أظهرت دراسة أعدها خبير الإرهاب “تشارلي وينتر” لصالح المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي ونشرت ملخصا عنها صحيفة الغارديان اللندنية، أن 84% من الهجمات الانتحارية لتنظيم داعش استهدفت مواقع وأهدافاً عسكرية، مؤكدةً أن 80% من الانتحاريين عراقيون وسوريون، و20% فقط من جنسيات أجنبية.
وأشارت الدراسة، التي ترجمتها منال حميد ونشرها موقع الخليج أونلاين، إلى أن التنظيم لجأ إلى استخدام تكتيك عسكري مشابه لما فعلته اليابان في الحرب العالمية الثانية، من استخدام الطيارين الفدائيين “الكاميكاز“.
وبحسب الدراسة فإن التنظيم خلال العام الماضي فقط، شن 1000 عملية انتحارية، بينها 776 عملية كانت موجهة ضد أهداف عسكرية، وفي معظمها كانت لإفشال تقدم القوات البرية على مواقع التنظيم.
وبيّن وينتر أن “التنظيم عمل على صياغة استراتيجية خاصة به لصناعة “الاستشهاديين”، كما يطلق عليهم، ولجأ إلى استخدام هذه العناصر في تكتيك مشابه تماماً لما استخدمته اليابان في الحرب العالمية الثانية، يوم أن ظهر جيل من الطيارين الانتحاريين أُطلق عليهم اسم الكاميكاز”.
وأشار إلى أن أسلوب الكاميكاز “استخدمه تنظيم القاعدة اعتباراً من عام 2000″، مستدركاً بالقول: “إلا أن ما يميز مقاتلي تنظيم داعش الانتحاريين أنهم أكثر انسجاماً، بعد أن نجح التنظيم في استدامة وجود العناصر المستعدة للموت”.
وتابع وينتر: “تكتيك الانتحاريين لدى تنظيم داعش أكثر اتقاناً؛ إنه لا يعمد فقط على وضع المتفجرات بين عناصره، وإنما وجد بيئة مناسبة لإدامة وجود مثل هؤلاء الانتحاريين من خلال غسل الأدمغة الذي يمارسه على اتباعه”.
20 % فقط من الانتحاريين في صفوف تنظيم داعش هم من الأجانب، بحسب الدراسة، و80% منهم عراقيون وسوريون، حيث تتصدر طاجيكستان الدول الأجنبية في عدد انتحارييها الذين نفذوا عمليات خلال العام الماضي.
وبحسب الدراسة أيضاً، فإن ثلثي العمليات الانتحارية نفذت في العراق، ولوحظ أنها كانت متفاوتة على مدار الشهر أو الأسبوع، ويبدو أن لذلك علاقة بتقلبات العمليات على الأرض.
معركة الموصل التي انطلقت في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، دفعت بالتنظيم إلى اعتماد الهجمات الانتحارية كأسلوب قتالي للدفاع عن المدينة، حيث عمد التنظيم إلى استخدام المركبات المفخخة، والانتقال بها إلى مواقع العدو “بشكل لم يسبق له مثيل”، بحسب وينتر.
وأضاف خبير الإرهاب: “في الأسبوع الأول من الهجوم، قال تنظيم داعش إنه نفذ 58 عملية انتحارية في الموصل والمناطق المحيطة بها، ومعلوم أن وراء كل عملية انتحارية قنبلة بشرية وهدفاً استراتيجياً وتكتيكياً”، لافتاً النظر إلى أن تنظيم “داعش يستخدم أسلوب الهجمات الانتحارية بطريقة لا مثيل لها. لقد نجح هذا التنظيم في استخدام أساليب تفجيرية يصعب التعرف عليها”.
وينتر يقول إنه اعتمد في كتابة التقرير على ما يُصدره التنظيم من بيانات عبر وكالة “أعماق” التابعة له، ولكن لم تكن هي مصدر معلوماته الوحيد، وإنما يؤكد أنه لجأ أيضاً إلى تقارير مجالس المحافظات التي ترصد الهجمات الانتحارية للتنظيم مدعمة بالصور، دون إعطاء المزيد من التفاصيل حول الكيفية التي حصل بها على تلك المعلومات من مجالس المحافظات.
ونجح وينتر في جمع أكثر من 15 ألف تقرير خلال عام واحد، وهي تقارير تتحدث عن الهجمات الانتحارية التي شنها التنظيم ومنفذيها، وفقاً لقوله.
ويوضح أن تفاصيل بعض الهجمات الانتحارية واسم منفذيها، يحصل عليها من خلال النشرات التي يصدرها التنظيم عبر وسائل إعلامه المتعددة، مبيناً أنه يمكن الحصول على تفاصيل منفذ الهجوم وجنسيته وحتى صورته من خلال تلك النشرات التي يصدرها التنظيم.
ويشهد نفوذ تنظيم داعش انحساراً ملحوظاً في ظل الهجمات التي تستهدفه، خاصة في أعقاب انطلاق معركة الموصل، التي تمكنت من استعادة الجانب الغربي كاملاً من المدينة، في وقت تتقدم فيه القوات العراقية مدعومة بقوات التحالف الدولي بالجانب الشرقي.
أما في سوريا، فإن مقاتلي التنظيم يتراجعون، خاصة في أعقاب انطلاق عملية “درع الفرات”، التي نجحت في استعادة أجزاء واسعة من المدن والمناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم، وصولاً إلى مدينة الباب التي استُرجعت بالكامل من قبضة تنظيم داعش، لينحسر وجود التنظيم في مدينة الرقة التي باتت محاصَرة، كما هو الحال في بعض أجزاء من محافظة دير الزور.