مئات السياسيين والإعلاميين والفنانين الألمان على قوائم المطلوبين لنظام الأسد

أثارت قائمة منسوبة للأجهزة الأمنية والمخابرتية التابعة لنظام الأسد ضمت أسماء مئات المشاهير الألمان، بينهم سياسيون وباحثون وصحفيون وإعلاميون وفنانون بعضهم مطلوب للاعتقال، جدلا كبيرا في وسائل الإعلام الألمانية،...
جدل في ألمانيا بسبب قوائم مطلوبين ألمان للنظام السوري وممنوعين من دخول سوريا

أثارت قائمة منسوبة للأجهزة الأمنية والمخابرتية التابعة لنظام الأسد ضمت أسماء مئات المشاهير الألمان، بينهم سياسيون وباحثون وصحفيون وإعلاميون وفنانون بعضهم مطلوب للاعتقال، جدلا كبيرا في وسائل الإعلام الألمانية، بحسب قناة DW عربية.

أكثر من 600 مذكرة ضد شخصيات ألمانية، شملتها قائمة نظام الأسد للأشخاص الممنوعين من السفر أو المطلوبين للاعتقال، حسب مصدر من موقع زمان الوصل، بناء على تسريبات حصل عليها الموقع السوري المعارض. هذه الشخصيات الألمانية، يوجد بينها صحفيون وخبراء وسياسيون وغيرهم، لكنهم ليسوا سوى جزء من قائمة طويلة تتضمن أزيد من 1.7 مليون ملف. ورغم أن القائمة ليست بالجديدة، إلا أن تناول قناة ألمانية لموضوع ورود أسماء عدد كبير من الألمان فيها، لفت وسائل الإعلام الألمانية الأخرى التي ركزت اليوم بشكل كبير على الموضوع.

صحيفة “بليد” الألمانية واسعة الانتشار كتبت معلقة على الموضوع تقول: “دكتاتور سوريا لا يضع معارضي بلده فقط تحت المراقبة”، فيما كتب موقع “تاغس شاو” الألماني يقول: “إن الألمان الواردة أسماؤهم على لائحة النظام ينتمون إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى، وهي الغالبة، تتضمن شخصيات ألمانية تريد أجهزة المخابرات أو جهاز منها على الأقل الحصول على معلومات حول احتمال دخولها سوريا، فيما الفئة الثانية يٌحظر عليها دخول البلاد. أما شخصيات الفئة الثالثة، فقد صدر في حقها مذكرات اعتقال”. ومن بين هؤلاء، الصحفي الألماني، السويسري الأصل، كورت بيلدا الذي سبق وأنجز تغطيات لقناة (ARD) الألمانية الأولى. والذي سألته دويتشه فيله “DW عربية” عن شعوره بعد أن علم بوجود اسمه على اللائحة، فردّ بأنه لم يتفاجأ وكان يتوقع ذلك، وأضاف أن ورود اسمه على هذه اللائحة لا يعني شيئا بالنسبة له ولن يمنعه حتى من محاولة دخول سوريا.

ويشاطر المخرج والمصور الألماني مارسيل ميتلزيفن نفس الموقف مع بيلدا. ويقول في حديث  لـ DW عربية إنه لم يتفاجأ بورود اسمه في اللائحة كما لأن ذلك لا يعني شيئا بالنسبة له سوى أنه لم يعد قادر رسميا على دخول البلاد و إنجاز أعمال من داخلها. ويقول ميتلزيفن إنه دخل سوريا أول مرة في سنة 2011 إبان الثورة وتم ذلك بعد حصوله على تأشيرة دخول، وبعدها دخل البلاد بطريقة غير نظامية ووقتها كانت يعلم انه مراقب وأصبح مبحوثا عنه لاحقا. لكن رغم ذلك وبعكس بليدا لم يصدر في حق  ميتلزيفن مذكرة اعتقال وإنما هو ممنوع فقط من دخول للبلاد.

وهذا ما يعني حسب “إيثار عبد الحق” نائب رئيس تحرير موقع “زمان الوصل” إما الترحيل أو اعتقال الشخص الذي دخل البلاد رغم حظر الدخول، ويضيف عبد الحق وهو أيضا خبير في الشأن السوري، أن منع الدخول إلى سوريا تغير بعد الثورة، ويشرح ذلك بالقول: “قبل الثورة كان منع الدخول يعني ترحيل الشخص الممنوع من الدخول إلى بلده، أما بعد الثورة فأصبح ذلك يعني اعتقال الشخص بشكل من الأشكال، فقد يُعتقل الشخص المعني لفترة قصيرة جدا فقط بهدف التحقيق معه ربما أو الضغط عليه أو على الدولة التي ينتمي إليها، إذ أن النظام السوري بات يستغل هذا الموضوع في الضغط على بعض الدول”.

يشار إلى أن ميتلزيفن اشتهر بعد ترشيحه للحصول على جائزة الأوسكار عن وثائقي أنجزه ويحمل اسم “وطني، ماي لاند”. وهو شريط يروي قصة عائلة سورية نجحت في الهروب من الحرب الاهلية في سوريا إلى ألمانيا.

