من جرابلس إلى حلب، طريق الموت السريع

الحرب السورية تسير بوتائر متسارعة نحو مستويات جديدة من الصراع بين قوى محلية وكيلة لمموليها الإقليميين والدوليين، فتحرير منبج من داعش من قبل “قوات سوريا الديمقراطية”، وما حدث في...
السيد أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري

الحرب السورية تسير بوتائر متسارعة نحو مستويات جديدة من الصراع بين قوى محلية وكيلة لمموليها الإقليميين والدوليين، فتحرير منبج من داعش من قبل “قوات سوريا الديمقراطية”، وما حدث في الحسكة من مواجهات بين “وحدات حماية الشعب” وقوات الجيش السوري وحلفائه، وما آلت إليه من اتفاق تسليم الحسكة للوحدات وانسحاب قوات الجيش منها، ثم أخيرا التطور الدراماتيكي في جرابلس بدخول القوات التركية إلى جرابلس وخروج داعش منها بلا قتال، وما تركه من إشارات استفهام سواء لجهة صمت الأطراف المعنية بالأزمة تجاه هذا الانسحاب المفاجئ لداعش والدخول السلس لكتائب محسوبة على الجيش الحر من تركيا، كل هذه التحولات تمهد لمرحلة جديدة من الصراع يمكن أن تنفتح على احتمالات كثيرة.

ستظهر بعض ملامح نتائج هذه المقدمات كلها في جبهة حلب، التي لم تتوضح معالم استقرارها بعد، فما زال يكتنفها الغموض، حيث لم يصلها الحسم الأخير، فما زالت الجهات المعارضة لم تظهر انسجاما موحدا حول موقف ميداني إلا في معركة فك الحصار الأخيرة، والتي توقفت فجأة لأسباب لا تستطيع هي نفسها التصريح بها، وفي نفس الوقت ما زال الانسجام والاتحاد يغيب في جهة محور النظام، فمن جهة لم تظهر القوات الكردية أبدا أي خروج عن النص مع جيش النظام، ولكنها وفي نفس الوقت لم تعط أية مؤشرات حول وجود أي انسجام بينهما، إلا في معركة مواجهة التقدم الأخير للمعارضة باتجاه معاقلها، ولم يسلم ملف هذه المعارضة بعد لجهة إقليمية واحدة، فما زالت معارك كسر العظم جارية في الجبهتين وبين الجبهتين، فمن جهة جبهة المعارضة، تزداد الخلافات حدة بين أطرافها ولم يبدل في هذه الخلافات موضعا تحول جبهة النصرة إلى فتح الشام، فما زال الاتفاق بعيدا بعض الشيء، والحال نفسه في جبهة النظام فغياب التناغم فيها يظهر تضارب بين مواقف القوى الدولية والإقليمية المؤيدة للنظام.

المسار السياسي المتوقف تقريبا منذ جنيف 3 يبدو إنه مقبل على تطورات كبيرة تترجم موازين القوى الجديدة الناشئة، والصراع العسكري العنيف بين المجموعات المسلحة على اختلاف مسمياتها وانحيازاتها يبدو أنه يسير إلى مزيد من التصعيد لتحسين مواقعها على طاولة التفاوض المقبلة حتما، والخاسر الأكبر في كل هذا التصعيد هو الشعب السوري الذي استنزفت الحرب قواه وإمكاناته البشرية والمادية والروحية أيضا.

المطلوب من كل الحريصين على إنقاذ سوريا الشعب والوطن أن يسارعوا إلى تغليب المسار السياسي للخروج بأقل الخسائر الممكنة، والبدء بالمرحلة الانتقالية ووضع البلد على عتبة الخلاص الوطني.

أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري

أقسام
الأخبار المميزةرئيس التيار

أخبار متعلقة