في الذكرى السادسة للثورة.. رسائل من القلب

الثورة ليست طريقا له نهاية يمكن الوصول إليها.. الثورة حالة انفجار بعد طول احتقان، وفي الانفجارات ليس ثمة طريق.. الثورة بدأت وستستمر لعقود طوال.. الثورة لن تنتهي بإسقاط النظام...
علم الثورة السورية

الثورة ليست طريقا له نهاية يمكن الوصول إليها.. الثورة حالة انفجار بعد طول احتقان، وفي الانفجارات ليس ثمة طريق.. الثورة بدأت وستستمر لعقود طوال.. الثورة لن تنتهي بإسقاط النظام ولا بالعودة لشعاراتها الوطنية التي رفعتها في بداياتها.. الثورة قرار بداخل كل إنسان برفض الظلم ورفع الصوت ضد الظلمة أيا كانوا ومتى وجدوا.

منذ قامت الثورة وحتى اليوم والسوريون في مخاض عسير، وثمة من يحاول إجهاضها، سنعاني ونصرخ ونتألم، الولادة ليست سهلة حتى بالظروف العادية، فكيف إذا كان ثمة من يحاول إجهاضها.. الألم، الخراب، الدماء، الدمار.. لم توقفنا ولن تستطيع إيقافنا لأن العودة للسكوت والخنوع سيكون أشد ألما ودمارا وخرابا.. السوريون جربوا هذا النظام لأربعة عقود سوداء ولن يثقوا به أو يقبلوا بعودته وإن لبس ثياب ملاك.. فكيف يقبلون به وهو يلبس ثياب جزار.

تليد صائب منسق الأمانة العامة بتيار الغد السوري

الثورة بدأت بأول صرخة ضد الظلم.. عقود الصمت والمشي (جنب الحيط) و(للحيطان آذان) انتهت بأول صرخة. الثورة حققت كينونة الإنسان السوري الجديد.. الإنسان السوري الأصيل الذي كان مغيّبا ومهمشا لصالح مافيا تعمل بالعلن يحميها جيش وشرطة ومخابرات تعمل على مبدأ (من ليس معي فهو ضدي، ومن كان ضدي لارحمة له ولا عيش).. الثورة أعادت لنا كرامتنا وإنسانيتنا وألقنا.

السوريون يعيشون أقسى المراحل الآن، لكنها مرحلة عبور نحو تحقيق الآمال والخلاص من الآلام. هناك منعطفات ومطبات وأشواك ومتربصون بطريقنا، علينا أن نواجه كل ما يعترضنا، وأن نتكاتف ونرص صفوفنا لنواجه كل هذا الإجرام والتآمر والوصول لما نصبو إليه.

صحيح أن الثورة انحرفت عن مسارها بفعل التدخلات الخارجية والتآمر الدولي الواضح عليها، لكن يمكنها العودة لاستقامتها وصفائها وطهرها إن قرر الثوار رفض الإملاءات الخارجية ورصوا صفوفهم ووضعوا الوطن نصب أعينهم، خاصة أن لهم حاضنة شعبية كبيرة جدا.

منذ اغتصاب السلطة في سوريا من قبل حافظ أسد، وصولا لتوريثها لابنه بشار، والنظام لايعمل على تقوية جيش ومخابرات يحميان عرشه فحسب؛ بل عمل بكل جهد على تدمير المثل والقيم التي كان السوريون يعتزون ويعتدون بها، فالسوريون الذين كانوا ينظرون للص على أنه يقف أسفل درجات سلم الحقارة بين المجرمين ويرفضون التعامل معه حتى بعد انتهاء محكوميته، صاروا محكومين بعصابة لصوص.

