أبدى منذر آقبيق، المتحدث الرسمي باسم تيار الغد السوري، عدم تفاؤله من وصول مفاوضات جنيف التي تجرى حاليا إلى أي شيء ملموس ما لم يكن هناك ضغط روسي على النظام للقبلول بالحلول التي قدمها بيانا جنيف وفيينا والقرارات الدولية ذات الصلة، ومالم يكون هناك موقف أمريكي واضح تجاه الحل في سوريا.
وقال منذر آقبيق خلال لقاء على قناة Extra News إن النظام لن يقدم أي تنازلات خلال مفاوضات جنيف التي تجرى حاليا، معللا ذلك بأن الأنظمة المستبدة بحسب التجارب السابقة في منطقتنا لا تتنازل عن الحكم وتبقى متمسكة به حتى تسقط بشكل قسري كما حصل ذلك سابقا مع نظامي صدام حسين والقذافي.
وأكد المتحدث الرسمي باسم تيار الغد السوري أنه إذا كان نظام الأسد سيتعاون في موضوع الانتقال السياسي فإن هذا سيكون تحت ضغط روسيا التي تدعمه، والتي أنقذت رأسه من الهزيمة العسكرية، وهي التي تتحكم بمفاتيح اللعبة الآن، وبالتالي فإن نتائج مؤتمر جنيف تخضع إلى الرافعة الدولية بشكل أساسي، وإذا اتفقت الدول الكبرى الآن على إيجاد مخرج في سوريا فسيتم الأمر، وإذا ضغطت روسيا بالشكل الكافي على الأسد كي يتنازل ويتعاون في موضوع الانتقال السياسي فسيحدث اختراق سياسي، أما إذا لم تفعل ذلك فسنبقى في حالة مراوحة.
وأشار آقبيق إلى أن إيران لها دور فيما يجري في سوريا ولكن روسيا لها اليد العليا، وإيران تدخلت قبل روسيا بسنوات في سوريا وفشلت في الدفاع عن الأسد، وعندما تدخلت روسيا بشكل مباشر في سوريا في 30 أيلول 2015 كان النظام يتراجع وعلى وشك السقوط عسكريا رغم وجود الجيش الإيراني والحرس الثوري وحزب الله والميليشيات التي تدعمها إيران، كما أن روسيا أنقذت الأسد سياسيا عدة مرات خلال استخدامها لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن الدولي، وعلينا الآن أن نرى فيما إذا كانت روسيا جادة بالفعل في الوصول إلى حل. وأعتقد أنه من مصلحة روسيا الوصول إلى حل سياسي في سوريا وليس من مصلحتها بقاء الوضع على ما هو عليه الآن كحرب لا نهاية لها، ومن مصلحتها أن يكون لها استراتيجية خروج بعد تدخلها العسكري، خصوصا بعد تحققت أهدافها بمنع سقوط الأسد عسكريا.
وبخصوص الجولة الحالية من مفاوضات جنيف قال آقبيق: لا نتوقع حدوث أي تقدم ملموس خلال هذه الجولة من جولات جنيف ولا في الجولة القادمة، والتقدم على مسار الحل السياسي عبر جنيف طريق طويل والمسير فيه بطيء جدا، مشيرا إلى أنه قد تحدث انتكاسات وتراجعات إن وقع خرق لوقف إطلاق النار وعادت المعارك لتتواصل على الأرض، ومع ذلك سيبقى المسار السياسي مستمرا إلى حين الوصول إلى حل.
كما أكد آقبيق أنه “بحسب اجتماعاتنا مع المسؤولين في الخارجية الروسية أكدوا لنا مرارا أن روسيا ملتزمة ببيان جنيف الذي صاغه الروس والأمريكان وكذلك بيان فيينا وقرارات مجلس الأمن التي صدرت ولم تمارس ضدها موسكو حق النقد الفيتو مثل القرار 2254، ومصلحتها تكمن في أن يكون الحكم الجديد “الانتقالي” شاملا للجميع، لا يقصي ولايبعد أحدا، وهي تضغط لكي يكون هناك تمثيل أوسع بأكبر قدر ممكن، وقد رأينا ذلك متمثلا بالضغط الروسي لضم منصتي موسكو والقاهرة إلى محادثات جنيف، كما أن مصلحتها تكمن في أن لا يكون في السلطة السورية القادمة متطرفون إسلاميون، حيث إنها تبدي تخوفا كبيرا من هذا الموضوع، بالإضافة إلى الإبقاء على قاعدة شبه دائما لقواتها العسكرية في ميناء طرطوس وتواجد في البحر الأبيض المتوسط والمياه الدافئة.
وأكد آقبيق أن الشعب السوري اتخذ قراره برحيل هذا النظام عندما خرج في مظاهرات سلمية قبل ست سنوات وواجهه النظام بالقتل والتعذيب والاعتقال، واليوم هناك ستة ملايين من المهجرين خارج سوريا واثني عشر مليونا من النازحين داخلها ولم يعد بمقدور هذا الشعب أن يقرر لأن النظام وحلفاءه منعوه من ذلك، وإرادة التغيير مازالت موجودة لدى السوريين، وهذا ما يفعلونه الآن عبر المفاوضات السياسية لتحقيق الانتقال الديمقراطي لحكم العائلة التي تحكم سوريا من العام 1970 بالحديد والنار وتعذب المعارضين ولا تسمح بأي نوع من الانتقال السلمي للسلطة، والنظام ومنذ انطلاق الثورة وحتى الآن هو من لديه الدبابات والمدافع والطائرا التي دمرت سوريا وليس المعارضة، والسوريون في البداية حملوا السلاح للدفاع عن النفس وتدهورت الأمور إلى ما وصلنا إليه اليوم من حرب وتدخلات أجنبية.
