يمثل التدخل التركي في شمال سوريا نقطة تحول في الصراع السوري، والهدف الرسمي لهذا التدخل هو محاربة تنظيم داعش الإرهابي، ولكن التعامل مع القوى الكبرى يوجب إعادة النظر في التحالفات التي تتم في المنطقة، والأكراد سيكونون أكبر الخاسرين من هذا التدخل وإعادة رسم خارطة التحالفات الدولية.
إحدى التشبيهات الشائعة لـ”نظرية الفوضى” يرى أن رفرفة أجنحة الفراشة يمكن أن تؤدي إلى إعصار. ويمكن أن تكون هذه النظرية أفضل وسيلة متوفرة لدينا لوصف الوضع المعقد في سوريا حاليا. وإذا كانت أجنحة فراشة في هذه الحالة هي القرار الذي اتخذ أواخر تموز/يوليو من قبل النظام السوري لتجنيد مقاتلين في ميليشيا قبلية جديدة في محافظة الحسكة في المنطقة الشمالية الشرقية النائية من سوريا، ليكون الإعصار الذي ثار بعد ذلك بأربعة أسابيع بقوة ثلاثة أضعاف، إلا وهو: غزو شمال سوريا من قبل الجيش التركي للطرد “المفاجئ” لتنظيم داعش الإرهابي” من بلدة جرابلس الحدودية، ليجد الجيش الأمريكي نفسه “فجأة” على جانبي جبهة جديدة في سوريا طرفاها الأتراك والأكراد.
“إنها 3:30 حيث وصلنا تقريبا إلى مركز جرابلس، وقد عانينا الكثير فيما لم تقع إصابات تذكر، ولكن نحن فقط عبرنا الحدود هذا الصباح!”، هكذا صرح الملازم أول المنشق سيف أبو بكر قائد فرقة الحمزة، يوم الأربعاء 24/8/2016 كما لو أنه لم يصدق ما حدث. مؤكدا “نحن انطلقنا مع 20 دبابة تركية و100 عنصر من القوات التركية من قرقميش”، البلدة التركية الحدودية في، “وتوجهنا عبر قرى غرب المدينة ومن ثم إلى جرابلس”.
أكثر من سنتين ونصف مرت على سيطرة تنظيم داعش الإرهابي واحتلاله للمدينة الحدودية، إلى أن تم عرض جثث قادة التنظيم على الأعمدة بعد بدء عملية “درع الفرات، وتمت إزالة “الورم الجهادي” خلال ساعة. وجرابلس واحدة من آخر معاقل التنظيم على الحدود التركية السورية، حيث كان التنظيم ومنذ فترة طويلة قادرا على استخدام المعبر هناك دون منازع، والسماح له باستقبال الرجال والعتاد وإيصالهم إلى كل أجزاء سوريا الواقعة تحت سيطرته. “جميعهم تقريبا فر قبل ثلاثة أيام من الحملة التركية، باستثناء عدد قليل من أتباع التنظيم المحليين واثنين من الأجانب”، بحسب ما قالت أم خالد، وهي أرملة أحد مقاتلي التنظيم، مضيفة: “غادر جميع سكان أيضا. كنا نعرف أن شيئا ما سيحدث”.
التدخل التركي في شمال سوريا هو نقطة تحول في الحرب السورية، وهي المرة الأولى التي تصبح فيها تركيا متورطة بشكل مباشر في النزاع. وفي الوقت نفسه، فإن العديد من التحالفات المعقدة في المنطقة تشهد تحولات مفاجئة، حيث تم إبعاد بعض الحلفاء فيما تم اكتشاف مصالح مشتركة مع بعض الأعداء سابقا.
الهدف الأساسي
في الأيام التي سبقت التدخل التركي، كان يمكن مشاهدة مواكب عسكرية على طول الطرق على الجانب التركي من الحدود السورية التي تنبئ بالاستعدادات يجريها الجيش التركي تمهيدا لهجوم وشيك، كما اشتملت تلك المواكب على أرتال للثوار السوريين والفصائل المعارضة قادمة من إدلب وحلب في الحافلات والشاحنات. وكان هؤلاء المقاتلون في معظمهم من وحدات صغيرة يدعمها البنتاغون، مثل فرقة الحمزة ولواء السلطان مراد والجبهة الشامية ونورالدين زنكي. فيما لم يكن للجماعات الإسلامية المتشددة حضور في العملية مثل فتح الشام “جبهة النصرة” سابقا التي ليست جزءا من العملية.
