عيّن الائتلاف السوري تسع نساء للوفاء بوعده للأوروبيين بزيادة عدد النساء بما يتناسب مع عدد أعضاء الائتلاف، وعلمت “الحياة” أن النسوة اللواتي تم تعيينهن هن: ربى حبوش، ديمة موسى، أمل شيخو، كفاح مراد، سلوى أكساو، عائشة ادريس، رباب الديري، بسمة محمد، وخولة عيسى، ولا مشكلة إن لم تكنّ معروفات للكثير من السوريين، لأن معظم أعضاء الائتلاف لا يعرفهم السواد الأعظم من السوريين.
الأسئلة كثيرة: كيف ومتى تم تعيينهن؟ وما سبب عقد مؤتمر نسائي لانتخاب النساء اللواتي من المفترض أن ينضممن الى الائتلاف؟ وما الجدوى من دعوة 48 امرأة من خارج تركيا؟ وما الغاية من اللجان التي أسسها الائتلاف من 27 سيدة موجودة في تركيا دُعين الى المؤتمر التحضيري للمؤتمر العام الذي كان من المفترض أن ينتخب عضوات الائتلاف، (يعقد بين الثاني والرابع من كانون الأول/ديسمبر)، ومن ثم تشكيل “هيئة نسائية” تكون رديفة للائتلاف؟ هي أسئلة تحمل بعض أجوبتها بداخلها، ويمكن السوريين اقتراح بعض الأجوبة وفق ما يريدون، فالعملية تسير ولا يهم من يسيّرها فالأجوبة خارجية.
ما يُعتقد هو أن الهيئة النسائية مع الكوتا التي تم استكمالها في الائتلاف، وبغض النظر عن المصاريف، ليست أكثر من برستيج طلبه الأوروبيون من الائتلاف، فهرول للتنفيذ، أما خفايا ما حدث وسيحدث ضمن المؤتمر فهو ما سنركز عليه في التحقيق.
دعا الائتلاف 70 امرأة سورية للمؤتمر الذي سيعقد في إسطنبول للغاية التي ذكرناها سابقاً، وتلقى بناء على ذلك 120 سيرة ذاتية للراغبات في الانضمام للائتلاف، فاختار 9 سيدات وقام بتعيينهن لأنه ووفق السيدة سميرة المسالمة نائب رئيس الائتلاف “هناك معايير وعلامات على السير الذاتية المرسلة وتم اختيار عشرة أسماء، وتم التصويت على ذلك في هيئة عامة”، وأكدت المسالمة أن “كل السيدات المرسلة سيرهن الذاتية أكثر جدارة من معظم أعضاء الائتلاف وتنطبق عليهن مواصفات علمية ومهنية لا توجد لدى كثير من الأعضاء”. انتهى كلام المسالمة، وبقي سؤال معلق بالهواء: إن كنّ أفضل من معظمكم، لماذا ما زلتم موجودين؟.
نفت المسالمة نفياً قاطعاً أن يكون الاختيار حصل بفعل محاصصات أو مصالح شخصية، بعد أن أخبرناها أن ثمة نساء من بين الحاضرات اليوم اتهمن الائتلاف بأن هذا التعيين غير شرعي وغير قانوني، وأنهن جئن إلى المؤتمر لانتخاب العضوات الجدد وليس لحضور محاضرات ساذجة “وفق تعبير الدكتورة سمية حاج نايف” إحدى المدعوات للمؤتمر وعضوة في لجنة من لجانه التحضيرية، والتي أصدرت بياناً طويلاً اتهمت فيه الائتلاف بالسعي الى تكوين “كيان سياسي نسائي مشوه”، وأنها، أي حاج نايف، حاولت النقاش معهم … ولكن محاولاتها جُبهت بالرفض الكامل.
ووفق مصادر من داخل الائتلاف فإنه تم تعيين السيدات الجدد بناء على محاصصات سياسية، حيث يكسب بعض الأعضاء “ذوي النفوذ” من بعض الاتجاهات السياسية “خصوصاً الإخوان المسلمين”، أصواتاً جديدة ترجح كفتهم بالقرارات التي يتم اتخاذها، كما أنه تم اختيار بعضهن من الناشطات في المجال الإغاثي، وبالتالي البعيدات من المعترك السياسي.
