أكد أحمد عوض، عضو المكتب السياسي وأمين سر تيار الغد السوري، أن اللقاء الثلاثي الذي عقد مؤخرا في موسكو، وضم مسؤولي الخارجية والدفاع في روسيا وتركيا وإيران، محكوم بموقف الإدارة الأمريكية القادمة الذي مازال غامضا ولا يمكن التكهن بطبيعته ومساره وآلياته، وأن أي حل في سوريا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار بأن سوريا ما قبل 2011 قد انتهت ويستحيل عودتها إلى ما كانت عليه، وأن القوى الوحيدة المؤهلة لإنقاذ سوريا هي القوى الوطنية الديمقراطية.
حيث رأى عوض، في حوار مع المكتب الإعلامي في تيار الغد السوري، أن ما تم الإعلان عنه، خلال اللقاء الروسي التركي الإيراني في موسكو مؤخرا، من النقاط التسعة “غامض وغير واضح ولم يأت بجديد مما تم طرحه في جنيف وفيينا وكأنه يتم بعيدا عن المواقف الدولية، وخاصة مواقف أمريكا ومجموعة دول أصدقاء الشعب السوري وحتى الدول العربية والخليجية”.
تساءل عضو المكتب السياسي وأمين سر تيار الغد السوري “لماذا لم يصدر عن هذه الدول مواقف رسمية حيال اللقاء الثلاثي الذي عقد في موسكو، وما هو الجامع بين هذه الدول الثلاث في سوريا ومصالحهم متضاربة في سوريا؟!.
وشرح عوض أن “المصالح الإيرانية في سوريا” معروفة منذ زمن طويل، وظهر أنه ليس هناك علاقة رئيسية بين مفاوضاتها حول ملفها النووي ودورها في سوريا، وأنها أنجزت اتفاقها مع الدول (5+1) دون أن تخفف من وجودها ودورها على الساحة السورية.
أما الروس، بحسب ما أكد عوض، فإن سوريا تعني لهم آخر مناطق نفوذهم في المياه الدافئة بالبحر المتوسط، والسؤال المهم هنا: لماذا يربط الروس مصالحهم في سوريا ببقاء الأسد، ولمذا تضع روسيا نفسها والعالم أمام ثنائية “الأسد أو داعش”؟!. من يضع العالم أمام هذين الخيارين “الأسد أو داعش” هم مؤيدو الأسد وحلفاؤه.
ورأى عوض أن الدبلوماسية الدولية لم تصل بعد إلى توافق حول كيفية إعادة ترتيب المنطقة بنظام إقليمي جديد لم تبلور معالمه بعد، وأشار إلى اعتقاده أن هذا النظام الإقليمي الجديد أهم مكون فيه هو الحدث السوري، وتساءل مجددا: “هل نحن أمام شرق أوسط جديد، ومن أي وجهة نظر”؟!.
ونوّه بأن وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” كان أكثر مباشرة مما صدر عن اللقاء الدبلوماسي بين روسيا وتركيا وإيران الذي عقد في نفس الوقت، ويبدو أنه قد أعطي لوزراء الدفاع من قبل حكومات هذه الدول الثلاث “تحديد خارطة الطريق لسوريا القادمة”، ولكن هل سيقومون بذلك من خلال غرفة عمليات مشتركة، وهل سيتولى هؤلاء عملية التصنيف للفصائل الموجودة في سوريا وتحديد الإرهابية منها واستهدافها وإنهاء وجودها أو إخراجها وإعادتها إلى حيث أتت؟.
وأكد عوض أن اللقاء الثلاثي الذي عقد في موسكو محكوم بموقف الإدارة الأمريكية القادمة فيما إذا كان هناك تغيير جذري في إدارة الرئيس المنتخب “دونالد ترامب” القادمة عن إدارة سلفه “باراك أوباما”، وهذا سيجعل من كل ما حدث خلال الفترة القصيرة الفائتة دون أي فاعلية.
