اتصالات دولية مكثفة لحسم ملفات عالقة قبل عقد جنيف 4

تعمل الأمم المتحدة ممثلة ببعثتها الخاصة إلى سوريا على الانتهاء من خمسة ملفات في غاية الأهمية قبل أن تعلن عن الموعد النهائي لمفاوضات “جنيف 4″المزمع عقدها قريبا، والتي تم...
استيفان دي ميستورا

تعمل الأمم المتحدة ممثلة ببعثتها الخاصة إلى سوريا على الانتهاء من خمسة ملفات في غاية الأهمية قبل أن تعلن عن الموعد النهائي لمفاوضات “جنيف 4″المزمع عقدها قريبا، والتي تم تأجيلها أكثر من مرة منذ أن توقفت أوائل العام الماضي.

وتتمثل الملفات الخمسة في كيفية الاستفادة من التقارب الروسي التركي في سوريا وما تم التوصل إليه من اتفاق بين فصائل المعارضة والنظام في أستانة والمشاورات الأممية مع فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وما سيسفر عنه مؤتمر الأمن الدولي في ميونخ من توافقات أمريكية روسية أوروبية بالإضافة إلى العقدة الدائمة المتمثلة بوفد المعارضة الممثل في جنيف وسط صراع المناصات والتجاذبات الدولية الحاكمة له.

وقد عرض الكاتب الصحفي إبراهيم حميدي لهذه الملفات في مقال له في صحيفة “الحياة” حيث قال إن الملف الأول الذي تسعى الأمم المتحدة لحسمه هو الاجتماع الفني الروسي التركي الإيراني في أستانة المتتظر خلال الأيام المقبلة لمتابعة تنفيذ الاتفاق بين الدول الثلاث الأسبوع الماضي على تثبيت وقف النار في سوريا، وتشكيل آلية ثلاثية للرقابة على وقف النار والرد على الخروق من الأطراف مع استثناء تنظيمي داعش والنصرة. وكانت فصائل المعارضة المسلحة أعلنت تحفظات على الاتفاق الثلاثي وطالبت بوقف النار في وادي بردى قرب دمشق ووقف “المصالحات المفروضة”، لكن أعلن في وقت سابق عن “تسوية” في وادي بردى نتج عنها سيطرة حزب الله على المنطقة ووصول ورشات الصيانة إلى نبع الفيجة، وإنهاء المعارك في المنطقة بخروج الثوار إلى إدلب.

أما الملف الثاني فهو استعراض نتائج محادثات المبعوث الدولي “استيفان دي ميستورا” في نيويورك اليوم وغداً، ولقائه الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيرس” وأعضاء مجلس الأمن الدولي لإطلاعهم باختصار على نتائج مفاوضات أستانة وعرض تصوره عن مفاوضات جنيف المقبلة. حيث من المهم فهم تصورات الأمين العام الجديد إزاء أول مفاوضات سورية في عهده، وما إذا كان يريد افتتاح هذه المفاوضات في جنيف. وحيث إن موسكو حاولت إعطاء أولوية لصوغ دستور سوري عبر طرحها مسودة روسية كتبت بعد مشاورات بين المعارضة والنظام، يريد المبعوث الدولي التزام مهماته في تنفيذ القرار 2254 الذي نص على ثلاثة بنود:

الأول، تشكيل هيئة حكم تمثيلية غير طائفية من ممثلي النظام والمعارضة ومستقلين. الثاني، صوغ دستور جديد بموجب هيئة مشكلة من النظام والمعارضة وخبراء مستقلين للبحث ما بين خيار تعديل الدستور الحالي الصادر في 2012 وما يعني ذلك من نقل بعض صلاحيات رئيس الجمهورية إلى “الحكم” كي يشرف على “العملية السياسية” أو “الانتقال السياسي”. الثالث، إجراء انتخابات وما إذا كان ذلك يعني انتخابات محلية وبرلمانية فقط أم تشمل انتخابات رئاسية والجدول الزمني لذلك، وعلاقة ذلك بالدستور الجديد، وما إذا كان يعتمد النظام البرلماني أو الرئاسي.