وبمجرد أن تمركزت الدبابات التركية على تلة غرب جرابلس، بدأت بإطلاق النار على مواقع تنظيم داعش في المدينة، كما أطلقت النار أيضا على تلك القوات التي كانت أيضا تسعى لتحرير جرابلس من التنظيم، ميليشيا قوات وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقدمت إلى المدينة من الجنوب. وبالنسبة للأتراك، كان النجاح من شقين: الأول أنهم هاجموا تنظيم داعش، الذي تعتقد أنقرة وقوفه وراء الهجوم الذي وقع في نهاية الأسبوع الماضي في حفل زفاف في مدينة غازي عينتاب، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصا. والثاني أنها باتت قادرة على تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في وقف زحف الأكراد، الذين يسعون لإقامة أراض متصلة تمتد عبر كل من شمال سوريا وجنوب تركيا، وهذا شيء تريد أنقرة منعه بأي ثمن.
إنها أحداث متوافقة مع النمط الذي يبدو أنه يريد إشراك معظم القوى الفاعلة في سوريا، وكل طرف يقاتل في حربه الخاصة، إنها “سوريا الانتقائية”. الأتراك مهتمون بمحاربة الأكراد، والأمريكان مهتمون فقط بهزيمة داعش، والأكراد يسعون لإقامة دولة خاصة بهم، والروس عازمون في المقام الأول على أن يظهروا للعالم، مرة أخرى، كقوة عالمية.
شراكة الغزو الجديد بين الجيش التركي والثوار السوريين، بمافيها تقاسم حافلات وشاحنات النقل، هي آخر التحالفات المتغيرة المتسارعة، والتي من السهل استخدامها من قبل الجميع لتحقيق مصالحهم. وهذه التحالفات “مجتمعة” حولت الحرب الرهيبة الدائرة في سوريا إلى ساحة معركة لا يمكن التنبؤ بها على الإطلاق، حيث تم خلط كل الأوراق، كما كان أحد المحفزات ما تم في محافظة الحسكة النائية في المنطقة الشمالية الشرقية من مناوشات بين النظام والفصائل الكردية المحلية.
التصعيد السريع
ولكن، وبالعودة قليلا إلى الخلف، ربما لسنوات، كان التحالف المتوتر موجودا في الحسكة بين القوات الموالية لبشار الأسد والأكراد، بسبب العلاقات الوثيقة بين النظام وحزب العمال الكردستاني في تركيا، وأسس الأكراد في سوريا فروعا لحزب العمال الكردستاني في المنطقة، وهي خليط من الجماعات أهمها YPG، والتي تطلق على نفسها اسم وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا، وفي الآونة الأخيرة، ظهرت قوات الدفاع الذاتي، أو قوات سوريا الديمقراطية، وتشترك جميع فئات هذه المجموعات من موظفين وتمويل وقيادة، بتبجيل صورة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التي يمكن رؤيتها في كل مكان في مناطق سيطرة هذه المجموعات. وقد سمح للـYPG، مقابل أن لا يشاركوا في الانتفاضة ضد الأسد، بتوسيع سيطرتها في المناطق الكردية مع قبول غير معلن من قبل الأسد. ومع أنه كانت هناك مناوشات بين الحين والآخر بين قوات YPG وقوات الأسد، إلا أن الصراعات كانت دائما تحل بسرعة.
خريطة توضح مناطق السيطرة في الشمال السوري
ومرد ذلك نفاد القوات التي تقاتل لصالح الأسد في المنطقة، ومع ذلك بدأ جيش الأسد في تموز/يوليو بتجنيد ميليشيا جديدة “قوات الدفاع الوطني” من القبائل والعشائر السنية الموالية له في الحسكة، وهم مقاتلون من نفس العشائر التي شاركت في نهب وقتل مواطنين أكراد، في وقت سابق خلال احتجاجات وقعت في الحسكة عام 2004. والأكراد بطبيعة الحال لم ينسوا تلك الوقائع الدموية، وخلال أيام تصاعد الموقف بين الجانبين وأطلقوا النار على بعضهم البعض، واستطاع الأكراد السيطرة تقريبا عاصمة المحافظة بأكملها، ثم في 18 آب/أغسطس قصفت القوات الجوية السورية مواقع للأكراد في المنطقة للمرة الأولى منذ خمس سنوات.
