في ظل ما وصل إليه الواقع السوري من معاناة وعذابات يدفع ثمنها الشعب السوري دما وتهجيرا ونزوحا وخرابا مع إصرار النظام على خياره العسكري مستقويا بالميليشيات الأجنبية ومتذرعا بمحاربة الإرهاب، وإصرار بعض الفصائل التي ليس لها أي توجه وطني وتخوض حربا عبثية وقودها الشعب السوري ومقدراته، وتشتت وضياع بعض المعارضة وبوصلتها بعد أن رهنت نفسها لإملاءات خارجية آخر ما يعنيها مصلحة الوطن السوري وأهله وحاضره ومستقبله، بالإضافة إلى حالتي العجز والتخبط الدوليتين إزاء الأزمة في سوريا وسبل إيجاد حل ينهي الحرب ويشرع في عملية سياسية تحقق آمال وتطلعات الشعب السوري..
لأجل الخروج من هذه الحالة من الانسداد والمراوحة بل والانهيار على كل الصعد.. يفترض ويلزم أن يبادر السوريون، وبمنتهى الشجاعة والإقدام، لإنقاذ ما تبقى من سوريا، وإيقاف المزيد من نزيف الدم، وإعادة الملايين الذين شردتهم الحرب إلى بيوتهم وأراضيهم، والعمل على إنجاح حل سياسي، والتأسيس لمشروع وطني يعيد بناء الدولة السورية كما يتمناها السوريون وكما يستحقونها، مراعين الكم الهائل واللامعقول من التضحيات التي بذلها الشعب، دولة يفترض أن تبنى على أسس الحرية والكرامة والمساواة لكل السوريين دون تمييز أو إقصاء.
إن المبادرة التي يطرحها ويناقشها تيار الغد السوري تقوم على أساس البناء الإيجابي والفاعل للمعارضة السورية الوطنية عبر جمع كل أطيافها المؤمنة بضرورة ولزوم الحل في سوريا، وإنهاء سنوات عجاف سال فيها من الدم والدموع أكثر مما سال من ماء المطر في ربوع الوطن، وانتشر فيها من الخراب والدمار ما يلزمنا سنين مضاعفة لمحو الآثار وإعادة الإعمار، وبات السوريون خلالها غرباء في وطنهم تتحكم فيهم الميليشيات الأجنبية وتتنازعهم مشاريع إقليمية ودولية هم في غنى عنها ولا قبل لهم بها وبدفع فواتيرها على حساب حيواتهم وأمنهم واستقرارهم.
كما تسعى هذه المبادرة التي أكد رئيس تيار الغد السوري “أحمد الجربا” على أهميتها القصوى في هذه المرحلة الحرجة من أجل الخروج من نفق التعقيدات الدولية الذي وجد السوريون أنفسهم فيه رهينة وعود وتصريحات، وضحية تجاذبات وتقاذفات، وقرارات دولية تقرّ ولا تنفذ أو تناقش ويطعن عليها وتجمّد، وكأنهم وسط دوامة تؤدي إلى ثقب أشد إظلاما وقتامة من الواقع، وباتوا عنصرا خاسرا في معادلة صفرية يكسب فيها الجميع والخاسر الأوحد فيها الشعب والبلد.
ويؤكد التيار من خلال مبادرته على ضرورة تلاحم و تنظيم القوى الوطنية الديمقراطية، وإعادة التأكيد على حق الشعب في التغيير السياسي و إنهاء الاستبداد الأسدي . في ظل تشتت المعارضة منذ بدء الثورة و فشل محاولات تنظيمها او بناء تحالفات متماسكة.. والتشديد على الخيار الديمقراطي في مواجهة المشاريع التي لا يريدها الشعب: الدولة الدينية أو استمرار دولة الاستبداد الأسدي. والتأكيد على وجوب خروج جميع الميليشيات الأجنبية المتطرفة الإرهابية مثل داعش و حزب الله و النصرة، والتأكيد أيضا على البدء بالعمل على المصالحة الوطنية بعد استبعاد الاستبدادين الأسدي و المتطرف.
وتؤسس المبادرة لمشروع وطني عبر إبرام عقد اجتماعي جديد بين السوريين يبني الدولة السورية على معايير المواطنة الكاملة والعيش الكريم، ووفق نظام سياسي يكفل الحريات والمساواة، ويضمن الالتزام بالدستور والقانون، ويحافظ على مقدرات الوطن ويصونها، وهذا المشروع لطالما اشتغل عليه السوريون وعملوا لأجله سنوات، وبات لزاما عليهم أن يشرعوا في تنفيذه وتطبيقه، وهو مشروع كبير يحتاج لجهد كل سوري وسورية من أجل الخلاص من الواقع المرير وبحثا عن مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا.
وتؤكد المبادرة التي أعلن عنها رئيس تيار الغد السوري “أحمد الجربا” عقب لقائه في الثلاثين من كانون الأول الفائت مع وزير الخارجية المصري “سامح شكري” على أهمية إشراك أشقاء الشعب السوري الحريصين عليه بحق والمشاركين له بالفعل آلامه ومعاناته والساعين بكل جدارة واقتدار لحل أزمته التي صم صراخها الآذان في الآفاق ووصل صداها وتبعاتها إلى مشارق الأرض ومغاربها، فسوريا كانت ومازالت وستبقى في قلوب وعيون شقيقاتها، وأبناء سوريا لم ولن ينسوا الأيادي البيضاء التي مدت وتمتد إليهم، وخصوصا الأيدي التي تمتد لانتشالهم من واقعهم المرير والمؤلم لتضعهم من جديد على طريق الاستقرار ليبدؤا عهدا جديدا كله أمل بغد مشرق ومزدهر.
المكتب الإعلامي في تيار الغد السوري