ونوّه آقبيق بأنه حتى تكون روسيا محايدة ويمكننا الوصول إلى نتائج في جنيف عليها أن ترى بعينين اثنتين وليس بعين واحدة، وعليها الاعتراف بأن الشعب السوري توجد لديه إرادة للتغيير، وأنه يجب أن يكون هناك تغيير. وهي اعترفت على الورق بذلك وبيان جنيف يقول ذلك وقرارات مجلس الأمن تقول ذلك، وبالتالي عليها فقط أن تلتزم بما وقعت عليه وقبلت به، وعند ذلك يمكن أن تكون روسيا وسيطا، ويمكن أن تدفع باتجاه نتائج إيجابية، أما إذا وضعت اللوم على المعارضة واتهمتها بتلقي الدعم من أمريكا والغرب، وهذا مجاف للواقع لأن الولايات المتحدة لو كان لديها إرادة بدعم المعارضة لإسقاط الأسد لسقط في خمس دقائق كما فعلت ذلك مع صدام حسين والقذافي، والإرادة الأمريكية والروسية في سوريا تم التعبير عنها في بيان جنيف بأن الحل يجب أن يكون سياسيا تفاوضيا يفضي إلى هيئة انتقالية حاكمة بمشاركة جميع الأطراف السورية، وإذا كان هناك الآن حرب باردة بين الغرب وروسيا فيجب أن يكون السوريون خارج حسابات هذه الحرب ولا يجب على السوريين أن يدفعوا ثمن هذه الحرب.
واضاف: لو أن الولايات المتحدة مارست دورا إيجابيا تجاه سوريا لحصل توازن على الأرض، وكان بإمكاننا التوصل إلى نتائج بشكل أسرع، وخلال حقبة إدارة أوباما لم تشأ الإدارة الأمريكية أن تتدخل بشكل مباشر، وهذا أفسح المجال لروسيا بالانفراد بالملف السوري، والآن توجد إدارة أمريكية جديدة لم يتبلور بعد موقفها بالنسبة للمسار السياسي، والإدارة الجديدة قالت إن أولويتها هي الحرب على داعش، أما بالنسبة لجنيف والمسار السياسي فإنه لم يتبلور بعد ولم يخرج عن الإدارة الأمريكية موقف واضح بهذا الشأن، وإن اختارت واشنطن الابتعاد عن الملف السوري ستواصل روسيا انفرادها بالسيطرة والتحكم، أما إذا وضع الأمريكان يدهم وبدؤوا بممارسة الدبلوماسية الفعالة وكانت لديهم مواقف قوية يمكن لذلك أن يحدث توازنا يفضي إلى اتفاق بينهم وبين روسيا ما يؤدي إحدوث اختراق واتفاق سياسي وإنهاء الحرب وبدء مرحلة جديدة.
وحول مقترح مشروع الدستور الذي قدمته موسكو للمعارضة السورية وتم رفضه، قال آقبيق: إن العملية السياسية الانتقالية تتضمن مراحل، والمرحلة الأولى كما يسميها بيان جنيف، وهو مرجعية التفاوض، هي تشكيل هيئة حاكمة انتقالية، وتعني نقل الحكم في البلاد من يد بشار الأسد وأعوانه إلى هيئة جديدة لا تستبعد أحدا، يوجد فيها من هم مع النظام ومن هم مع المعارضة كما تضم آخرين ممن هم على الحياد، ومهمة هذه الهيئة تنظيم انتخابات من أجل اختيار هيئة تأسيسية مهمتها كتابة دستور جديد لسوريا.
وأضاف: نحن أمام عهد جديد وجمهورية جديدة ودستور جديد، وسوريا يجب أن تحكم بطريقة مختلفة بعد إنجاز الاتفاق السياسي، فيها ديمقراطية وحرية التعبير وحرية اقتصادية وسياسية وتعدد أحزاب وتداول سلمي للسلطة واعتراف بحقوق الجميع، وكل ذلك يجب أن يكون ضمن الدستور الجديد، والجمعية التأسيسية هي المنوط بها وضع الدستور وإجراء الاستفتاء الشعبي عليه، وإثر ذلك تنتخب الهيئات التشريعية والتنفيذية، وهذه الإجراءات قدّرت لها الجهات الدولية التي صاغت خارطة الطريق ثمانية عشر شهرا يمكن أن تمتد لأكثر من ذلك حسب الأوضاع الأمنية.
وأشار آقبيق إلى أن روسيا والمجتمع الدولي يقولان إن لديهم خوف على الأقليات في سوريا، وأن الدستور الجديد يجب أن يراعي تفادي دكتاتورية الأغلبية أي أن العرب السنة سيفوزون بالانتخاب وبالتالي سيكون هناك إبعاد للأقليات عن المشهد، فلأجل ذلك روسيا وضعت مشروع الدستور الذي يراعي هذه المسائل ولكن هذا المشروع فيه أخطاء كثيرة وذهب بعيدا بهذا الاتجاه، ونحن نراه مجرد عمل استشاري غير ملزم والجمعية التأسيسية المنتخبة من قبل الشعب هي من يقرر دستور سوريا الجديد.
وختم آقبيق: نحن نريد فعلا أن نتفادى دكتاتورية الأغلبية، ونريد للجميع مهما كانوا أقلية ومهما كانت نسبتهم من الشعب أن تكون لديهم حقوق متساوية في سوريا الغد.