لم تكن الضربات الجوية ذات أثر كبير على الاقتتال المحلي، ولكنها غيرت تماما ميزان القوى الدولي. فعلى الرغم من أن تركيا ومنذ فترة طويلة تدعم المقاتلين ضد بشار الأسد، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعترف أن الضربات السورية ضد الأكراد يمكن أن تكون مفيدة. كما صرح في حزيران/يونيو لوكالة رويترز: “في نهاية المطاف، الأسد قاتل. إنه يعذب شعبه. لن نغير موقفنا من ذلك، لكنه لا يؤيد حكما ذاتيا للأكراد. ربما لا نحب بعضنا البعض لكن في هذه المسألة نؤيد نفس السياسة”.
هجوم الأسد على الأكراد سهل أيضا التقارب بين الحكومتين التركية والروسية في المسألة السورية. وكانت أنقرة وموسكو منذ فترة طويلة بعيدتان عن بعضهما البعض فيما يخص الملف السوري. وقد طالب أردوغان بإسقاط الأسد منذ عام 2011، كما أنه يمول بعض الجماعات المتمردة. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فضل دعم نظام الأسد، في الوقت نفسه، أملا في المزيد من التحول المنظم للسلطة. لكن العصر الجليدي بين أردوغان والغرب، والذي أصبح أكثر برودة منذ محاولة الإنقلابية الأخيرة في تركيا، جعلت من روسيا حليفا محتملا بالنسبة للأتراك.
إسقاط الأكراد
من ناحية أخرى، فإن الكرملين لم يعد يقدم الكثير في دعمه لرؤيته الخاصة تجاه سوريا. والقوات الجوية الروسية، للتأكيد، كانت فعالة في دعم امبراطورية الأسد الهشة، على الرغم من الدعم الذي تقدمه القوات البرية الإيرانية والأفغانية واللبنانية وغيرها، والتي تبذل قصارى جهدها لمنع إلحاق الهزيمة به. لكن بشار الأسد مازال يرفض حتى أصغر التنازلات. وقوته العسكرية المتجدد هي تماما ناتجة عن الدعم الروسي، ولكن خطة موسكو لم تقم على إعادة إنتاج نظام الأسد واستعادته للسيطرة، ولكن لتقديمه كمثال على نجاح الاستراتيجية الخاصة بها للتدخل.
بالإضافة إلى إرغام تركيا على قبول الإدارة الانتقالية تحت قيادة الأسد، وهذا سيكون تحقيقه أسهل من أن يتنحى الاسد من تلقاء نفسه، وسيكون الروس في وضع “مبادلة” له بالخروج مع جنرالاته في الوقت المواتي الذي يناسبهم، ومن شأن ذلك أن يمهد الطريق لاتفاق دولي مع الغرب الذي على الأرجح قدم مشروع قانون لإعادة الإعمار، ولمغادرة روسيا من سوريا.
إن الدعم التركي جعل الخطة أسهل للتحقيق وهذا الدعم يبدو وشيكا، حيث قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم نهاية الاسبوع الماضي إن تركيا لن تتسامح مع الحكومة الانتقالية التي يقودها الأسد. ويبدو أن الصفقة تشمل تنازلات لتركيا في مقابل موافقة أنقرة أن الأسد يمكن أن يبقى في السلطة في الوقت الراهن. وبذلك تكون روسيا قد أسقطت الأكراد كحليف، بعد أن خرجت الشراكة بينهما إلى حيز الوجود في الخريف الماضي فقط.
وخلال هذا التحول التكتيكي من التحالفات في سوريا، كان الأكراد يأملون في أن يكونوا أذكى لاعب، أما الآن، يبدون كما لو أنهم قد خاطروا كثيرا.
