عبر السيد “أحمد الجربا” رئيس تيار الغد السوري عن أمله بأن تملأ “قوات النخبة السورية” العربية، التي تضم ثلاثة آلاف مقاتل وتتلقى تدريباً من الجيش الأمريكي، الفراغ بعد تحرير محافظة الرقة من تنظيم داعش وتشكيل مجلس مدني وتقديم خدمات عاجلة وإغاثة للناس. كما أكد خلال حوار مع صحيفة “الحياة” أن الحل في سوريا يجب أن يفرض بتفاهم أمريكي – روسي – إقليمي ويكون “مقبولاً من الشعب السوري ويلبي طموحاته”.
ومعروف أن الجربا كان رئيسا للائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة وشارك في المؤتمر الموسع للمعارضة في العاصمة السعودية “الرياض” نهاية 2015، كما أسس “تيار الغد السوري” في مؤتمر موسع في العاصمة المصرية “القاهرة”، وشكل “قوات النخبة السورية” المكونة الآن من ثلاثة آلاف مقاتل.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، وقَّع اتفاقاً مع “الاتحاد الديموقراطي الكردي” الذي تتبع له “وحدات حماية الشعب” الكردية الطرف الرئيسي في “قوات سوريا الديمواقرطية” التي تقاتل تنظيم داعش شمال سوريا وشمالها الشرقي. وقد تضمن الاتفاق الموافقة على ضرورة توفير غطاء عربي لحل الأزمة السورية، ثم أجرى الجربا سلسلة محادثات مع مسؤولين في وزارة الدفاع “بنتاغون” والمبعوث الأمريكي للتحالف الدولي لمحاربة داعش “بريت ماكغورك”.
وفي كانون الأول/ديسمبر، وقع اتفاقاً آخر مع الجيش الأمريكي في “أربيل” بكردستان العراق، تضمن التعاون مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في سوريا وتدريب مقاتلي “قوات النخبة” في معسكرات في سوريا وتوفير الذخيرة والأسلحة لهم خلال معاركهم ضد التنظيم. وأكد الجربا في حديث له أجرته صحيفة “الحياة” عبر الهاتف أمس، أن “قوات النخبة” تقاتل جنباً الى جنب مع “قوات سوريا الديمقراطية” في المرحلة الثالثة من عزل الرقة التي بدأت قبل أيام. وأضاف: “هناك برنامج مع التحالف وسنكون حاضرين بقوة في هذه المعركة ونحن في طور التجهيز لتحرير الرقة في الأشهر المقبلة بالاشتراك والتنسيق مع قوات سوريا الديموقراطية وتطهير بلادنا من هذا السرطان الإرهابي الذي هو داعش”.
واستهدفت المرحلتان الأولى والثانية من عملية عزل الرقة انتزاع السيطرة على مناطق شمالي وغربي الرقة، فيما تهدف المرحلة الثالثة إلى السيطرة على باقي المناطق وسط تركيز غارات التحالف على قطع خطوط الإمداد وتدمير الجسور لإحكام عزل “عاصمة” التنظيم. وكان الناطق باسم “قوات سوريا الديموقراطية” طلال سلو قد قال في قوت سابق إن “قوات سوريا الديموقراطية” وصلت إلى مسافة 24 كيلومتراً غرب الرقة وإلى مسافة 11 كيلومتراً شمالها وتوغلت إلى 22 كيلومتراً من الطرف الشرقي بحيث باتت تشكل سداً بين تنظيم داعش الذي يتقاسم السيطرة مع قوات النظام على مدينة دير الزور.
وقال الجربا: “نريد أن يكون هناك طرف عربي غير منضوٍ بالكامل تحت قوات سوريا الديموقراطية لكن ليس على عداء معها ويملك علاقات جيدة مع جميع الأطراف ومعادٍ لداعش، لذلك بات لقوات النخبة دور مميز في تحرير الرقة. في الأصل، يجب أن يحرر أهالي كل المنطقة منطقتهم من داعش كما لا يجوز لحزب الله والحشد الشعبي أن يحرروا مناطق العرب (السنة) لأن القيام بهذه الأمور يخلق مشاكل فورية وليست بعيدة المدى. لذلك، فإن قوات النخبة والقوات العربية في قوات سوريا الديموقراطية هم الذين سيدخلون الرقة في حال تحريرها بإذن الله لسحب الذرائع التي تقول أن الأكراد سيدخلون مدناً وبلدات عربية”.