وأضاف أنه إذا ما حدث ذلك التغيير في المواقف الأمريكية فإنني أرى أنه سيتم إحداث تغيير في موازين القوى العسكرية في سوريا، حيث سيتم دعم الفصائل المعتدلة بمضادات جوية تلغي عمل الطيران الروسي وطيران النظام، ويمكن أن تقوم الإدارة الأمريكية القادمة بالتعاون مع الدول الداعمة للثورة السورية عربيا وإقليميا ودوليا بالضغط على القوى السورية لكي تندمج بجسم واحد ورؤية واستراتيجية واحدة، وبالتالي سيجبر الأمريكان والروس وغيرهم على تنفيذ مقررات جنيف ودعم هيئة حكم انتقالي تستثني وجود الأسد فيها منذ اللحظة الأولى.
واستدرك، أما إذا كان موقف الإدارة الأمريكية القادمة كالسابقة وامتدادا له، كما هو متوقع من خلال تصريحات ترامب ومستشاريه، فإن ذلك سيجعل من سوريا حصة روسية، وسيجعل من الرؤية الروسية للحل في سوريا هي السيدة، والتي على الجميع القبول والعمل بها، وهذا يعني أيضا إنجاحا للقاء الأستانة المزمع عقده قريبا، والذي أعتقد أن الدعوات لحضوره سيتقاسمها كل من الروس والأتراك.
وحول الدعوات التي صدرت عن لقاء موسكو لمتابعة مسار جنيف بالإضافة إلى دعوة الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة أصدقاء سوريا، أكد عوض أن سببها ارتباك هذه الدول، وعدم قدرتها على معرفة توجهات الإدارة الأمريكية القادمة، وما ستفعله حيال الملف السوري.
أما عن رؤيته وتصوره لموقف الإدارة الأمريكية القادمة، قال عوض: إن الإدارة الأمريكية سيكون أمامها واحد من موقفين: إما تأييد ما يذهب إليه الروس أو إنتاج وضع جديد في سوريا، ويصعب حاليا معرفة استراتيجية الإدارة الأمريكية القادمة التي سيقودها الرئيس ترامب، والذي لم يأت من خلال اتفاق مع اللوبيات الأمريكية التقليدية وهيئات صناعة القرار الأمريكي.
وأكد عوض على أن أي حل سياسي في سوريا (ولم أعد أسميه حلا سياسيا بل حلا لأزمة الشرق الأوسط) لا يأخذ بعين الاعتبار ما حدث في سوريا، من قتل وتدمير وتهجير، سيكون حلا مؤقتا ولن يحدث استقرارا لا في سوريا ولا في المنطقة.
وأضاف: السوريون قدموا أكثر من نصف مليون قتيل، وما يقرب من مليوني معوق، وأكثر من عشرة ملايين فقدوا نمط حياتهم اليومي بسبب التهجير والنزوح الخارجي والداخلي، ودمرت البنية التحتية في سوريا، وازدادت الشروخ والتصدعات في بنية المجتمع السوري وثقافته.. والحل في سوريا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار بأن سوريا ما قبل 2011 قد انتهت ويستحيل عودتها إلى ما كانت عليه ولما يريد النظام السوري، القافز فوق ما حدث خلال السنوات الخمس والنصف الفائتة.
وأكد عوض على أن رؤية تيار الغد السوري للحل في سوريا والمنطقة “تقوم على ما قلته سابقا”، وأشار إلى أن القوى الوحيدة المؤهلة لإنقاذ سوريا والمنطقة هي “القوى الوطنية الديمقراطية” التي ستكون بديلا عن “النظام الاستبدادي” و”الإسلام السياسي”، وستساهم بخلق نظام إقليمي جديد يأخذ بعين الاعتبار رغبة شعوب المنطقة في الحرية والحداثة والرفاه والسلام.