ولجعل الأمور أكثر سوءا بالنسبة للأكراد، فإن علاقاتها مع الولايات المتحدة تدهورت أيضا بسرعة، على الرغم من كونهم أوثق حلفاء واشنطن في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي. ولكن بدلا من توجههم إلى الرقة، عقب تحريرهم لمنبج التي تقطنها غالبية عربية، آثروا الاندفاع شمالا باتجاه الحدود التركية إلى جرابلس التي تقطنها هي الأخرى غالبية عربية، على عكس ما تم الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة التي لفتت انتباههم إلى الأمر ولكنهم تجاهلوه.
من وجهة النظر التركية، فإن أي تقدم للأكراد في الغرب من نهر الفرات يعبر خطا أحمر، وإطلاق اسم “درع الفرات” على العملية التركية يشير إلى ذلك، إلا أن الولايات المتحدة تبدو غير مهتمة برؤية الأكراد يسيطرون على مدن عربية أخرى غير منبج. وكان مسؤول في الحكومة الأمريكية قد قال لصحيفة وول ستريت جورنال هذا الأسبوع أن الإدارة الأمريكية “وضعت حدا لتحرك الأكراد شمالا” وأضاف “أو على الأقل فعلت ذلك، إذا كانوا يريدون أي دعم من الولايات المتحدة، وهو ما أعتقد أنه قطعة كبيرة نسبيا من النفوذ”.
العملية التركية في جرابلس كما تلقى دعم الولايات المتحدة الجوية، يعتقد أن القوات الخاصة الامريكية شاركت فيها. وعلاوة على ذلك، وبعد ساعات فقط من الغزو، هبطت طائرة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في أنقرة، في محاولة لتلطيف العلاقات المتوترة بين البلدين. والنتيجة، أن جرى على الأرض جنوبي جرابلس، هذا التغيير المفاجئ بالطبع، قد أدى إلى أن مجموعتين مدعومين من أمريكيا يطلقان النار على بعضهما البعض.
حساب خاطئ
الأحداث الأخيرة تبدو علامة ومثالا مؤسفا وكأن التاريخ يعيد نفسه، وهاهو حزب العمال الكردستاني يسمح لنفسه أن يستخدم من قبل النظام السوري بل انحدر لتنفيذ نزوة من نزوات دمشق. لسنوات عديدة تبدأ في الثمانينيات سمح والد بشار الأسد وسلفه حافظ الأسد لحزب العمال الكردستاني بالحفاظ على وجوده في وادي البقاع المحتل في لبنان من قبل الجيش السوري. ولكن عندما ظهرت الدبابات التركية على الحدود الشمالية لسوريا في عام 1998، تحول حافظ ظهره للأكراد، وأمر حزب العمال الكردستاني بالتخلي عن معسكراته في وادي البقاع. حيث بدات ملحمة عبد الله أوجلان في جميع أنحاء العالم، والتي انتهت باعتقاله من قبل القوات الخاصة التركية في كينيا.
الآن، يبدو كما لو أن حزب العمال الكردستاني قد أخطأ مرة أخرى. وقد كانت الجماعة تأمل في الاستفادة من معركة الولايات المتحدة وروسيا ضد من يعاديها في إقامة دولة كردية في شمال سوريا. وكانت روسيا سعيدة لاستخدام الأكراد للضغط على الأتراك. أما الآن، وبعد أن حققت موسكو هدفها، تتطلع موسكو إلى التخلي عن حزب العمال الكردستاني.
يوم الأربعاء، أصدر شيروان درويش، المتحدث باسم القيادة العسكرية الكردية في منبج تهديدا لتركيا خلال محادثة مع صحيفة دير شبيجل، حيث قال “لقد أقمنا خطوطنا الدفاعية على نهر الساجور (غرب الفرات)، وسوف ندافع عن أنفسنا ضد أي شخص يقترب من هذا الخط. وقد وضعت الخطة بدماء شهدائنا”.
معظم السكان الذين فروا من جرابلس، وغالبيتهم من العرب، يرون الوضع مختلفا قليلا، فـ”إذا كنت قد حررت منطقة، فإن هذا لا يعني أنها سنتمي لك لاحقا”، كما يقول خليفة درويش، أحد السياسيين المحليين. مضيفا “غالبية الناس هنا يدينون بالولاء للجيش السوري الحر وضد الأسد. ونحن نأمل أن إخواننا الأكراد يدركون أنه لا جدوى من بدء القتال ضدنا”.
