كثيرون لم يستغربوا سقوط حلب، بل استغربوا عدم سقوطها حتى الآن رغم كثافة النيران وحملة التدمير الشاملة وسياسة الأرض المحروقة التي اتبعها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون ضد المناطق المحررة في المدينة المنكوبة، بالإضافة إلى عجز من المعارضة وصمت وتواطؤ دوليين فضلا عن حالة التخبط الميداني الذي تعاني منه الساحة السورية.
يُرجع واصف الزاب، رئيس هيئة الرقابة في تيار الغد السوري، أسباب سقوط حلب إلى عوامل كثيرة، ولكن السبب الرئيسي، بحسب رأيه، هو وقوف روسيا كدولة عظمى خلف النظام وجدية أصدقاء النظام في دعمه مهما كان الثمن، يضاف إليه عدم وجود قيادة واحدة للثوار لا عسكرية ولا سياسية.
وأكد الزاب على أن الضحالة السياسية لقيادات الأجسام الرئيسية للمعارضة السورية وخاصة الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات والاعتماد على الخطابات والظهور الإعلامي أكثر من الاعتماد على معطيات حقيقية على أرض الواقع ساهمت بشكل رئيسي على ما شهدناه مؤخرا في حلب من مآس نتجت عن جرائم النظام وحلفائه في المدينة في عموم سوريا.
كما نوهّ رئيس هيئة الرقابة في تيار الغد السوري بأن الحسابات السياسية الخاطئة وعدم الإيمان بأن النصر يحتاج إلى أسباب وعوامل وإلى إخلاص بالمقام الأول فاقم من الكوارث التي تسبب بها أداء المعارضة التي تتصدر لتمثيل ثورة الشعب السوري.
وقال الزاب، في تصريح للمكتب الإعلامي في تيار الغد السوري، “أنا هنا لا أريد التركيز على ارتهان النظام ورهنه الوطن للقوى الداعمة له وبحثه عن انتصار مهما كلف من ثمن حتى لو كان استقلال سوريا، لأن النظام وانحطاطه الأخلاقي والقيمي بات من المسلمات وتكرار اتهامه بذلك غير مفيد، وهذا سبب إصرارانا على مواصلة الثورة حتى الوصول إلى أهداف الشعب التي نادى بها منذ بداية الثورة وحتى الآن.
وأشار الزاب إلى اعتقاده بشأن تمثيل الثورة “أن المشكلة الرئيسية كانت بعدم إيجاد آليات للتبديل في الائتلاف وآليات للمحاسبة، وترك المجال للاجتهاد أو الصدف دون وضع خطط واستراتيجيات يتم العمل للوصول إليها”. مؤكدا على أن الأداء “كان تخبطا في معظمه دون مراجعات وإعادة حسابات”.
وأضاف “وللأسف لاتزال الخطابات مكرورة، مع تحميل الأخطاء للآخرين دون مراجعة للذات، وبات معظم قادة المعارضة يخرجون علينا كمحللين سياسيين وليس كمسؤولين عن ثورة”. مؤكدا على وجوب “تشكيل هيئة سياسية جديدة من شخصيات ناجحة وواقعية لها قدرة على دراسة وتقييم الواقع والاستفادة من التجارب والأخطاء السابقة، شريطة إيجاد آليات ناجعة للمحاسبة والتقييم وكذلك صلاحيات مناسبة للعمل المثمر”.
وتعليقا على وضع التوازنات الدولية الحالي ومستقبل الدور الأمريكي في سوريا بعد استلام الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمهامه، أكد الزاب أنه من المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة الأولى في العالم وأنه ليس من السهل استبعادها، ولكن سوريا “تاريخيا” مجال حيوي لروسيا بما لا يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، ولذلك تم إطلاق يدها في سوريا، ولكن لتحقيق أهداف ليست مرتبطة بالمصالح الروسية وحدها، وإنما تتعلق بتقاطعات معقدة للمصالح لم تستطع المعارضة السورية حتى الآن فهمها والتعامل معها سياسيا، مؤكدا على أن الثورة السورية ثورة عظيمة تحتاج إلى إخلاص أكثر وحنكة سياسية أكثر مما نراه على الساحة الآن.