وتشكل هذه النقاط “أجندة” المفاوضات المقبلة باعتبار أن أستانة تتعاطي مع وقف النار واحتمالات إجراءات بناء الثقة والمساعدات الإنسانية عبر مجموعة العمل الدولية في جنيف. لكن روسيا تعطي أولوية للدستور، بحيث تسير العملية السياسية مع بقاء النظام الحالي ومؤسساته. لذلك قدمت روسيا إلى ممثلي الأطراف السورية مسودة دستور يعتمد النظام الرئاسي مع توسيع صلاحيات رئيس الوزراء والبرلمان والمجلس المحلية إلى حد تشكيل “جمعية مناطق” إلى جانب “مجلس الشعب”، الأمر الذي يعني أن الانتخابات الرئاسية ستجرى بموجب الاستفتاء المباشر وليس في البرلمان، في حال اعتمد “الدستور الروسي”.

أما الملف الثالث فهو نتائج محادثات دي ميستورا مع فريق إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية الأسبوع الجاري، خصوصاً فريق مجلس الأمن القومي الذي ضم “طاقماً عسكرياً” برئاسة مستشار الأمن القومي “مايكل فلين” ومسؤول الشرق الأوسط “ديريك هارفي” ومسؤول ملف سوريا والعراق “جو ربرن” اللذين عملا مع مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية “ديفيد بتروس” في العراق، وهما اللذان يضعان أولوية محاربة تنظيم داعش في سوريا والعراق.

والملف الرابع، “مؤتمر الأمن” في ميونيخ والمزمع عقده في 17 و18 شباط/فبراير، واحتمال حصول أول لقاء خلاله بين وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” ونظيره الأمريكي “ريكس تيلرسون” لترتيب تفاهمات سياسية بين الطرفين تربط مساري أستانة وجنيف قبل انعقاد جولة جديدة من المفاوضات السياسية، إضافة إلى كيفية تطبيق احتمال التعاون بين الرئيسين بوتين وترامب في محاربة تنظيم داعش في سوريا.

أما الملف الخامس، فهو “وفد المعارضة السورية”، إذ يعتقد مسؤولون غربيون أن هذا ربما يكون من “العقد” التي تتطلب الكثير من الجهد، خصوصاً أن الرهان على مفاوضات مباشرة بين وفدي الحكومة والمعارضة تحت مظلة الأمم المتحدة. إذ إن موسكو تصر على “وفد واحد” يضم “الهيئة التفاوضية العليا” بالإضافة إلى باقي منصات المعارضة، القاهرة، موسكو، أستانة، حميميم، فيما تتمسك “الهيئة” مدعومة بالمملكة العربية السعودية وتركيا وحلفاء آخرون للمعارضة بحصرية تمثيل “الهيئة” للمعارضة. ويتطلب تحديد موعد مفاوضات جنيف، حل هذه “العقدة”، حيث تطرح خيارات عدة:

أولاً، طاولة مستديرة تضم وفد الحكومة وباقي فصائل المعارضة بما في ذلك “الهيئة” والفصائل المسلحة التي شاركت في أستانة، وقد تضمن البيان الختامي الثلاثي الموافقة على مشاركتها في جنيف، إضافة إلى منصات المعارضة الأخرى وبعض الشخصيات التي حضرت لقاء لافروف في موسكو الجمعة المقبل.

الثاني، اقتصار مفاوضات جنيف على وفدي الحكومة والفصائل المقاتلة التي شاركت في أستانة وانعزلت عن النصرة.

الثالث، إقناع “الهيئة” بتغيير مكوناتها لتضم ممثلي القوى السياسية الأخرى وممثلي فصائل عسكرية إضافية (علماً أنها تضم ممثلي 15 فصيلاً)، مع بقاء دورها القيادي.

وفي حال تنفيذ إدارة ترامب قرار حظر “الإخوان المسلمين”، فإن بعض المكونات السياسية للمعارضة التي تضم ممثلين أو مقربين من “الإخوان” ستكون في وضع صعب ما يقوي رهانات موسكو للدفع نحو “وفد موحد” بحسب تصورها. وفي حال حلت هذه مشكلة، تبقى مشكلة مشاركة “الاتحاد الديموقراطي الكردي” برئاسة صالح مسلم، الذي ترفض أنقرة مشاركته في جنيف كما رفضت حضور ممثليه “مباحثات أستانة”، لكن موسكو فتحت الباب أمام احتمال حصول ذلك لدى دعوة ممثل الحزب في باريس “خالد عيسى” إلى لقاء لافروف والمعارضة يوم الجمعة الماضي، بل أن عيسى سلم الجانب الروسي مسودة “دستور كردي” اقترح “فيديرالية” في سوريا بدلاً من “اللامركزية الموسعة” والمناطقية التي اقترحت في مسودة الدستور الروسية.

أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة