قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” إن قوات مشاة البحرية من قوة عمل برمائية تركوا سفنهم في الشرق الأوسط ليتم إرسالهم إلى سوريا، مؤسسين بذلك شبه قاعدة عسكرية تمكّنهم من إطلاق نيران مدفعية لدعم المعركة على تنظيم داعش في محافظة الرقة.
ويشكل انتشار تلك القوات تصعيداً جديداً في الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا ضد التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش، حيث بات المئات من القوات الأمريكية التقليدية يشاركون في الصراع. وكانت مئات من قوات العمليات الخاصة قد عملت في تقديم النصح والمشورة للقوات المحلية هناك على مدى شهور عدة، لكن البنتاغون كان غالباً ينأى بنفسه وترفض استخدام القوات التقليدية في سوريا. وتأتي هذه المهمة الجديدة في الوقت الذي تُعِّد فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب خطة لمساعدة ثوار سوريا والمعارضة في استعادة الرقة، العاصمة الفعلية لتنظيم داعش. وقد اشتملت الخطة أيضاً على المزيد من قوات العمليات الخاصة وطائرات الهليكوبتر الهجومية.
وهذه القوة جزء من وحدة المشاة الاستطلاعية الـ11، التي غادرت سان دييغو على متن سفن البحرية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول. وقال اثنان من المسؤولين، شريطة عدم الكشف عن هويتهما نظراً لحساسية عملية الانتشار، قالا إن قوة مشاة البحرية على الأرض تضم جزءاً من بطارية المدفعية القادرة على إطلاق قذائف قوية عيار 155 ملم من مدافع هاوتزر طراز M-777.
وستعمل كل من القوة الأرضية للوحدة الاستطلاعية بالإضافة إلى كتيبة الهبوط من الفوج الأول وفرقة مشاة البحرية الرابعة على تزويد القوات المحلية، التي تدعمها أمريكا والتي تستعد لشن هجوم على المدينة، ستعمل على تزويدها بالسلاح وتقديم الدعم الناري لها. كما سيقوم عدد إضافي من رجال المشاة بتقديم الدعم الأمني. وقال مسؤول آخر في وزارة الدفاع على اطلاع مباشر بالعملية، إن قوات المارينز تم نقلهم من جيبوتي إلى الكويت ومن ثم إلى سوريا ليتم نشرهم فيها.
وأضاف المسؤول أن حركة مشاة البحرية في سوريا لم تكن نتيجة ثانوية لطلب الرئيس دونالد ترامب لخطةٍ جديدة للقضاء على تنظيم داعش، وإنما كانت “نتيجة لبعض الأعمال استمرت لبعض الوقت”.
وقال أيضاً: “قوات المارينز حلٌ لمشكلة كانت قد واجهت العملية”، وأضاف أنهم يقدمون الآن “الدعم الناري في جميع الأحوال الجوية مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الطقس في هذا الوقت من العام في الشمال السوري”.
وكان الضابط “ستيفن تاونسند”، القائد الأعلى للقوات الأمريكية المشرف على الحملة ضد تنظيم داعش، كان قد قال في وقت سابق إن عدداً صغيراً من الجنود التقليديين قدموا الدعم لقوات العمليات الخاصة على الأرض في سوريا، بما في ذلك الدعم عن طريق استخدام نظام يتم تركيبه على الشاحنات يُعرف باسم “نظام المدفعية الصاروخية عالية التنقل” أو (HIMARS). وقال المسؤول المطّلع على عملية الانتشار يوم الأربعاء إن قوات المارينز ومدافع الهاوتزر التي يمتلكونها، سيكونون متمماً لوحدات الجيش، ولن يحلّوا محلها.
وقد تم الكشف عن البعثة البحرية الجديدة بعد أن ظهر أعضاء من نخبة فوج المغاوير الـ75 التابع للجيش في مدينة منبج السورية نهاية الأسبوع الماضي يقودون عربات من طراز سترايكر، وهي مدرعات مسلحة إلى حد كبير بثماني عجلات. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع إن وجودهم هناك من شأنه أن يثني القوات السورية أو التركية عن اتخاذ أي خطوات قد تحوّل التركيز عن الهجوم على أعضاء تنظيم داعش.
وهناك بعض أوجه التشابه بين مهمة البحرية المذكورة وعملية أخرى قام بها سلاح مشاة البحرية منذ قرابة العام، عندما كان الجيش الأمريكي يستعد لدعم هجوم على مدينة الموصل العراقية. في تلك العملية، شكلت قوة ضمت عناصر من وحدة استطلاع البحرية الـ26 وكامب ليجون وقوات أخرى، شكلت قاعدة إطلاق للنيران جنوب المدينة لدعم القوات العراقية والكردية التي كانت تنفذ عمليات تهدف إلى عزل مدينة الموصل عن الأراضي التي تحيط بها والخاضعة لسيطرة لتنظيم داعش.
وقد أصبح وجود البؤرة الاستيطانية بالقرب من الموصل، والتي حملت في الأصل اسم ” Fire Base Bell”، أصبح علنياً بعد تعرضها للهجوم بالصواريخ في 19 مارس/ آذار عام 2016، ما أدى إلى مقتل الرقيب “لويس إفك كاردن” وإصابة ما لا يقل عن 4 آخرين من مشاة البحرية. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع في ذلك الوقت إنهم لم يكشفوا عن عملية انتشار قوات مشاة البحرية هناك، نظراً لأن القاعدة لم تكن تعمل بصورة كاملة، على الرغم من أن الصور التي نشرتها وزارة الدفاع تُظهر قوات المارينز وهي تقوم بإطلاق نيران المدفعية قبل يوم من مقتل كاردن.
ولكي تكون القاعدة في سوريا ذات نفع، يجب أن تتمركز في حدود 20 ميلاً من العمليات التي تنفذها القوات المدعومة من أمريكا. وهذا أقصى مدى تم تقديره في عدد من جولات إطلاق النار من مدافع هاوتزر طراز M-777، وقد يصل مدى جولات موجهة باستخدام نظام GPS، والتي استخدمها رجال المشاة بعد تأسيس البؤرة الاستيطانية، قد يصل إلى حوالي 30 ميلاً. ومنذ ذلك الحين، انتقلت عمليات الدعم الناري من أجل الموصل إلى الجيش ليتولى القيام بها.
دان لاموث وتوماس جيبونز نيف – الواشنطن بوست
ترجمة ريما قداد – السوري الجديد