وقد ركزت وسائل الإعلام الألمانية، بالإضافة إلى كورت بيلدا ومارسيل ميتلزيفن، على أسماء أخرى منها الصحافيان فولفغانغ باور ودانيال غيرلاخ بالإضافة إلى فولكر بيرتس رئيس المعهد الألماني للدراسات السياسية والألمانية، وهو أيضا مُعين كمفاوض سلام من طرف المبعوث الأممي للشأن السوري استيفان دي مستورا. وحول ورود اسم دانيال غيرلاخ في اللائحة كأحد الممنوعين من دخول البلاد، قال لـDW عربية إنه تلقى الخبر من زملاء يشتغلون في محطة إن دي آر.

وعن أسباب ورود اسمه في اللائحة حسب اعتقاده الخاص، يقول غيرلاخ إنه سبق وألف كتابا حول سوريا تناول فيه طريقة الحكم في البلاد واستعمال النظام لمسألة الطائفية لخدمة مصالحه. ويضيف “كنت في سوريا في 2011 مع زميلي مارسيل ميتلزيفن وكنا نعمل معا لمجلة سينيت. أعتقد أن اسمي ورد في اللائحة لأنني كنت مع مارسيل وهو كان مبحوثا عنه من طرف السلطات السورية”. ولا يشعر غيرلاخ بالخوف أو القلق حيال إرداج اسمه في اللائحة كما يقول، “فالمخابرات السورية لا تنشط هنا في أوروبا، وحتى إن كان لها وجود هنا فتأثيرها بالتأكيد ليس كبيرا”.

وازدادت الانتقادات الموجهة للنظام السوري بقمع حرية التعبير واستهداف الصحفيين في سوريا منذ بداية الأزمة، وحسب منظمة مراسلون بلا حدود فقد قتل في سوريا أزيد من 130 صحفي منذ بدء الحرب.

وبينما تتحدث وسائل الإعلام الألمانية عن أكثر من 500 ألماني أدرج اسمه على اللائحة، يتحدث إيثار عبد الحق عن 697 مذكرة في حق أشخاص ألمان، مع توضيحه بأن العدد قد يشمل أيضا مذكرات متكررة أو مختلفة في حق نفس الشخص. وعن مصدر هذه اللائحة يقول عبد الحق إنها أرشيف مخابراتي متكامل ومتراكم للنظام يمتد منذ ستينات القرن الماضي إلى غاية سنة 2014. وتضم اللائحة أشخاصا من 153 دولة، وهو أرشيف صادر عن الأجهزة الأمنية الأساسية الأربعة في سوريا بمختلف فروعها وهي: إدارة المخابرات الجوية، وإدارة المخابرات العامة، وشعبة الأمن السياسي، بالإضافة إلى إدارة المخابرات العسكرية. وبخصوص عدد الألمان الذين صدر بحقهم منع سفر يقول عبد الحق إنه عددهم يصل إلى 415، بينما صدرت مذكرة اعتقال في حق 58 شخصا.

ويشير الخبير السوري إلى أن العدد الأكبر من الأسماء تم إدراجها بعد انطلاق الثورة السورية، كما أن الموقع الذي انفرد بنشر هذه معلومات حول هذه اللائحة لم يصل إلى الأسماء التي أضيفت للائحة منذ 2014 إلى اليوم. ورغم الضجة التي خلقتها القائمة اليوم في ألمانيا، يقول عبد الحق إنها ليست بالجديدة. ويضيف: “الأرشيف توصلنا به منذ سنة 2015 وسبق أن كتبنا عن الموضوع لكنه لم يلفت الانتباه سوى بعد أن كتبت عنه الصحافة الألمانية”.

وبينما يمتنع عبد الحق إيثار عن التصريح بهوية الجهة التي سربت هذه اللائحة لموقعه الإلكتروني، تحدثت مصادر أخرى عن أن القائمة سربها شخص منشق عن المخابرات السورية مؤخرا ولهذا ظهرت الآن رغم أنها ليست بالجديدة، وقد يكون هذا هو السبب الوحيد وراء ظهورها في هذا التوقيت.

وعن ما إذا كانت هذه اللائحة بالفعل تابعة للنظام السوري وليست وثائق مزورة أو أنها نشرت بهدف تشويه النظام السوري، يقول الصحافي عامر الموسوي الذي ساهم في إنجاز تقرير محطة “إن دي آر” حول الموضوع، في تصريحات لـDW عربية، إن الدقة الكبير التي جمعت بها البيانات، رغم أن اللائحة ضخمة للغاية، إذ تضم أسماء الأشخاص وأسماء آبائهم وأمهاتهم وحتى أرقام جوازاتهم وجنسياتهم وغيرها من المعلومات، كل هذا يوضح أن من يقف وراءها هو النظام السوري بالفعل. وقد حاولت DW عربية الاتصال بسفارة سوريا في برلين كما راسلتها للحصول على تعليق حول الموضوع، إلا أنها لم تتلق ردا حتى الآن.

وبالإضافة إلى أسماء الصحفيين الألمان، شملت اللائحة أيضا أسماء صحفيين عرب يعملون في وسائل إعلام ألمانية منهم ثلاثة على الأقل من القسم العربي لمؤسسة دويتشه فيله.

أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة