أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن محاولات إطلاق عملية سياسية في سوريا تتعثر، وأن اتفاقاته الشخصية مع نظيره الأمريكي باراك أوباما بهذا الشأن لم تنجح، منوها إلى أن تسليح الإرهابيين وتحريضهم ضد بشار اﻷسد مازال مستمرًا حتى الآن.
وقال بوتين في كلمة ألقاها أثناء جلسة عامة لـ “نادي فالداي” للحوار المنعقد في مدينة سوتشي الروسية إنه “سيتقاعد بنجاح” عندما “يأتي الوقت”، إلا أنه حاليًا لا يزال يبقى “رئيسًا عاملاً لقوة كبرى”.
واعتبر بوتين الاتهامات الموجهة إلى بلاده بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مجرد “هستيريا”، متسائلاً عمّا إذا كانت الولايات المتحدة اﻷمريكية جمهورية موز.
وأضاف: “بين المشكلات الاسطورية والمتخيلة هناك الهستيريا، ولا أجد وصفًا آخر، والتي انتشرت في الولايات المتحدة عن التأثير المزعوم لروسيا على الانتخابات الرئاسية”.
ونفى بوتين هذه الاتهامات، وقال إنها تهدف إلى تشتيت انتباه الناخبين الأمريكيين عن المشاكل الداخلية. وتساءل: “هل يعتقد أحد حقًا أن روسيا تستطيع أن تؤثر بطريقة ما على خيار الشعب الأمريكي؟ هل الولايات المتحدة جمهورية موز؟ الولايات المتحدة قوة عظمى”.
وقال الرئيس الروسي إن بلاده لا تعتزم التدخل العسكري في أي بلد آخر بالشرق الأوسط غير سوريا. وعندما سئل هل تنوي روسيا التدخل في العراق أو ليبيا بنفس الطريقة التي تدخلت بها في سوريا، رد على الحضور في منتدى بجنوب روسيا قائلاً: “لا نحن لا نخطط لذلك بأي حال”.
وفي حديثه عن الحرب ضد الإرهاب، قال الرئيس الروسي: “كان يبدو أن جبهة موحدة لمكافحة الإرهاب بدأت تتشكل بعد إجراء مفاوضات طويلة وبذل جهود هائلة وتحقيق حلول وسط معقدة، إلا أن ذلك لم يحدث. ولم تنجح اتفاقاتنا الشخصية مع رئيس الولايات المتحدة”.
ونوه بوتين إلى أن قوى معينة في واشنطن فعلت كل ما بوسعها لإفشال تنفيذ الاتفاقات الروسية الأمريكية، مشيرًا إلى أن ذلك يعكس سعي الغرب غبر المبرر وغير المعقول إلى تكرار أخطائه.
وأضاف: “من الصعب جدًا بالنسبة لنا الحديث مع الإدارة الأمريكية الحالية، لأنها لا تنفذ شيئًا تقريبًا، لا تنفذ أي اتفاقات، بما في ذلك حول سوريا، على فكرة. إلا أننا سنكون مستعدين للحديث مع رئيس جديد للبحث عن حل لأي مسائل معقدة”.
وقال بوتين إن جماعات إرهابية لا تزال تتلقى أسلحة ومساعدات من أجل استخدامها لتحقيق أهداف سياسية معينة. وحذر هؤلاء الذين يريدون استغلال الإرهابيين قائلاً: “المتطرفون أذكى وأقوى منكم، وإنكم ستخسرون دائمًا في حال اللعب معهم”.
وتابع أنه لا يزال يجري تسليح الإرهابيين في سوريا وتحريضهم ضد بشار الأسد، مؤكدًا أن هؤلاء الذين ينوون استغلال الإرهابيين في سوريا ويأملون في أنهم سيقضون عليهم في ما بعد، سيفشلون في تحقيق ذلك.
واعتبر ان الموقف الغربي بشأن حلب غير منطقي، قائلاً إن هناك خيارين فقط، يتمثل أحدهما في ترك وكر الإرهابيين بحلب، والثاني في تدمير هذا الوكر بعد اتخاذ كل الإجراءات المطلوبة لتجنب سقوط ضحايا بين المدنيين.
وذكّر الرئيس الروسي بأن تنامي الإرهاب لم يحدث بسبب ما يجري في حلب، داعيًا إلى عدم نسيان الموصل والرقة عند الحديث عن سقوط ضحايا في حلب. وقال: “نسمع من شركائنا دائما أنه يجب التقدم نحو الرقة، ويجب تدمير هذا الوكر الإرهابي. لكنّ هناك أيضًا مدنيين يعيشون في الرقة”.
ودعا بوتين إلى دق الأجراس ليس على القتلى في حلب فحسب، وإنما في الموصل أيضًا، قائلاً: “أريد أن أشير إلى ما يحدث مثلاً في فنلندا، حيث تدق أجراس الكنائس على القتلى في حلب. دعونا ندق الأجراس الآن على قتلى الموصل. عملية الموصل تبدأ، وقتل الإرهابيون قرابة 200 شخص أملاً في وقف الهجوم. دعونا لا ننسى هذا”. وأكد أنه لا يجوز التخلي عن قواعد ميثاق الأمم المتحدة، لأن ذلك سيؤدي إلى الفوضى، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة خرقته من خلال استخدام القوة في يوغوسلافيا والعراق وسوريا.
وقال بوتين “الحرب في سوريا بدأت قبل تدخلنا بكثير. لقد بدأوا بتزويدهم بالأسلحة وبدأوا بتربيتهم وتحريضهم ضد الأسد، وما إلى ذلك من إمكانيات أخرى، وهم الأكثر فاعلية. وهذا مستمر حتى الآن، لأن هذه الوحدات القتالية هي الأكثر فاعلية، ويمكن توجيهها كما يعتقد البعض، ثم التصرف معها.. لن يتسنى ذلك”.