أثر الفواعل الحكومية وغير الحكومية في الاستراتيجية الأمريكية، وصناعة القرار الأمريكي

_دراسة تأصيلية_                                                             ملخص البحث أكثر من قرنين من الزمن مرت على كتابة...

_دراسة تأصيلية_  

                                                        

د. محمّد خالد الشاكر

د. محمّد خالد الشاكر

 ملخص البحث

أكثر من قرنين من الزمن مرت على كتابة الدستور الأمريكي، دون أنْ يطاله أي تعديل يواكب حركية المجتمع الأمريكي، والتحولات التاريخية التي طرأت على  بناه السياسية، الاقتصادية، والثقافية، كفلسفات ناظمة للعلاقة بين المؤسسات الرسمية فيما بينها، أو علاقتها مع المؤسسات غير الرسمية، كعلاقات تشكل محوراً أساسياً في رسم توجهات الاستراتيجية الأمريكية.

لقد تأسس الدستور الأمريكي على مبدأي الحرية والانتظام، حيث يأخذ الأول (مبدأ الحرية) بتوجهات وفلسفات المجتمع الأمريكي، بينما يضبط الثاني ( مبدأ الانتظام) آلية العمل داخل المؤسسات الدستورية.

وبسبب جمود الدستور، لم يعد مبدأ الانتظام الذي قصده المؤسسون الأوائل، ضابطاً لمأسسة العمل الحكومي، حيث تشهد  المؤسسات الرسمية اليوم، صراعاً وتقاسماً على السلطة بين مؤسسة الرئاسة ( السلطة التنفيذية)، والكونغرس ( السلطة التشريعية).

ولاتتوقف هذه الاشكالية عند حدود الصراع بين المؤسسات الدستورية ذاتها، بل تتعداها  إلى تراجع دور هذه المؤسسات لصالح الفواعل والقوى غير الحكومية، التي وجدت ضالتها في الفهم الجامد  لمبدأ الحرية،  فكان لها اليد الطولى في صناعة القرار الأمريكي، وصوغ التوجهات النهائية للاستراتيجية الأمريكية.

 لقد أدى التزاوج الخبيث بين المال والسلطة، إلى ظهور حالة من الوفاق الضمني بين زعماء الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بسبب تقاسم مصادر التمويل غير الحكومي، مما جعل توجهات الاستراتيجية الأمريكية، محكومة بقواعد اللعبة السياسية. الأمر الذي يكشف عيوب الإدارة الديمقراطية للسياسة الخارجية الأمريكية.

لقد أصبحت السياسة الأمريكية اليوم – أكثر من أي وقت مضى- أمام استحقاقات تتعلق بتحديد عقيدتها الاستراتيجية، ودورها – كقوة عظمى- في النظام الدولي، وتحديد مستقبل القوة الأمريكية، التي ظلت لعقود من الزمن، تتأسس على صناعة الأوضاع المتفجرة في مناطق محددة من العالم، كان للمنطقة العربية النصيب الأكبر منها، مما أسبغ عليها نوعاً من التفكير الاستراتيجي، القائم على  تأخير الانحدار الأمريكي، وهو ما وضع السياسة الخارجية الأمريكية اليوم، أمام ضيق في أفق الرؤية الاستراتيجية،

جعلها تفتقر لهوية واضحة أومحددة المعالم في تعاملها الأزمات الدولية.  ولعل مايحدث اليوم  في سورية، وشبه جزيرة القرم، دليلاً على الانكفاء والتراجع الذي طال السياسة الأمريكية ودورها العالمي.

لقد شهدت البشرية  بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أكثر من مئة حرب، تزامنت مع صعود القوة الأمريكية على المسرح الدولي، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل هذه  القوة، ودورها في النظام الدولي.

مقدمة

ثمة أسئلة كثيرة تُطرح، حول جمود الدستور الأمريكي، بعد قرنين من كتابته، ودوره اليوم في مواجهة تطور البنى السياسة والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الأمريكي، وأثر ذلك في توجهات الاستراتيجية الأمريكية، لاسيما تلك التطورات المتعلقة بتغير بنية التركيبة المجتمعية، التي بنى عليها المؤسسون الأوائل، المبادئ الرئيسية للاتحاد الفيدرالي.

لقد ركز الدستور الأمريكي على مبدأي الحرية والانتظام، حيث يأخذ الأول – مبدأ الحرية- بتوجهات وفلسفات المجتمع الأمريكي، بينما يضبط الثاني – مبدأ الانتظام- آلية العمل داخل المؤسسات الدستورية.

وبسبب جمود الدستور، تشهد  المؤسسات الرسمية اليوم، صراعاً وتقاسماً على السلطة، أدى إلى تراجع دورها لصالح الفواعل والقوى غير الحكومية، التي أصبح لها اليد الطولى في صناعة الاستراتيجية الأمريكية، فلم تعد توجهات الاستراتيجية الأمريكية، تتوقف على العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والكونغرس، كما لم تعد تحددها المتطلبات الخارجية أو قناعات وتوجهات الشعب الأمريكي، أوالمبادئ التي روّجت لها الثورة الأمريكية، بقدر ما ظلت محكومة بتأييد القوى غير الحكومية، العاملة داخل التركيبة المجتمعية الأمريكية، التي اشتغلت لصالح توجهات وقناعات شخصية وإيديولوجية، جعلت من منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية على وجه الخصوص، ميزة الاستراتيجية تتقدم محددات السياسة الخارجية الأمريكية.

والسؤال الأهم: أين آلت نظرة المؤسسين الأوائل في إعلاء شأن المؤسسات الدستورية استناداً لمبدأ علوية الدستور، كأساس للعمل المؤسساتي المنبثق من أهداف ومبادئ الثورة الأمريكية، كثورة أُريد لها أنْ تكون عالمية وإنسانية، في إطار دستوري يمثل عقائد وفلسفات وتوجهات الشعب الأمريكي، كقدوة لشعوب العالم الحر، والمرجع الأول والأخير في صناعة السياسة الخارجية الأمريكية، وصوغ الاستراتيجية النهائية للبلاد؟.

البحث كاملا من… هنا

أقسام
الأخبار المميزةمكتب الدراسات والبحوث

أخبار متعلقة