في حديث لقناة “cbc extara” قال الدكتور محمد خالد الشاكر، مدير مكتب الدراسات والبحوث في تيار الغد السوري، غداة الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن الهدنة، إن السوريين يرحبون بأي هدنة توقف نزيف الدم السوري، إلا أننا غير متفائلين بإمكانية تطبيقها على الأرض، بسبب الخلل البنيوي الذي مازال قائما، سواء لجهة العلاقة بين القوتين العظميين واتفاقهما بشأن تسمية الفصائل الإرهابية، أو لجهة تكوين المعارضة، الممثلة رسميا في التفاوض، ومدى تعبيرها عن تطلعات الشعب السوري بكافة أطيافه، بسبب ارتهانها الصريح لقوى إقليمية ولدول وظيفية، مايحول دون نجاح أية هدنة قادرة على أن تشكل دفعا حقيقيا نحو العملية السياسية. يقابله أيضا تغول لمليشيات إيرانية، جعلت من الصراع في سوريا بأبعاد طائفية، وفي إطار مشروعين أحدهما سني تقوده تركيا، وٱخر شيعي تقوده إيران، ومابين المحورين تبدو اتفاقات الدولتين العظميين، أشبه بحرب باردة جديدة، تسخن في مناطق النفوذ السورية، المتناثرة هنا وهناك، لهدنة هنا وأخرى هناك، كحالة لم تقدم سوى الموت اليومي للسوريين.
لا اتفاق ولاهدنة فعلية قبل فصل الجماعات الإرهابية المدعومة إقليميا
وقال د. الشاكر، غداة الاتفاق، إن الطرفين لن يتمكنا من تطبيق المرحلة الأولى من الهدنة، المتعلقة بفترة الـ٤٨ ساعة، التي تضمنت الجانب الإنساني وإدخال المساعدات الإنسانية، لأسباب كثيرة في مقدمتها عدم الاتفاق بين الروس والأمريكان على تحديد وفصل الجماعات الإرهابية عن غيرها، وهذا هو السبب الرئيس في تأخر الولايات المتحدة بنشر بنود الاتفاق وتفاصيله، في الوقت الذي صرحت فيه وزارة الخارجية الروسية، أن ليس لديها ماتخفيه.
وشكك د. الشاكر في نوايا الجانب الأمريكي، الذي يريد الإبقاء على حالة الصراع، كما هي الآن على الأرض، لغاية في نفس إدارة أوباما، بالتغاضي عن فصائل إرهابية بعينها، استرضاء لقوى إقليمية تقف وراء هذه الجماعات، وبما يؤمن لإدارة أوباما الاستمرار في عقيدة الانكفاء والاحتواء المزدوج لجميع القوى المتصارعة ومن خلفها، الأمر الذي يبقي أي اتفاق أو أية هدنة مجرد بروبوغندات إعلامية لهدنة هنا واتفاق هناك.
الاتفاق جاء على أرضية هشة، تحول دون تطبيق المرحلة الثالثة، المتضمنه دور مجلس الأمن الدولي في عودة العملية السياسية
وفي حديث لاحق للقناة ذاتها، بعد فشل مدة الـ٤٨ ساعة في إيصال المساعدات، أعاد د. الشاكر التشكيك بإمكانية نجاح فعلي للهدنة، معتبرا فشل القوتين العظميين في تطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق، المتعلق بالجانب الإنساني، دليلا على ان الاتفاق جاء على أرضية هشة، لايمكن لها أن تشكل دفعا نحو المراحل الأخرى، وذلك بتحقيق هدنة قادرة على أن تكون مقدمة لعملية سياسية ينتظرها مجلس الأمن الدولي في أيلول/سبتمبر الجاري، لاسيما وأن المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، لم ينجح حتى تاريخه في الحصول على تصريح رسمي من النظام السوري بإدخال الشاحنات المحملة بالمعونات الإنسانية، وهو مايحول دون تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق، القاضي بتشكيل مركز عمليات مشترك، مقره جنيف، ومزود بشاشات عملاقة لمراقبة تطبيق الهدنة على الأرض.
لا اتفاق ولا هدنة قبل فصل الجماعات الإرهابية المدعومة إقليميا
تيارنا يعمل على كسر احتكار المعارضة، وتجميع القوى الوطنية الديمقراطية
وفي إجابة على سؤال: ما الحل؟ قال د. الشاكر: نكرر أن الحلول الآنية التكتيكية المرتبكة، ليست سوى تصفية حسابات دولية وإقليمية، ويؤكد ذلك غياب المعارضة السورية وممثليها في هيئة التفاوض عن الاتفاق، وكأن مايحصل شأنا لايعني السوريين، ولهذا ندعو المعارضة السورية للعمل الاستراتيجي، الذي يحفظ سورية دولة مدنية ديمقراطية تعددية موحدة، بدء من إصلاح الخلل البنيوي داخل المعارضة المحتكرة لصالح جهات بعينها، والعمل على إعادة صياغة معارضة وطنية سورية ببعد عربي، وفي مقدمته الدور السعودي والمصري، والعمل على تجميع القوى الوطنية الديمقراطية، التي يقع على عاتقها إخراج الصراع في سوريا من حالة الارتهان لقوى خارجية، تعمل في سبيل مصالحها على تحويل سوريا إلى دولة فاشلة على شاكلة النموذج اللبناني، الذي مازال يعاني من معضلة الدولة داخل الدولة، المتمثلة بهيمنة ميليشيا حزب الله على القرار اللبناني، الذي أصبح خارج الحدود.
وتابع د. الشاكر: ولهذا كله نعمل في تيار الغد السوري على تجميع هذه القوى الوطنية، وقد نجحنا في ذلك بالاتفاق مع هيئة التنسيق، والإدارة الذاتية الكردية، في خطوة نحو صهر قوى أخرى في بوتقة الوطن السوري الواحد، آخذين بعين الاعتبار التركيز على وحدة الأراضي السورية، واستقلال القرار الوطني.