وأضافت المصادر أن ثمة سيدات داخل الائتلاف منزعجات من التوسعة النسائية، وغير موافقات عليها أو على المؤتمر والهيئة التي من المزمع إنشاؤها، مثل السيدة نغم الغادري والسيدة سهير الأتاسي، لأنه وفق المصدر كلتاهما تتصدر بعض المشاهد كونهما امرأتين وليس لأي سبب آخر، وبالتوسعة الجديدة خسرتا الامتياز الوحيد لديهما.
توجهنا للسيدة سهير الأتاسي لسؤالها عن المؤتمر والتعيينات الجديدة، وقبل أن نبدأ بالأسئلة أغلقت الأبواب قائلة: “أنا لم أكن في اللجنة التي عملت على الموضوع كونها كانت من الهيئة السياسية والرئاسية، وتمت دعوتي كغيري، يجب أن تسألي الهيئة الرئاسية والسياسية، فأنا بعيدة منذ نحو 8 أشهر”، وعن التوسعة قالت: “علمت بالتوسعة من الناس وتم إقرارها في اجتماع الهيئة العامة الأخير، حتى الورشة علمت بها من خارج الائتلاف”. السيدة الأتاسي المقيمة في إسطنبول، والتي تحتل مقعداً في الائتلاف منذ إنشائه حتى اليوم، والتي كانت ترأس واحدة من أهم الإدارات فيه، لا تعرف شيئاً عن المؤتمر أو الهيئة أو حتى التوسعة، ولا رأي لها بالموضوع لا كعضو ائتلاف قديم لا يترك مقعده ولا مقعده يتركه، ولا كامرأة سورية، علماً أن الدكتورة نايف اتهمتها بأنها مع المسالمة تحاولان السيطرة على الهيئة والمؤتمر، وهو الأمر الذي نفته المسالمة جملة وتفصيلاً بقولها: “أنا لن أحضر المؤتمر”.
دعا الائتلاف إلى المؤتمر 10 نساء تحت تسمية “مناصرات”، ووفق حاج نايف فإن المناصرات هن السيدات اللواتي يتواصلن مع الاعلام الخارجي، أي بمعنى أنهن ضيفات شرف، مثل مرح البقاعي وفرح الأتاسي، والسيدات اللواتي شاركن في الهيئة الاستشارية لهيئة التفاوض.
تعترض الدكتورة سمية حاج نايف على فكرة تبعية الهيئة والمؤتمر الكاملة للائتلاف، ويبدو أن أحداً لم يخبرها أن الائتلاف هو الراعي والداعي والمقترح لتشكيل هذه الهيئة، وأن استغرابها واستنكارها لبرنامج المؤتمر التحضيري الذي افتتحه رئيس الائتلاف بكلمة أكد فيها حضور عدد كبير من رموز الائتلاف السابقات واللاحقات كضيفات شرف تحت عنوان “مناصرات”، إنما هو استهجان في غير محله من وجهة نظر الائتلاف والائتلافيين، لأن لهم الفضل من قبل ومن بعد “وفق رأيهم نظرياً وعملياً”.
ثمة تسمية راسخة في الوجدان السوري “حارة كل مين إيدو إلو”، وبعيداً من أسباب معرفة معظم السوريين إن لم نقل كلهم لهذا التعبير المأخوذ من مسلسل شهير لدريد لحام، فإن الحالة السورية السياسية تبدو اليوم تطبيقاً دقيقاً لـ”كل مين إيدو إلو”.
يد الائتلاف، التي لا يجد السوريون أي وسيلة لتبديلها، ماضية بإصرار في التحضير لهذا المؤتمر، حتى لو كان سيزيد تهميش المرأة السورية ودورها الاجتماعي والسياسي، ويمعن في تحويلها إلى أداة و”برستيج” لتحقيق شروط الأوروبيين والأمريكيين ليكسب الرضا والاعتراف، لا لشيء سوى لتكون الماكياج الأخير الذي سيلون وجه المؤتمرات التي أدمن على حضورها باسم الشعب السوري. ولا أعتقد ان السوريين سيمانعون في القول إن الأوروبيين هم من ذكروا الائتلاف بضرورة التمثيل النسائي، لكن المشكلة هي أن هذه المؤسسة باتت من الوهن والفوضى بحيث لا تستطيع حتى اتقان وضع “الماكياج”.