أكد منذر آقبيق، الناطق الرسمي باسم “تيار الغد السوري” أن الحل السياسي المنشود في سوريا يجب أن لا يستثني أي طرف من السوريين الوطنيين الراغبين في إحداث تغيير سياسي ديمقراطي، وإبرام عقد اجتماعي جديد في سوريا ينهي حقبة الاستبداد السابقة، وينهي الآلام التي يعاني منها السوريون منذ اندلاع الثورة السورية قبل ست سنوات وحتى اليوم.
جاء ذلك خلال حوار أجراه الإعلامي “مهند الخطيب” في برنامج “غرفة الأخبار” الذي تعرضه قناة “سكاي نيوز عربية” تعليقا على تصريح المبعوث الدولي “استيفان دي ميستورا” أن العملية الانتقالية في سوريا ستتم على ثلاث مراحل تتضمن تشكيل حكومة انتقالية وصياغة دستور جديد، وبعد تصريحات سابقة بشأن وفد المعارضة المفاوض في جنيف حيث قال دي ميستورا إنه سيكون مضطرا لتشكيل الوفد إذا فشلت المعارضة في ذلك، وهو ما فتح المجال لتساؤلات كثيرة بشأن تضارب الرؤى والمواقف بين المعارضة السورية والوسيط الدولي.
وقال منذر آقبيق، بخصوص المشكلة “الشكلية” التي تعاني منها المعارضة السورية، “لا شك أن هناك أطيافا متعددة في المعارضة السورية، مؤكدا أنه وقبل ثمانية أشهر، أثناء الجولة الأخيرة لمفاوضات جنيف، لم تكن الهيئة العليا للمفاوضات الوحيدة على الساحة السياسية السورية، حيث كانت هناك منصة موسكو ومنصة القاهرة، وقد جلس دي ميستورا مع ممثليهما، بالإضافة إلى الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف، حيث كانت المفاوضات غير مباشرة.. حيث التقى دي ميستورا مع النظام ومع الهيئة ومع منصة القاهرة ومع منصة موسكو كل على حدة.
ونوّه آقبيق بأنه “الآن المقاربة مختلفة.. دي ميستورا يقول إنه يريد أن يشكل وفدا واحدا، وروسيا أيضا قالت نفس الكلام، حيث يوجد تباينات كثيرة بين أطراف المعارضة (لا تخفى على أحد). وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 نص على أن دي ميستورا مخول بتشكيل وفد المعارضة خلال مفاوضات الحل السياسي بين النظام والمعارضة في جنيف ودعوة الفرقاء إليها”.
وأضاف الناطق الرسمي باسم “تيار الغد السوري”، واضح من كلام دي ميسترا أنه يتحدث بلهجة تهديد، حيث يقول إن وفد المعارضة يجب أن يشمل الجميع، وإلا فإنني “أنا” من سيقوم بتشكيل هذا “الوفد الواحد” للمعارضة في جنيف، وهو الأمر الذي أيّده فيه الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس”، وأشار آقبيق إلى أن هذا هو ما سيحدث في النهاية.. “أن يقوم دي ميستورا بتوجيه الدعوات لمن يعتبرهم ممثلين عن المعارضة ويشكلون وفدا تفاوضيا يشمل جميع أطياف المعارضة السورية”.
ولفت آقبيق، “خصوصا بعد تبلور وفد للفصال السورية، والذي تم وعده من قبل موسكو وأطراف دولية أن يكون مشاركا في مفاوضات جنيف المقبلة، كما أن هناك شخصيات وطنية مثل أحمد الجربا ومعاذ الخطيب اللذين كانا في الهيئة العليا للمفاوضات ولم يحضرا أيا من اجتماعاتها.. وقبل أيام كان هناك اجتماع في موسكو، حيث اجتمع “سيرغي لافروف” بعدد من الشخصيات من المعارضة السورية، وهؤلاء لم يشاركوا من قبل في أي مفاوضات سابقة.