وليس من قبيل المصادفة أن حافظ أسد كان يختار وبعناية أزلامه من وضيعي الأصل ومن المشكوك بوطنيتهم، وهو الذي كان يتدخل بكل صغيرة وكبيرة، فقد سلم وزارة الصناعة لوزير كان قد أخلي سبيله من محاكمة “ايلي كوهين” لأنه وبحسب قرار المحكمة (كان قوّادا)، وسلّم قيادة القوى الجوية والدفاع الجوي لضابط كان والده موظفا لدى الاستخبارات الفرنسية أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا.. والقائمة تطول.

إن وطنًا سوريًا حرًا ومستقلاً وقويًا هو أكثر ما يؤرق العالم الذي يتحكم بخيوط الدول الصغيرة.. الثورة قامت لتعيد للسوري كرامته وترص الصفوف وتبني وطنًا عاث فيه الجرذان طويلا.. نسير نحو تحقيق هذا الهدف، وسنصل إليه طالما نحن مؤمنون بمبادئ ثورتنا وبوحدة وطننا.

ولنا في هذا المقام كلمات نوجهها لثوارنا الأبطال على الأرض وفي الخنادق، وللمعارضين السوريين وللنشطاء السياسيين وفي كل المجالات، ولأهلنا المهجرين والنازحين، وللسوريين أيضا الذين مازالوا على الطرف المقابل والمواجه للثورة ولنضال إخوتهم ضد الاستبداد والطغيان..

ثوار سوريا الأبطال الأحرار.. ننحني أمامكم وأمام تضحياتكم تقديرا وإجلالا ونزهوا بكم وبنضالكم ورباطكم فخرا واعتزازا.. عليكم في هذه المرحلة الحرجة من عمر الثورة أن توحدوا بندقيتكم.. اطردوا الدخلاء ومن يؤجر بندقيته أو يرهنها لأجندات بعيدة عن روح الثورة ومطلبها الحق بالحرية، وحافظوا على نصاعتكم التي عرفناكم بها منذ أول الثورة.. الوطن أمانة بين أياديكم.. حافظوا عليه.

المعارضون السوريون ونشطاء الثورة في كل المجالات.. ضعوا الوطن نصب أعينكم والكراسي خلفكم، لا العكس.. فيكم الكثير من الشرفاء، وإن تشيطنت صوركم بفعل الأعداء والمندسين المرجفين.. توحدوا وانبذوا كل عميل ومرتهن، ووحدوا جهودكم مع ثوارنا الأحرار ليعود للثورة ألقها ويصبح الخلاص أقرب.

أهلنا وإخوتنا المهاجرون.. لا أشك أن الوطن سيبقى بقلوبكم.. انقلوا معاناتنا للدول التي تعيشون بها، وتصرفوا كأن كل فرد منكم سفير للوطن ولقضيته، وانقلوا صورة السوري الناصعة للآخرين بتصرفاتكم اليومية، وعيشوا على أمل العودة لبناء الوطن.

أهلنا وإخوتنا النازحون والمحاصرون الصامدون.. ألمكم كبير، وظروف حياتكم هي الأقسى والأشد مرارة، قلوبنا معكم وأعيننا عليكم، وثقوا أننا لا يهدأ لنا بال ولا يغمض لنا جفن ونحن نعايش ما تعايشون ونعاني ما تعانون، وثقوا أيضا أن هناك سوريون شرفاء يبذلون الغالي والنفيس في سبيل التفريج والتخفيف عنكم.. لكم الله يرعاكم ويحفظكم.

ولمن بقي من السوريين يؤيد النظام نقول إن طائرة بشار التي سيفرّ بها لن تتسع لكم.. لقد اخترتم الجانب الخطأ، ووقفتم إلى جانب المجرم الخائن، ودعمتم من قتل إخوتكم وأبناء عمومتكم، وساهمتم، بتصديق أكاذيب النظام، بسوق الوطن إلى ما هو عليه اليوم من دمار وخراب.. سوريا للسوريين جميعا، وليست لشخص ولا لعائلة.. ليست سوريا الأسد ولن تكون.. سوريا لنا جميعا.

تليد صائب

أقسام
مقالات

أخبار متعلقة