في الحقيقة كانت الغارات الجوية التي شنها الأسد تستهدف قوات الـ YPG القريبة من معسكر للقوات الخاصة الأمريكية، حيث تحركت الولايات المتحدة لمنع جميع الطائرات السورية من التحليق في المنطقة و”إنه أمر إيجابي للغاية”، بحسب ما قال خليفة لدير شبيجل.
وقال أحمد عبد حسين وهو عضو في الحكومة المحلية السابقة في المدينة: “نحن نريد العودة إلى ديارنا بمجرد أن تتم تهدئة الأوضاع”، وأضاف “لقد تم التحضير لهذه العودة منذ أشهر، وقد أنشئت لجنة لتحقيق الاستقرار في عدة قرى، ونحن عازمون على تقييم الضرر الذي وقع ومن ثم لقاء المنظمات الإغاثة الدولية الأسبوع المقبل لتحديد ما هو مطلوب. وقد وعد الجيش السوري الحر بالانسحاب، مع استثناء وحدة صغيرة لتأمين المدينة، وبعد ذلك سنخطط لافتتاح مركز للشرطة”.
تحت عيون الروس
ومن المتوقع أن تعقد قريبا انتخابات محلية، هو أمل ساذج ربما، لكنه على الأقل يوفر منظورا واضحا للفاعلين الأبرز في المنطقة، وإن كان ليس واضحا بعد ما إذا كان هؤلاء سيستفيدون من التغييرات الأخيرة أم لا.
تنظيم داعش، الذي تصر كل الأطراف على اعتباره العدو الحقيقي، فقد جرابلس وسرعان ما سيضطر إلى التخلي عن آخر معاقله على الحدود التركية، وهذا على الأرجح يعني أن رغبة الأكراد بمهاجمة معقله الأبرز “الرقة” بالنيابة عن الغرب قد اضمحلت بشكل كبير.
الثوار السوريون ابتهجوا عقب نجاح غزوتهم لمعاقل التنظيم في جرابلس، ولكن “ما يسرهم” يمكن أن يكون في الأفق، عندما تحول تركيا ظهرها لهم حتى تتمكن من الانضمام إلى الأسد في المعركة ضد الأكراد.
فقد طورت تركيا علاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة ما وضع حدا للزحف الكردي، ولكن الصراع قد يندلع الآن في تركيا. وبالفعل، فإن عدة مئات من الأشخاص قتلوا هناك خلال الأشهر الأخيرة في مناوشات بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني.
والآن بشار الأسد أضاف الأكراد إلى قائمة أعدائه، ولكنه ليس بحجم تركيا وقوتها، ومصيره، على الرغم من ذلك، لا يزال في يد موسكو. والولايات المتحدة لديها الآن مشكلة وجود اثنين من الحلفاء في سوريا الذين يرغبون فعلا بإطلاق النار على بعضهما البعض. ويبدو أن الروس قد حصلوا على الكثير، فيما يتطلع الأكراد إلى أن يكونوا في الطرف الآخر من هذا الطيف.
وقد انتهى القتال في الحسكة، حيث بدأ كل شيء، على عجل يوم الثلاثاء الماضي، حيث اتفق مبعوثان من الحكومة في دمشق وممثل YPG على وضع حد للاشتباكات، وعلاوة على ذلك، فإن الطريق الوحيد إلى القامشلي مازال بحاجة إلى إعادة فتح، حيث لا تزال قوات الأسد تسيطر على جزء من المدينة بالإضافة إلى مطارها، وهو المطار الوحيد في شمال شرق سوريا.
وجرت المفاوضات على الاتفاق في قاعدة سلاح الجو الروسي في مطار حميميم، الذي أصبح منذ فترة طويلة المركز الثاني لسلطة نظام الأسد، فمن هناك تقود حكومة النظام المحادثات مع كل أنواع الجماعات السورية تحت رقابة مشددة من الروس.
كتبه ماكسيميليان بوب وكريستوف رويتر – مجلة دير شبيغل الألمانية
ترجمة: تيار الغد السوري