خاض الجيش الحر والفصائل الإسلامية معركة كبيرة بحلب أفضت إلى انتزاع عدد كبير من المواقع العسكرية الاستراتيجية من يد النظام، كما استطاعوا تحقيق مكسب ميداني كبير بفكهم للحصار عن مئات الالاف من المدنيين داخل أحياء حلب، بالإضافة لآلاف المقاتلين الذين أصبحوا محاصرين بدورهم أيضا.
وكتحصيل حاصل كانت نتيجة هذه المعركة الكبيرة اغتنام كمية ضخمة من مختلف أنواع الأسلحة والذخائر بالإضافة لأسر عدد كبير من المقاتلين متعددي الجنسيات.
أيضا سيكون لهذه المعركة صداها الإيجابي الكبير على عملية التفاوض وعلى وضع المعارضة السياسية عموما والتي أصبحت محرجة للغاية خصوصا بعد الضغط الروسي والإيراني الأخير، والذي يهدف إلى السيطرة على أوسع نطاق جغرافي ممكن، تزامنا مع إطلاق مفاوضات جينيف لتحقيق أعلى سقف من المكاسب السياسية.
بالإضافة إلى أن هذه المعركة مهدت بشكل فعال لعمليات عسكرية أوسع، أعلنت فصائل جيش الفتح أنها عازمة على القيام بها وخصوصا في حلب.
كما أن هذا الإنتصار الكبير كان له أثره الإيجابي معنويا بشكل عام بين الأوساط الثورية.
هذا بشكل عام ومختصر أبرز النتائج التي حققها انتصار فصائل جيش الفتح في معركة كسر الحصار عن حلب والتي تلتقي بشكل كبير مع مصالح الثورة السورية على المدى القريب.
أما على المدى البعيد فتبرز أسئلة كثيرة يطرحها الواقع..
هل انتصارات جيش الفتح في إدلب سابقا والان في حلب هي انتصارات لشعارات الثورة السورية “الحرية _ العدالة الاجتماعية _ المواطنة _ الديمقراطية “؟؟؟
من خلال متابعتي لمعظم الآراء حول هذا الموضوع فإن الإجابة تتفرع في أكثر من اتجاه.
_نعم هي انتصارات لمسيرة الثورة ولشعاراتها، أما ما يرفع من شعارات اسلامية تتسم بالتطرف والعنف وغيرها فهي شعارات تعبوية لا بد منها وحصرية للتمكن من التصدي لعدوان يصطبغ غالبه بصباغ طائفي وديني.
وعندما ستحط الحرب أوزارها ستنجلي كل تلك الطفرات والإفرازات التي لا قواعد أصلية لها في المجتمع السوري وسيتسنى لنا كسوريين من الدخول في عملية انتقالية قد تكون شاقة ولكنها ستحصل ولكن الشرط الأساسي لحصولها هو سقوط النظام تماما وفي كل المحافظات وخصوصا حلب ودمشق.
_لا هي لن تصب بالمحصلة في مصلحة شعارات الثورة السورية فالدوافع لهذه الفصائل والأهداف التي تسعى لتحقيقها تختلف جذريا عن دوافع الثورة السورية والأهداف التي تسعى لتحقيقها.
ولن يتسنى لنا الوقوف في وجه هذا الفكر الراديكالي الذي أصبح يمتلك ترسانة كبيرة من السلاح والمدافعين عنه وخصوصا بعد غياب او سقوط منافسه الأبرز وهو النظام، واستحواذ هذه الفصائل على الساحة السورية كاملة بكل مدنها ومحافظاتها ومواردها المادية والبشرية.
ولا يمكننا القول أن هذه الانتصارات هي انتصارات للثورة السورية إلا فيما إذا كانت الفصائل المنتصرة كـ “حركة حزم سابقا أو الفرقة 13 أو جبهة ثوار سوريا ” مثلا .. أي الفصائل المنضوية مباشرة تحت قيادة الجيش السوري الحر.
سؤال آخر يطرح نفسه على النقيض من الأول:
فيما لو انهزم جيش الفتح في حلب واستطاع النظام أن يطبق سيطرته على كامل حلب ، ألم يكن ذلك ليعتبر على أنه هزيمة ميدانية كبرى للثورة السورية ؟؟!!.
لماذا إذاً هزيمة النظام لهذه الفصائل هو هزيمة للثورة، ونصر هذه الفصائل على النظام قد لا يكون بالضرورة هو نصر للثورة السورية، وانما مجرد نصر لتلك الفصائل بذاتها؟؟.
بالحقيقة إن كل ما يحدث من حراك مقاوم للنظام _إن صح التعبير_ في سوريا من مظاهرات وجيش فتح وجيش حر وفصائل اسلامية أخرى وحراك مدني وأهلي ومجموعات مختلفة بأسماء مختلفة منتشرة بالمناطق الخارجة عن سيطرة النظام مرورا بالمجالس المحلية والمحاكم الشرعية والقوى السياسية المعارضة بعجرها وبجرها ومعارضين مستقلين وحكومة سورية مؤقتة والتصريحات الاعلامية المتضاربة لمختلف قوى الثورة ووو..
هذا بمجمله ما يمكن أن نختزله بعبارة “الثورة السورية” ومفرزاتها والتي تسعى بنهاية المطاف للديمقراطية والحرية والكرامة.
من هنا يمكن القول بأن تقدم يحققه أي فصيل عسكري سوري ان كان جيش الفتح ام جيش الاسلام ام حركة احرار الشام ام اي فصيل اخر هو _ على المدى القريب _ حتما نصر ميداني للثورة السورية.
أما استدامته كنصر للثورة على المدى البعيد فيتعلق بمدى إمكانية التخلص من الفشل السياسي الذي تعاني منه القوى السياسية المحسوبة على الثورة وبإمكانية تطوير أدائها وبنيتها لتكون غطاء سياسي حقيقي لها ومنسجم معها.
اما في حال بقاء هذه القوى السياسية كحالة عبئ على هذه الثورة وغير قادرة على انتاج تعبيرات سياسية ناضجة وقادرة على قولبة كل اشكال الحراك في قالب وطني سوري يحقق للسوريين طموحاتهم فإنه من الصعب تقدير فيما إذا كانت هذه الانتصارات هي انتصارات لشعارات الثورة واهدافها على المدى البعيد، لا بل ويفتح بابا” واسعا لاحتمالات سوداوية ستتعرض لها البلاد بعيد انهيار النظام بشكل كامل في ظل غياب اي معبر سياسي وطني قادر على أن يكون البديل المؤهل لإدارة زمام الأمور.