طالبت السلطات اللبنانية لاجئين سوريين في محافظة عكار الشمالية بإخلاء مخيمهم الذي يضم 350 عائلة خلال عشرة أيام ضمن خطة لإعادة تنظيم وتوزيع المخيمات في كافة الأراضي اللبنانية، فيما دعا اللاجئون إلى إيجاد بديل، متسائلين في قلق عن الوجهة التي سينتقلون إليها بعد ذلك.
وبحسب مصدر أمني لبناني فإن “السلطات أمهلت النازحين في مخيم الريحانية عشرة أيام لإخلاء المخيم”.
ويقع مخيم الريحانية للاجئين السوريين في بلدة “ببنين” بقضاء طرابلس ذات الـ 30 ألف نسمة، وهو أكبر مخيمات عكار، التي تحوي حوالي 25 مخيم.
وأضاف المصدر الأمني أن هذا “الطلب جاء لإعادة رسم خريطة انتشار المخيمات وتوزيعها الجغرافي، وإعادة تنظيم تواجد النازحين السوريين في كافة الأراضي اللبنانية”.
وأشار أن “انتشار هذه المخيمات أدى إلى رفع أعداد السكان في البلدة إلى الضعف تقريبا، بعد أن لجأ إليها عشرات الآلاف من النازحين الفارين من الحرب في سوريا”.
ويعيش داخل لبنان نحو 4.5 مليون مواطن، بحسب تقديرات غير رسمية، بينما تستضيف لبنان قرابة 1.3 مليون لاجئ سوري مسجل، وفقا للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية التابعة لها والتي تفيد بأن أكثر من 70% من اللاجئين المسجلين يعيشون تحت خط الفقر، البالغ 3.84 دولار أمريكي يوميا.
وقال أحد العاملين في بلدية ببنين، لوكالة الأناضول، إنه “حتى الآن لم تتبن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة المطالب بتأمين بديل لهؤلاء اللاجئين (350 أسرة)، وبالتالي سيجدون أنفسهم مضطرون للنزوح والتشرد، ولكن إلى مكان مجهول”.
فيما قال أحد العاملين في إحدى جمعيات الإغاثة المحلية: “اليوم يوجد ما يزيد عن 300 ألف نازح في عكار، معظمهم موزعين في مناطق محددة يعيشون ظروفا اجتماعية سيئة، فبالكاد لديهم طعام وشراب.. والمساعدات تقل يوما بعد آخر.. كما قلّ عدد المنظمات غير الحكومية التي كانت تعمل على إيوائهم.. الكل يتبرأ منهم، وحتى البيئة الحاضنة لم تعد قادرة على تحمل أعبائهم”.
وأضاف: “تحت شعار التنظيم، بات هؤلاء أمام مأساة حقيقية، فوفقا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن غالبية المخيمات عشوائية، وهناك محاولة لتنظيمها تحت إشراف الدولة اللبنانية؛ لأن كل مالكي الأراضي المقامة عليها مخيمات يطالبون ببدل إيجار، ويتقدمون بشكاوى لإخلاء أراضيهم.. كما يتعرض سكان المخيمات لمضايقات ولا يستطيعون إيجاد عمل لإعالة عائلاتهم”.
وقالت مصادر أمنية إن “الأمم المتحدة تضغط على الحكومة اللبنانية لتنظيم المخيمات، كما أن الحجة الأمنية باتت مبررا لتنظيم وجود اللاجئين خوفا من انفجار الوضع الأمني”.
المصادر أوضحت أيضا أن “إقامة مخيمات للاجئين السوريين يشكل أزمة بينهم وبين محيطهم”، مشيرةً أنه “يوجد 1400 مخيم عشوائي موزعة في المناطق اللبنانية تضم 18% من اللاجئين، وهذا أمر يعتبره الجيش بالغ الخطورة، وينفذ يوميا مداهمات في هذه المخيمات خوفا من لجوء متطرفين إليها”.
ورأت المصادر الأمنية، أن “إعادة تنظيم المخيمات هو الحل الأسلم للمشكلة، وهذا ما هو حاصل في عكار ومخيماتها، حيث إن هذه الإجراءات بدأت منذ حوالي السنة بعد اختطاف العسكريين اللبنانيين في بلدة عرسال” على يد “جبهة النصرة” في سوريا.
وقد لاقت خطوة السلطات اللبنانية نوعا من الألم وخيبة الأمل بين قاطني مخيم “الريحانية”، حيث عبّر لاجئون سوريون عن قلقهم على مصيرهم ومصير عائلاتهم.
وقال موسى الحاج حسن (71 عام)، وهو نازح من بلدة القصير بمحافظة حمص، إن “إفراغ المخيم ليس له مبرر ليتهم يرموننا في البحر، فأين سنذهب؟!”.
بدوره، قال عبدو كنج شروف (30 عاما) من القصير أيضا، إن “العودة إلى سوريا تعني الموت، وفي لبنان يُمنع العيش في مخيمات.. فإلى أين سنذهب؟!”.
فيما ناشدت بديعة حمدو، وهي من محافظة حلب، السلطات اللبنانية بـ”التحلي بالرأفة والرحمة على الأطفال؟”. وأضافت “ليت أطفالنا ماتوا بالسلاح الكيماوي، كان هذا المصير أشرف من المذلة والإهانات التي نتعرض لها لماذا هذا الصمت الدولي؟”.
وقالت سامية حمود، وهي لاجئة من حمص: “في الشوارع وفي كل مكان نتعرض للذل والملاحقات بهذه الحجة أو تلك.. هل هذه هي الإنسانية؟!.. الكل يعرف مأساتتا، فلا طعام ولا شراب ولا أدوية.. واليوم تهجير”.