وتضم “قوات النخبة” التي يقودها السيد الجربا مقاتلين من أبناء محافظات الحسكة ودير الزور والرقة في شمال شرقي سوريا، ممن ساهموا في طرد قوات النظام من هذه المناطق في عامي 2011 و2012 بعد اندلاع الثورة السورية. وبعد ذلك ركزت هذه القوات على محاربة التنظيمات المتشددة إلى أن اكتسح تنظيم داعش المنطقة عام 2014، معتمداً على العتاد العسكري الكبير الذي استولى عليه في معاركه ضد الجيش العراقي. وأشار الجربا الى أن مقاتليه بدأوا الحرب على داعش مبكراً وأسقطوا ذات مرة طائرة استطلاع وسلموها الى الأمريكيين الموجودين شرق سوريا.
ورأى الجربا أن موافقة الأمريكيين على توقع الاتفاق مع “قوات النخبة” بداية جيدة على أمل أن تكون “استراتيجية جديدة” لمحاربة تنظيم داعش. وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت عن الكولونيل “جون دوريان” الناطق باسم عملية “العزم الصلب” التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا والعراق، قوله إن “قوات النخبة” هي إحدى القوى البارزة في المنطقة”. كما قال عن الجربا إنه “شخصية مؤثرة في المنطقة ولديه القدرة على تعبئة القوات المحلية لدعم الهجوم”.
وأحد القرارات المهمة التي ينتظر أن يتخذها الرئيس الأمريكي الجديد “دونالد ترامب” هو هل سيدعم المقاتلين الأكراد بالسلاح خلال حملتهم على الرقة، الأمر الذي تعارضه أنقرة بشدة وتطرح توفير قوات عربية بدعم تركي ومن التحالف لتحرير الرقة بعد السيطرة على الباب من جانب قوات حملة “درع الفرات” التي يدعمها الجيش التركي. وجعل ترامب القضاء على تنظيم داعش هدفاً رئيسياً، وأمر هيئة الأركان المشتركة الأمريكية بوضع خطة في بداية الشهر المقبل لهزيمة التنظيم. وطلبت “قوات سوريا الديمقراطية” قائمة بالأسلحة الثقيلة من دبابات وكاسحات ألغام وصواريخ مضادة للدروع من الجانب الأمريكي بعد تسلمها عشر عربات أمريكية الأسبوع الماضي، وهي تنتظر رد إدارة ترامب.
ومع أن الجربا وقع اتفاق تعاون مع الجانب الأمريكي؛ إلا أنه حافظ على علاقات طيبة مع روسيا، وقال إنه زار موسكو منتصف العام الماضي والتقى وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” وأنه يلتقي بشكل مستمر نائبه وزير الخارجية “ميخائيل بوغدانوف”. موضحاً: “روسيا دولة كبرى وصاحبة القرار الأكبر في سوريا. الروس موجودون ودورهم سيزيد في سوريا في المستقبل”. ورأى أنه بعد معركة حلب بات الروس يريدون حلاً سياسياً و”الحل قد لا يعجب الطرفين، المعارضة والنظام، لكنهم يريدون حلاً. والوزير لافروف قال إن التدخل الروسي أنقذ النظام. هم يقولون ما كنا نقوله. لذلك بعد حلب ليس كما قبلها خصوصاً بعد الانعطافة التركية التي أسفرت عن تسليم حلب من دون قتال، ذلك أن الرئيس فلاديمير بوتين أشار الى دور إيران وتركيا في معركة حلب”.
وقال الجربا: “تركيا التي كانت رأس حربة في محاربة النظام غيرت موقفها وباتت تركز على محاربة داعش. وهذا تغيير كبير يجب أن نأخذه بالاعتبار، إذ لم يبق أمامنا سوى الحديث مع الأمريكيين والروس لإنجاز حل سياسي حقيقي ومتوازن يحفظ كرامة الناس التي هجرت ويحقق تطلعات الشعب. أما الحديث عن حل وإعادة انتخاب الأسد، فهذا ليس حلاً لأنه لن ينهي القصة”.
وورحب الجربا بتوجه ترامب لرأب الخلافات مع روسيا وتعهده بالتعاون معها في محاربة تنظيم داعش. وقال: “المعارضة ليست لديها استقلالية، وكل واحد منها تابع لدولة. والنظام تابع لإيران وروسيا من الأجهزة الأمنية إلى مصلحة العقارات. لذلك لا بد من حل بتفاهم أمريكي – روسي – إقليمي يكون مقبولاً للسوريين ويلبي تطلعات الناس”، متوقعاً بدء الحل السياسي بعد القضاء على الإرهاب.
ولا يرى الجربا جدوى من فتح أقنية مع النظام. وقال: “هم يريدون فتح أقنية مع المعارضين لأن هذا يخدمهم، لكن ليس من مصلحتنا. مصلحتنا التفاهم في منصة بوجود دولي – أمريكي – روسي – إقليمي”.