دعت دراسة نشرتها مجلة لانست الطبية المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهود لحماية منظومة الرعاية الصحية والعاملين بها في سوريا التي دأب نظام الأسد وحلفاؤه على استهدافها منذ بداية الثورة وحماية الخدمات الطبية من أن تصبح هدفا للحرب.
وقال سامر جبور الأستاذ المساعد بكلية العلوم الصحية بالجامعة الأمريكية في بيروت، والذي شارك في قيادة الفريق الذي أعد الدراسة، إن عام 2016 كان العام الأخطر على العاملين في مجال الصحة في سوريا مع تعرضهم للعديد من الهجمات من بينها القتل والسجن والخطف والتعذيب.
وقال جبور إن “المجتمع الدولي ترك هذه الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان دون رد إلى حد كبير بالرغم من عواقبها الجسيمة”. وأضاف “كان هناك الكثير من بيانات الشجب المنددة والقليل من التحركات”.
واعتمدت الدراسة، التي نشرت بمناسبة مرور ستة أعوام على اندلاع الثورة السورية، وشارك في إعدادها مجموعة من الباحثين بينهم أعضاء من الجمعية الطبية السورية الأمريكية واستندت إلى أرقام وإحصاءات من مصادر مختلفة، على مصادر عديدة لتقييم تأثير الحرب على العاملين في مجال الرعاية الصحية والقطاع الصحي. وانتهت الدراسة إلى ما وصفته بأن تحويل للرعاية الصحية في سوريا إلى “سلاح في الحرب” يستخدم ضد من يحتاجون إليها بحرمانهم منها.
وقدرت الدراسة أن 814 عاملا في المجال الطبي قتلوا في الفترة بين آذار/مارس 2011 وشباط/فبراير 2017 لكن جبور قال إن هذا الرقم قد يكون “تقليل فادح” بسبب الصعوبات في جمع الأدلة وإثباتها.
وقال الباحثون في الدراسة إنه كان هناك ما يقرب من 200 هجوم على مراكز صحية في العام الماضي وحده وقالوا إن الهجوم المتكرر الذي يستهدف المنشآت الصحية بهدف إغلاقها أحد الملامح الرئيسية لتحويل الرعاية الصحية إلى سلاح في الحرب.
وزادت الهجمات على المستشفيات والمنشآت الصحية إلى ما يقدر بنحو 199 هجوما في عام 2016، بعد أن كان عددها يزيد قليلا عن 90 هجوما في عام 2012.
ووجدت الدراسة أن مستشفى كفر زيتا في محافظة حماة قصف 33 مرة منذ عام 2014 من بينها ست مرات هذا العام. وقُصف مستشفى تحت الأرض في شرق حلب 19 مرة في ثلاث سنوات، ودُمر في تشرين الأول/أكتوبر 2016.
وقال جبور “أصبح الاستهداف أكثر تواترا ووضوحا وانتشارا من حيث الجغرافيا، بمرور الوقت. وعلى حد علمنا، لم يحدث هذا القدر لاستهداف المنشآت الصحية في أي حرب سابقة.”
ودعا الباحثون صانعي السياسة إلى تحرك عاجل، لاسيما منظمة الصحة العالمية التي تراقب الآن الهجمات لكنهم يشيرون إلى أن هذا ليس كافيا لأنه يقوم فقط بإحصاء الضربات ولا يقوم بتوثيق مرتكبيها.
وقال كارل بلانشيت، مدير مركز الصحة في الأزمات الإنسانية في كلية لندن للصحة العامة وطب المناطق الاستوائية إن النتائج تطرح قضايا خطيرة تؤثر، أيضا، على المجتمعات الأخرى. ولم يشارك بلانشيت في الدراسة.
وقال بلانشيت لوكالة رويترز: “سوريا قمة جبل الجليد وحسب. تصدر المنظمات الإنسانية الدولية، في أفغانستان واليمن في الوقت الحالي تقارير عن الهجمات على المنشآت الصحية في كل أسبوع. وتعرض المرضى لإطلاق الرصاص أثناء تنقلهم في سيارات الإسعاف في كولومبيا، وتستخدم سيارات الإسعاف في الهجمات الانتحارية في أفغانستان، ويُقتل الأطباء في الصومال، وتُقصف المستشفيات في أفغانستان واليمن وليبيا”.
وطالب الخبراء بتشريعات وطنية ودولية أقوى لحماية العاملين في الرعاية الصحية في الصراعات وحثوا وكالات الأمم المتحدة على الدفاع عن العاملين في قطاع الصحة ومقاومة الضغوط التي تمارسها الحكومات للالتزام بالنهج الرسمي وتعزيز القدرة على توصيل الدعم الطبي على كافة جبهات الصراع.