بمناسبة الذكرى السادسة للثورة السورية، وجّه محمد طه، عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري، رسائل هامة حثّ فيها على مواصلة النضال حتى القضاء على الاستبداد والعمل على تلافي الأخطاء السابقة واستعادة البوصلة وتحقيق أهداف الثورة التي أطلقها الشعب السوري لاستعادة حقوقه في الكرامة والعدالة وإعادة بناء سوريا على أسس المواطنة الكاملة.
حيث أكد محمد طه أن الثورة السورية مازالت مستمرة في مخاضها داخل رحم الظروف والحوامل الداخلية والخارجية المعقدة للوضع السوري. مضيفا أن ماحصل ويحصل ما هو إلا سيرورة طبيعية لثورة كرامة ثلاثة أجيال: جيل شهد بداية التسلط وتأسيس أركان دولة الشخص والحزب الواحد وعبادة الشخص، وجيل ولد وتربى على هذه المفاهيم، وجيل يافع حمله التطور التقني (ربما) وظروف القهر بأنواعه للتفكير بحاله وحال الجيلين الآخرين ليقوده للتمرد على الوضع بحثا عن كرامات وحقوق مسلوبة.
ونوّه عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري إلى أن ما حققته الثورة خلال سنواتها الست الفائتة كثير ومن الصعب الخوض بعجالة في تفاصيله. لكن أهم ماحققته -برأيه- هو حث العقل السوري، باختلاف مقوماته، على التفكير والتبصر لمحاولة إيجاد مخرج، وهذا يشكل بحد ذاته بداية ثورة حقيقية. فمعرفة الوجع بداية علاجه، والثورة كشفت عمق مأساة المجتمع السوري وأمراضه وانقساماته، وغياب ما هو جامع بعد طمس متعمد وممنهج للهوية (الهويات) المجتمعية الجمعية للشعب السوري ودمغها بالهوية الأسدية.
وقال طه إنه رغم ما يظهر من انقسام مجتمعي واضح؛ فإن الثورة قرّبت الناس من بعضهم البعض، وبات السوري في الشمال يعرف السوري في الجنوب والشرق والغرب والعكس صحيح. وبمعنى آخر؛ الثورة جعلت السوريين يكتشفون بعضهم وأفكارهم ومعتقداتهم ومميزاتهم الاجتماعية، كما جعلتهم يعيدون اكتشاف الجغرافية السورية.. وهذه الأشياء، بحسب طه، من الضروري معرفتها لتلمّس طريق عقد اجتماعي بين مكونات تقرر (أو يتحتم عليها) العيش بمكان واحد موحد بضوابط يُتفق عليها.
كما أشار طه إلى أنه لا توجد ثورة رومانسية أو أفلاطونية، بدون أخطاء، لذلك فالثورة السورية ليست شواذا عن قاعدة وطبيعة الثورات، مضيفا أن من الأخطاء التي وقعت خلال الثورة السورية كان اعتماد رصيد ماضي الأشخاص لتقييمهم وتسليمهم دفة القيادة وتهميش دور الشباب “رغم أنهم هم من فجر الثورة”، وعدم الاعتماد على الاختصاصيين، وبالتالي تابعنا طريقة النظام بدون إرادة واعية.
ولعل الخطأ الأكبر، بحسب طه، هو غياب الرؤية الاستراتيجية المتكاملة للثورة مع آليات تنفيذها، وهذا ما أدى لضياع البوصلة لتتقاذف سفينة الثورة أمواج مختلفة ومتخالفة، لتنتقل من شاطئ لشاطئ ومن خضم عاصفة لأخرى. هذا الغياب للاستراتيجية جرّ الثورة لعدم الاعتماد على الإمكانيات الذاتية للسوريين وخاصة في مسألة التمويل، فلم يتم إنشاء صندوق وطني أو استمالة رؤوس الأموال السورية لتدعم تطلعات الشعب السوري. لقد فشلت الثورة في الإقناع، وبالتالي هذا الفشل قاد الثورة للاعتماد على الدعم الخارجي، وهذا الدعم المتنوع بتنوع مانحيه وأهدافهم زاد من الانقسامات وأعاق عملية التطور الطبيعي الذاتي الذي تشهده أي ثورة. وتصويب كل ذلك لا يتم بوصفة سحرية، لكن على الثورة بقواعدها ومفكريها وناشطيها وعسكرييها الانتقال لمرحلة البناء الاستراتيجي والعمل على ماذكر آنفا.
وختم عضو الأمانة العامة بتيار الغد بدعوة وجهها للسوريين باختلاف تصنيفاتهم، فقال: إن ما يجمعنا هو سوريا.. سوريا الحقوق والواجبات المتساوية.. سوريا العدالة والقانون.. سوريا التي نحلم بها.. فلتكن سوريا هي الانتماء وهي البوصلة.