واعتبر آقبيق أن القاسم المشترك الأساسي في من ستتوجه إليهم الدعوات إلى جنيف من المعارضة السورية أن يكون معترفا ببيان جنيف وبيان فيينا وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، والتي تدعو إلى انتقال سياسي في سوريا عبر هيئة حاكمة انتقالية، وأي طرف يوافق على هذا الطرح يجب أن لا يُبعد عن مفاوضات جنيف لأنه يمثل شريحة من السوريين ممن يريدون الانتقال السياسي والديمقراطي في سوريا.
كما أشار آقبيق إلى أن الحياة السياسية والبيئة السياسية والنظام السياسي والعقد الاجتماعي.. كل ذلك في سوريا في حالة إعادة تشكيل من جديد، وفي هذه الحالة يجب أن لا يتم استبعاد أي طرف من العملية السياسية، فالاستبعاد يسيء للعملية نفسها. مضيفا أن “كل السوريين الذين يقولون بالانتقال الديمقراطي وينشدون التأسيس لحكم جديد في سوريا على أسس حقوق الإنسان وسيادة القانون يجب أن يكونوا مرحبا بهم في الحوار الوطني، وفي أي مفاوضات مع نظام الاستبداد من أجل تحقيق هذا الانتقال السياسي المنشود”.
كما أشار آقبيق خلال الحوار إلى أن الهيئة العليا للمفاوضات ذهبت إلى جنيف قبل ثمانية أشهر وأضاعت الوقت على السوريين بعد أن انسحبت بطريقة استعراضية، وخلال هذه الفترة حصل الكثير من القصف والتهجير والعنف الشديد. وأكد أن هناك “ملاحظات على أدائها.. مثل ترحيبها ببيان “جبهة النصرة” وهو أمر لا نوافق عليه.. هناك سوريون وطنيون معارضون يريدون تغيير النظام في سوريا، ولكن لا يوافقون على كل ما تقوم به وتفعله الهيئة العليا للمفاوضات.. إذًا يجبْ سماع أصوات هؤلاء السوريين الديمقراطيين الذين يريدون بالفعل التغيير الديمقراطي بعيدا عن الاستبداد، سواء الاستبداد الأسدي أو الاستبداد الديني.
وردا على من يعتبر الهيئة العليا للمفاوضات المظلة الأوسع للمعارضة السورية قال آقبيق: إن الهيئة العليا وإن كانت المظلة الأوسع ولكنها ليست الوحيدة على الساحة السورية، وهناك الكثير من التيارات الأخرى التي يجب أن تكون موجودة، وأن يكون صوتها مسموعا، وهي تيارات لديها في كثير من الأحيان آراء ناضجة وواقعية بشكل أكبر من الهيئة، وتستطيع أن تدلي بدلوها وأن تؤثر باتجاه إحداث اختراقات سياسية إيجابية نحن بحاجة لها، من أجل رفع المعاناة عن شعبنا، ومن أجل الوصول إلى حلول سياسية في سوريا.
وحول ضرورة إشراك “جامعة الدول العربية” كطرف في مفاوضات جنيف، بحسب ما شدد دي ميستورا خلال لقائه مؤخرا بالمجموعة العربية في نيويورك أثناء نشاطه في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، قال آقبيق: “إن سوريا رغم كونها دولة مجمدة العضوية في الجامعة العربية إلا أنها دولة عربية.. عمقها عربي.. ثقافتها عربية.. وأي حل في سوريا يجب أن يكون ضمن الحضن العربي. وفي بداية الثورة السورية كان هناك محاولة من الجامعة العربية ومبادرة عربية وفريق مراقبين عرب، وقد جمدت الجامعة عضوية النظام السوري بسبب الجرائم والمجازر التي ارتكبها في سوريا، وكل ذلك كان له تأثير سياسي في ملف الأزمة السورية. ثم بعد ذلك دخلت الدول الكبرى ودخل لاعبون كثر، ما أدى إلى تراجع دور الجامعة العربية، وهذا الأمر غير محبذ من قبلنا.. نحن نرحب بشدة بعودة جامعة الدول العربية إلى المشهد السوري، وأن تكون جزءا من هذا الحراك السياسي وجزء من صياغة الحل السياسي في سوريا.