يعقد قادة 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، اليوم الاثنين، في مدينة نيويورك الأمريكية قمة لمناقشة أخطر أزمة للهجرة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، يتوقع أن يطغى عليها النزاع المستمر في سوريا والجهود الأمريكية الروسية لوقف القتال.
وتعقد القمة، التي تخصصها الأمم المتحدة للهجرة، قبل بدء الدورة السنوية للجمعية العامة للمنظمة الدولية، والتي يحضرها العشرات من رؤساء الدول والحكومات حول العالم، بينما دخلت هدنة تزداد هشاشة حيز التنفيذ قبل بضعة أيام في سوريا.
وقد أسفر النزاع، الذي دخل عامه السادس في سوريا، عن سقوط أكثر من 300 ألف قتيل، ونزوح أكثر من تسعة ملايين شخص، ولجوء أربعة ملايين آخرين إلى دول مجاورة أو إلى أوروبا. ويفترض أن يهيمن هذا الملف على المحادثات على هامش الجمعية العامة التي تبدأ أعمالها يوم غد الثلاثاء.
وقرر القادة الدوليون تبني إعلان سياسي بسيط الاثنين يشدد على “احترام الحقوق الأساسية” للمهاجرين، وعلى التعاون الدولي من أجل مكافحة التهريب ومعاداة الأجانب وحصول الأطفال اللاجئين على التعليم. لكن الإعلان لا يتضمن أهدافًا محددة بالأرقام ولا التزامات محددة حول كيفية تقاسم أعباء المهاجرين. واعتبرت أبرز المنظمات غير الحكومية أن هذه الالتزامات أقل مما يفترض.
وقالت منظمة العفو الدولية إن القمة “تفوت فرصة” للتوصل إلى خطة دولية، بينما لفتت هيومن رايتس ووتش إلى الدول التي استضافت عددًا قليلًا من اللاجئين، مثل البرازيل واليابان وكوريا الجنوبية، أو لم تستقبل أحدًا على غرار روسيا.
هذا فيما اقترح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن تستضيف الدول كل عام 10% من إجمالي اللاجئين، وذلك بموجب “ميثاق دولي”. إلا أن هذا الهدف تبدد خلال المفاوضات، وأرجئ الميثاق إلى العام 2018 على أقرب تقدير.
ورأت منظمة أوكسفام البريطانية غير الحكومية أن الحكومات “ستتبادل التهنئة الاثنين، إلا أن الالتزامات السياسية أقل بكثير مما يجب لمعالجة المشكلة”. وتقدر الأمم المتحدة عدد المهجرين في العالم بـ65 مليون شخص، من بينهم 21 مليون لاجئ فروا من الاضطهادات والفقر والنزاعات.
ومن جهتها، قالت رئيسة منظمة “أطباء بلا حدود” فرنسواز سيفينيون لوكالة فرانس برس: “لا نشعر حتى الآن بأن هناك إرادة سياسية قوية”. وعبّرت سيفينيون عن أسفها “لغياب خطة فعلية لإعادة توطين” اللاجئين، ولأن البيان الختامي اكتفى بعبارة “احتجاز أطفال، وهو أمر لا نقبل به أبدًا”، مضيفة إن حماية القاصرين الذين لا يرافقهم بالغون، “ويكونون في وضع ضعيف جدًا”، مسألة “لم يتم التركيز عليها بشكل خاص”.
في المقابل، رفضت ممثلة بان كي مون في القمة كارين أبو زيد هذه الانتقادات، وأكدت لفرانس برس أن الدول ستلتزم في البيان الختامي بتحقيق الهدف الذي حددته المفوضية العليا للاجئين. وتدعو المفوضية التابعة للأمم المتحدة إلى إعادة توطين 5% من مجمل اللاجئين. وهذه النسبة تعادل 1.1 مليون لاجئ في 2017 في مقابل مئة ألف في 2015، أي “أكبر بعشر مرات”، بحسب أبو زيد.
كما سيبحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يوم غد الثلاثاء، في أزمة الهجرة من زاوية أكثر عملية. فقد دعا نحو أربعين دولة مانحة ستتعهد استقبال المزيد من اللاجئين وتأمين فرص تعليم وعمل وزيادة المساعدات إلى أبرز دول الاستقبال التي تجاوزت قدراتها على الاستيعاب.
ويعيش أكثر من نصف اللاجئين حول العالم في ثماني دول ذات مداخيل ضعيفة أو متوسطة، هي لبنان والأردن وتركيا وإيران وكينيا وأثيوبيا وباكستان وأوغندا، فيما تستقبل ست من الدول الأكثر ثراء في العالم هي الولايات المتحدة والصين واليابان وبريطانيا وألمانيا وفرنسا 1.8 ملايين لاجئ، أي 7% فقط من إجمالي اللاجئين، بحسب منظمة أوكسفام الدولية.