بدت الجبهة الجنوبية السورية أكثر سخونة مع إعلان واشنطن بأن التحالف الدولي يسعى لفتح جبهة جديدة ضد تنظيم داعش من جنوب سوريا، وهو ما أثار كثيراً من التساؤلات والتكهنات والمخاوف في الأردن.
وكان وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، قد كشف أن التحالف الدولي يسعى لفتح جبهة جديدة ضد تنظيم داعش من جنوب سوريا، بالتزامن مع هجوم الجبهة الشمالية، وأن التحالف بهذا المسعى سيساعد على تخفيف الضغوط الأمنية على الحلفاء في الأردن، وسيعزز جهود الفصل بين مسارح العمليات في العراق وسوريا.
وبحسب مراقبين وخبراء عسكريين فإن تفعيل المنطقة الجنوبية السورية يعني تبديل الوقائع على الأرض، يأتي هذا مع وجود تفاهم ما بين روسيا وأمريكا حول ما يجري، أو ما يجب أن يحدث في الجنوب السوري، وهو ما لم يتم الكشف عنه بعد، وسط تساؤلات حول طبيعة الدور الأردني في تلك العمليات المتوقعة.
العين محمد الحلايقة (عضو مجلس الأعيان)، علق في حديثه على الموقف الأردني حول الدور الروسي الأمريكي المرتقب في الجنوب السوري بالقول: “بصورة ما فإن الأردن يرحب بأي جهد يحارب التنظيمات الإرهابية، في سوريا خاصة تلك التي تأخذ لها مواقع ميدانية وعسكرية في جنوب سوريا”. مضيفاً: “الحكمة السياسية الأردنية تقتضي عدم المجاهرة بمثل هذا الموقف”.
وتحدث الكاتب والمحلل السياسي عارف السبايلة، عن وجود خلافات دائمة بين الروس والأمريكان فيما يتعلق بطبيعة الأهداف في الجنوب السوري، وقال: “من خلال إصرار الجانب الروسي على استهداف وضرب من تصفهم الإدارة الأمريكية بالمعارضة المعتدلة، كالجيش الحر وغيره من فصائل المعارضة التي لها علاقات استخباراتية مع الجانب الأردني بطبيعة الحال”.
وزاد بالقول: “كما أن واشنطن ترفض تسليم موسكو إحداثيات عدد من فصائل المعارضة المعتدلة، التي تقول موسكو إنها تريدها لكي لا تستهدفها، وهو خيار يرفضه التحالف من حيث المبدأ؛ بسبب عدم وجود ثقة في مسرح العمليات للجانب الروسي”.
وبحذر شديد، يتابع المسؤولون في عمّان تطورات الأحداث في مدينة حلب، والضغط الشديد على الشمال السوري؛ لما لذلك من انعكاسات أمنية وعسكرية على الجنوب السوري؛ من خلال محاولة تنظيم داعش الهروب نحو الحدود الجنوبية للسورية لتخفيف الضغط عليه في الشمال، فيما يؤكد الأردن جاهزيته العالية لمواجهة أي تحديات في مناطق الأمان الحدودية.
بدوره قال اللواء المتقاعد محمود أرديسات، إن تنظيم الدولة بدأ يفكر بشكلٍ عملي وواضح لاستهداف الأردن، لا سيما في الجنوب السوري على الحدود الأردنية، لا سيما مع وجود نفوذ ما لداعش هناك، بدليل نجاح هجوم الركبان مؤخراً على الجيش الأردني”.
وأوضح أن أي “محاولة للتحرك ضد تنظيم الدولة في الجنوب السوري من قبل التحالف الدولي تعني بالضرورة تحرك جيوب التنظيم على الحدود مع الأردن، ومن ثم فإن الضربات يجب أن تكون رادعة ومفاجئة، بحيث لا تسمح للتنظيم بالتحرك نحو الحدود مع الأردن”.
وبحسب مصادر إعلامية، فإن جبهة النصرة على سبيل المثال “شعرت بخطر وشيك يهدد وجودها في المنطقة الجنوبية لسوريا، وبأنها ستكون الهدف الثاني هناك، وخاصة بعد أنباء عن قرب عملية عسكرية ضخمة ضد التنظيمات الإرهابية في الجنوب السوري، مع وصول معلومات للجبهة تفيد بضرورة انسحابها من المنطقة، والابتعاد عن داعش وفصائل في الجنوب بايعت التنظيم”.
مراقبون رأوا أن الاجتماعات التي عقدت مؤخراً بين روسيا وأمريكا، والتنسيق المشترك بينهما لمواجهة تنظيم داعش في المرحلة القادمة، ووصول قاذفات روسية لضرب المناطق بسوريا، يعني أن المعادلة تغيرت بسوريا، بمعنى أن هناك اقتراباً من تحرير الرقة من التنظيم، خاصة أن ذلك يأتي مع الانتصارات التي يحققها الجيش العراقي”.
بدوره وصف المحلل السياسي راكان السعايدة، التصريحات التي صدرت عن الأمريكان بـ “غير الواضحة”، من حيث المقصد بالهجوم على داعش من جنوب سوريا ومعنى الجنوب، مشيراً إلى أن التصريحات تدخل في سلسلة من الاحتمالات؛ أبرزها حشد القوات في الأردن والانطلاق منها إلى سوريا باتجاه شمالها، وحشد القوات في مناطق أخبار العراق، والتحرك لفصل الاتصال بين الموصل والرقة، ومنها الاتجاه إلى الرقة لمواجهة التنظيم.
مؤخراً قصفت القوات الأردنية منطقة كاملة في محيط نهر اليرموك بالجانب السوري؛ لأغراض ردعية، وبصورة شمولية وعنيفة بعد إطلاق رصاصة غامضة عبرت الحدود وأصابت جندياً أردنياً، قبل ذلك شارك الأردن مباشرة في قصف تجمع لتنظيم داعش رصد على بعد 80 كيلومتراً، وعلى نقطة الحدود بين العراق وسوريا من جهة شرق الأردن، حيث تمترس أنصار التنظيم في مقار قديمة حدودية، وأمطرها الجانب الأردني بالقصف الصاروخي بالتنسيق مع غرفة عمليات التحالف بكل الأحوال.
الخليج أون لاين