طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوفير الحماية للمدنيين سواء اختاروا البقاء في حلب أو مغادرتها، مع ضرورة تطبيق “هدنة إنسانية” في كل المناطق التي تأثرت بالعنف في المدينة، محذرة من أن القصف الكثيف والعشوائي حول المدينة يتسبب في وقوع أعداد لا حصر لها من الضحايا المدنيين
وقالت اللجنة في تقرير لها يوم أمس الخميس، إنه يجب السماح لعمال الإغاثة الوصول إلى مناطق المدنيين شرقي حلب، وضمان بقاء أفراد العائلات التي تختار المغادرة مع بعضها.
ودعت اللجنة إلى توفير الحماية للمدنيين الفارين من المناطق المحاصرة في المدينة باستخدام الممرات الإغاثية الجديدة، كما ورحبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) بأيّ مهلة تتاح للمدنيين، ولكنها قالت إن “المغادرة لا بد وأن تكون طوعية ولا بد من ضمان أمن من يختار البقاء”.
ويقدر عدد المدنيين في المدينة المحاصرة بين 250.000 و300.000 شخص يعيشون في الأجزاء التي تسيطر عليها فصائل المعارضة ومحاصرة من النظامي في حلب.
وقال مدير الصليب الأحمر في الشرق الأدنى والأوسط روبرت مارديني إن هناك حاجة “لوقفة إنسانية” في كل مناطق حلب التي تأثرت بالعنف.
وأضاف مارديني “إن فرقنا بحاجة للوصول إلى التجمعات السكنية في شرق حلب الآن، وخاصة الأسر والعناصر الأكثر ضعفا مثل كبار السن والمرضى والمصابين والمعتقلين”.
هذا فيما أكدت ماريان غاسر رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا أن القصف الكثيف والعشوائي حول مدينة حلب يتسبب في وقوع أعداد لا حصر لها من الضحايا المدنيين. وقالت غاسر، في بيان صحفي نشر على موقع المنظمة، إن كل حي في المدينة قد تعرض لنيران القصف خلال الأيام القليلة الماضية، وإن البنى التحتية الحيوية قد ضُربت عدة مرات.
وأضافت السيدة غاسر، والموجودة حالياً في حلب، أن: “الوضع مأساوي ومفجع. نسمع عن مقتل عشرات المدنيين كل يوم، وتقع أعداد أكبر من الإصابات بسبب القذائف ومدافع الهاون والصواريخ. القصف بالقنابل مستمر. والعنف يهدد أرواح مئات الآلاف من الناس والمنازل وسبل كسب العيش”.
وأضافت أيضا، أن الأيام القليلة الماضية شهدت تدميراً أو إضراراً بشبكات المياه والمستشفيات والمخازن ومراكز الإسعاف والمباني العامة ومنازل المدنيين على جميع جوانب خطوط المواجهة. ويتعرض المرضى والعاملون في المجال الطبي للقتل أو الإصابة. ويعمل الأطباء والطواقم الطبية دون هوادة لمواجهة تدفقات المصابين، بينما توقف العمل في العديد من المستشفيات التي لحقها الضرر. ولا يستطيع الكثير من المصابين أو أصحاب الأمراض المزمنة الوصول إلى المراكز الصحية، بينما تعاني مناطق مدنية بأكملها من إنقطاع وصول السلع والخدمات الأساسية لبقائهم.
وقد ارتفع عدد المصابين بالصدمات في حالات الطوارئ ارتفاعاً هائلاً في المستشفيات خلال الأيام القليلة الماضية. ويعاني المدنيون الأمرّين على جميع الجوانب للعثور على المأوى والغذاء والرعاية الطبية. وتعمل اللجنة الدولية مع الهلال الأحمر العربي السوري دون كلل أو ملل لتقديم خدمات الإغاثة وإعادة تشغيل الخدمات الحيوية أو الحفاظ عليها، لكن يتعذر عليهما الوصول إلى العديد من المناطق بسبب العنف.
وتقول السيدة غاسر: “لا ينبغي لطفل، فضلاً عن بالغ، أن يضطر إلى مواجهة هذا الوضع. يحاول سكان حلب أن يبقوا على قيد الحياة في تلك الظروف العصيبة. وعلى كل أطراف النزاع وعلى كل من لهم تأثير عليهم أن يتوقفوا عن تجاهل قوانين الحرب. يجب توفير الحماية للمدنيين والبنى التحتية المدنية.”
وكانت واشنطن، أعربت يوم الخميس، عن مخاوفها إزاء كون العملية الإنسانية في حلب، والتي أعلنت عنها روسيا ونظام الأسد، “محاولة لإجلاء المدنيين قسراً”، بينما شككت الأمم المتحدة وبريطانيا بذلك الإعلان، مشيرتان إلى أن “السماح بنقل المساعدات هو الحل الأفضل”.
كما دعت الامم المتحدة، مؤخرا، مجلس الامن الدولي إلى إقرار “هدنة إنسانية عاجلة” في حلب، مطالبة بضرورة إدخال المساعدات للمناطق المحاصرة. بعد أن حذرت من تعرض ما بين 200 و300 ألف مدني لخطر الحصار في حلب خلال الأسابيع القليلة المقبلة في الشطر الشرقي من المدينة، وذلك بعد قطع طريق الكاستيلو.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أعلن، في وقت سابق يوم أمس الخميس، عن إطلاق حكومة الأسد والجيش الروسي عملية “إنسانية” واسعة النطاق في مدينة حلب تسمح لسكان المدينة بالخروج عبر ثلاث ممرات إضافة لممر رابع “آمن” نحو الكاستيلو لمقاتلي “الجيش الحر”، في عملية تجري بتفويض من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.