إجلاء المدنيين من حلب كشف عن خلافات عميقة بين الروس الإيرانيين

أفرزت أزمة إجلاء المدنيين والمسلحين المحاصرين في مناطق شرق حلب شمال سوريا خلافات عميقة كانت مستترة بين الروس والإيرانيين. ورغم أن الإيرانيين نفوا وجود مثل هذه الخلافات، فإن نفيهم...
وزير الدفاع الروسي الإيراني

أفرزت أزمة إجلاء المدنيين والمسلحين المحاصرين في مناطق شرق حلب شمال سوريا خلافات عميقة كانت مستترة بين الروس والإيرانيين.

ورغم أن الإيرانيين نفوا وجود مثل هذه الخلافات، فإن نفيهم لم يبدو مقنعا بعد تهديد روسيا بالرد على أي إطلاق للنار خلال عملية الإجلاء في حلب، حتى إن كان إطلاق النار سيكون من قبل قوات النظام السوري أو المليشيات الموالية لها.

هذه خلافات أكدت وجودها المعارضة السورية التي قالت، بحسب تقرير لموقع الجزيرة نت، إن المليشيات الإيرانية عرقلت عملية الإجلاء من خلال وضع شروط إضافية تتعلق بإخراج جرحى من قريتي كفريا والفوعة الشيعيتين المواليتين للنظام في ريف إدلب.

وقد بدأت الخلافات بين موسكو وطهران تخرج للعلن بعد عودة العلاقات بين روسيا وتركيا وتعاونهما في محاولة لاحتواء الأزمة في حلب والتوجه نحو إطلاق محادثات بين طرفي الأزمة في سوريا، وهو ما يتنافى مع أهداف إيران في سوريا بحسب محلل الشؤون الدولية في صحيفة “كوميرسانت” سيرغي ستروكان.

واعتبر ستروكان أن إيران تحاول بكل الوسائل تعزيز نظام الأسد وتحقيق انتصارات أكثر في حلب وهو ما لا تريده روسيا، كون ذلك سيؤدي إلى تصعيد توتر العلاقات بينها وبين العالم العربي من جهة وبينها وبين الغرب من جهة أخرى.

وشدد محلل الشؤون الدولية على أن الخلاف بين روسيا وإيران هو خلاف جوهري يتعلق بمستقبل سوريا، حيث أن طهران ليست مهتمة بالتسوية السياسية للأزمة كون ذلك سيضع مصير الأسد على المحك، فضلا عن أنها تنظر إلى الوضع في سوريا من منظور المواجهة بين الشيعة والسنة في العالم العربي، وتعتبر الوضع في حلب وعملية الإجلاء على أنها تصفية حسابات، لذلك فإنها تلعب دورا سلبيا في هذه الأزمة وستستمر بوضع العقبات أمام أي محاولات لتسويتها.

أما مستشار برنامج الأمن والسياسية الخارجية في معهد كارنيغي “نيكولاي كوجانوف” فلفت الانتباه إلى واقع آخر يتعلق بسعي إيران من خلال تدخلها عسكريا في سوريا إلى إبقاء إمكانية الوصول إلى لبنان ودعم حزب الله واستخدام الأراضي السورية في المستقبل كمنصة لتصفية حساباتها مع إسرائيل.

ومن وجهة نظر المتحدث ذاته فإن هذا الأمر لا تسمح به روسيا، لاسيما وأن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” تعهد خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بضمان أمن إسرائيل، وبذلك فإن أي خطوات جديدة نحو احتواء الأزمة ستثير قلق إيران وقد تدفعها إلى التعنت كما هو الحال في عملية الإجلاء في حلب.

من جهته، اعتبر رئيس المجلس الروسي غير الحكومي للسياسات الخارجية والدفاع فيودور لوكيانوف أنه لا مفر من الخلاف بين روسيا وإيران، فموقفهما تجاه الأزمة في سوريا كان دائما مختلفا.

وبيّن أن لدى روسيا مصالح كبيرة في سوريا وقد وضعت رهانات كبيرة عليها، ولذلك فإن المسألة بالنسبة لها هي مسألة هيبة، أما بالنسبة لإيران فإن سوريا هي مسألة مصلحة حيوية، تسعى فيها للإبقاء على النظام وعدم السماح بزيادة تأثير المتطرفين السنيين في المنطقة، لذلك فإنها أكثر راديكالية وصرامة في توجهها نحو القضاء على المعارضة السورية وما وصفها بالجماعات الإرهابية.

ورغم إجماع الخبراء الروس على أن الاختلاف في المصالح والأهداف هو ما يصعب الوضع على الأرض ويتسبب في نشوب الخلافات بين موسكو وطهران فإنهم يستبعدون أن يؤدي ذلك إلى تصعيد في العلاقات بينهما.

وفي هذا السياق قال لوكيانوف إن الخلاف بين روسيا وإيران في سوريا تكتيكي وليس إستراتيجي، وإنه لن يشكل عائقا أمام التعاون بينهما خاصة وأن كل من إيران وروسيا وحزب الله يقوم بتنفيذ مهام معينة في حماية النظام السوري وهو ما يشكل هدفا مشتركا.

أما “سيرغي ستروكان” فاعتبر أن الجانبين سيسعيان بكل الأحوال إلى الحفاظ على ماء الوجه وتسوية أي خلافات، لكنه أشار أيضا إلى ضرورة أن تشرح موسكو لشركائها الإيرانيين أنها سيدة وصاحبة القرار الأول في سوريا.

أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة