رأى أحمد شبيب، عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري، أن أسوأ ما يواجهه السوريون اليوم “هو تعطل الحل السياسي والمفاوضات السورية السورية إلى أجل غير مسمى، وبالتالي انسداد أفق الحل والخلاص نظراً لتأكيد كل قيادات الدول الإقليمية والغربية على استحالة أي حل غير الحل السياسي”.
وأضاف شبيب في حوار مع “إيلاف” أن هذه المفاوضات التي أصبحت حالة بمجرد ذكرها تبعث التشاؤم في نفوس السوريين كونه يسبقها دائماً شلالات دم ومجازر يرتكبها على وجه الخصوص النظام وحلفاؤه، اقترنت في “جنيف 3” بانعدام التكتيك والتقنية المطلوبة، وكأن من يدير التفاوض من الطرف المعارض لا يعي حيثيات وموجبات الاعتراف والموافقة على بيان “جنيف 1” ويجهل حساسية المرحلة وضعف إمكانات الثورة وتخاذل العالم في دعمها.
وأكد عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري على أن “وفد المعارضة كان يجب عليه أن يمارس تكتيكاً إبداعياً في مواجهة تهرب النظام من استحقاقات الحل السياسي، من أجل كسب الوقت لتثبيت الهدن ووقف الأعمال العدائية لحين تجاوز مرحلة الانتخابات الأمريكية، ولربما كانوا قادرين على القيام بأداء أكثر ايجابية من مجرد مغازلة ومداعبة مشاعر الشعب السوري المكلوم”.
وأضاف شبيب: “ما شهدته الأشهر الأخيرة من عمليات تهجير قسري ممنهج إلى إدلب كان من أجل زيادة آلام هذه المدينة المحررة، والعمل على تصويرها على أنها ستكون مكان الحشر لمن ستتم تصفيتهم في مرحلة لاحقة”.
أما بخصوص المعارك في حلب، قال شبيب إن معارك حلب بات الشعب ينظر إليها بعين الريبة متخوفا من عدم جدواها، وحزينا على من سيستشهد من خيرة الشباب السوري وأكثرهم صدقاً، وفي الوقت نفسه بات هذا الشعب المطحون يتوجس خيفة من مجازر قد يرتكبها النظام وحلفاؤه ضد أهلنا في حلب، وما سيترافق مع هذه المجازر من آلام وتهجير، بالإضافة إلى الضبابية العملية في التحركات العسكرية في الشمال السوري بشكل عام، وتداخل هذه العمليات مع مشاكل سياسية وديموغرافية وأجندات محاور إقليمية ودولية في سوريا وفي بعض دول الجوار.
وحول الصورة الدولية المرتبطة بالملف السوري اليوم رأى شبيب أن “كل هذا يدفعنا للإحباط واليأس. والصورة اليوم قاتمة جداً. دول الإقليم والدول الكبرى منهمكة بالصراع من أجل تحقيق مصالحها من جهة، ومن أجل السيطرة على انعكاسات الوضع في سوريا على أوضاعها الداخلية من جهة أخرى”.
وأضاف “الكل في سباق محموم من أجل الاشتراك في تمثيلية مكافحة الإرهاب، ويتسابقون لاستئصال وهزيمة وتعطيل نشاط تنظيم إرهابي كبر وترعرع في مهد استخبارات دول العالم”.
وأكد “أن تنظيم داعش المارق سينهزم في الموصل، وسيدفع أهلها العرب السنة ثمن انحسار هذا التنظيم قتلاً وتنكيلاً وتهجيراً، وسيضاف هذا إلى القتل والتنكيل الذي مارسه التنظيم بحقهم لسنوات بدأت عندما قدّم نوري المالكي الموصل كهدية للتنظيم مع أسلحة ثقيلة وكل المعدات التي يحتاجها لأداء الدور المنوط به”.
واعتبر شبيب أن “رغم كل ما لقيناه من الحكومة العراقية وتأييدها قتلنا ودعمها السياسي والعسكري واللوجستي والمرتزقي للنظام لن يتحسر الشعب السوري على الدموع التي ذرفها يوماً على العراق وأهله، ولن يندم على الصيحات التي أطلقها في المسيرات المناصرة للعراق وحرية وكرامة أبنائه، لأننا بكينا أحرار العراق وكرامتهم ولم نبك مرتزقة وصبيان الولي الفقيه”.
وحول الوضع لبنانياً وما شهد من انتخاب رئيس جديد، ووقوع التوافق أخيراً على الجنرال ميشال عون قال شبيب إنه “الشخصية المعروفة والتي لها ما لها وعليها ما عليها، عانى آلام الحرب الأهلية التي عاشها بلده، وذاق ألم اللجوء، وشرب كؤوس غدر وخيانة وعنجهية النظام السوري، ودفع بسببها سنوات من عمره منفيّاً في فرنسا، وهو اليوم حليف حزب الله وإيران والنظام!”.
وتساءل “لكن بعد انتخاب عون رئيساً للبنان هل سيغلّب مصلحته كرئيس للبنان ويخرج من عباءة التحالفات مع من عطّلوا الكثير من الاستحقاقات الدستورية على مدار عقد ونصف؟!، ولكن بكل الأحوال أهل مكة أدرى بشعابها، ونحن نثق بخيارات الشيخ سعد الحريري، وتمنى للجمهورية اللبنانية الشقيقة الأمن والسلام والازدهار، وتمنى من الحكومة الجديدة التعاطي السياسي الايجابي مع الملف السوري، والاهتمام بملف اللاجئين السوريين وتحسين ظروف استقبالهم، ومعالجة مشاكلهم إنسانياً بعيداً عن الاستقطاب السياسي الداخلي والاقليمي، لما لهذا الإجراء من انعكاسات مستقبلية على الأخوّة السورية اللبنانية التي تشهد اليوم احتقاناً معلوم الأسباب”.
وأخيرا، أكد شبيب على أن سوريا الوطن في خطر، والخطر أقرب إليها من حبل الوريد، وهذا يستدعي يقظة سورية نخبوية تكون بوصلتها المصلحة الوطنية السورية الواقعية، ومراجعة شاملة للوصول إلى خطة قابلة للتحقيق لإخراج سوريا من دوامة ارتهان القوى السياسية القسري للمحاور الإقليمية، والعمل في سبيل وطن حر كريم.
وكرر شبيب إيمانه بأن أول خطوة في طريق النصر والتعافي والخلاص من الدكتاتورية والإرهاب هو وقف إطلاق النار ووقف نزيف الدم السوري، وختم: “اللاحق لن يكون أسوأ من السابق، وهناك تغيير قادم نتأمل أن يكون في الصالح السوري”.