لا أدري لما أخذت أشعر، ولأول مرة، أن سوريا باتت مهددة حقا، لا بالتقسيم حصرا، إنما بالزوال من الوجود برمته!.. ساورني ذلك الشعور، ودخل تحت شغاف قلبي وأرعبني ذلك التداعي المخجل في أداء السياسيين تحت قبة الشعارات المزيفة.
إنها الخيانة في النفوس المريضة تخلخل في كياننا كأعرق أمة على وجه الأرض وتتسرب في شراييننا لتتفشى كالوباء، فيما تتناسج محارم المحسوبيات والمنسوبيات وبكتيريا عفن الفساد فوق الغشاء السياسي للوطن، حيث تهيمن مصالح فئاتها كشباك العنكبوت!.
اللصوص والمفسدون عاشوا في الماضي دهورهم في جحور النسيان ليكرسوا أخيرا مصالحهم فيكون الوطن تحت أقدامهم رهينة لحفنة من الأوباش!.. تلاشت القيم وفقدت مقاييس المهارة ما أفقدنا وضوح التصور في مواجهة الأحداث، وفقدنا الهوية الوطنية فتحولنا من غرباء في وطننا ومهاجرين، وانكفأ من انكفأ وشاعت سياسة الـ”هات وخذ”، وسادت شرائع التعصبات المذهبية والمنافعية والتحاصصية والعشائرية فلا أدري إلى أين نتجه وإلى أين يمضي بنا الزمان!؟.
لقد أصبحت دول تافهة لم تكن موجودة على الخرائط تحجم عن استقبالنا ولا تقيم لنا وزنا وتنظر إلينا بازدراء ودونية.. ونحن أباطرة الحضارة وأسياد التاريخ ومعلمي البشرية!.
ماذا دهاكم أيها السوريون.. أليست سوريا وطنكم ووطن أجدادكم العظام؟!.. مانفع حفنة من الدولارات لرجل بلا وطن بلا أخلاق؟!.
كل أمم الأرض لن تعيد لكم سوريا إن لم تعيدوها أنتم، لقد انشغل عملاء الداخل والخارج في تكريس الحضور الأجنبي، فإلى متى نبقى في صمتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس؟!.. كلنا مسؤلون عما حصل.. فلنصدق مع أنفسنا قبل الغير لنتحزم بقوة الله وقيم رسول الله لنقمع هوى النفس عن المال والشهرة والسلطة ونستشعر آلام الفقراء والأرامل واليتامى والمعوزين والجائعين والمشردين.. سنحاسب عليهم جميعا يوم ينادي الله {وقفوهم إنهم مسؤولون}.
درغام هنيدي – تيار الغد السوري