الطرفين.
وما قد يزيد الأمور تعقيدا ويساهم بفقدان الثقة بنظام الأسد هو أنه وفي الوقت الذي تعمل فيه هيئة المفاوضات السورية العليا للتوصل إلى حل للأزمة السورية عبر الأمم المتحدة فإن نظام الأسد لا يعمل بحسن نية لإرساء حل سياسي بهدف إنهاء النزاع في سوريا.
وخلاصة الأمر أنه ومن أجل الحفاظ على كيان المؤسسات ولضمان ديمومتها وتفادي الإنهيار التام في سوريا، ينبغي على الأسد القبول بخطة حكومة سورية انتقالية لا وجود للاسد فيها.
قناة الآن