معركة دمشق.. بين بوتن حائر وأسد خائف وثورة عائدة إلى نقطة الصفر

إلى متى ستسمر معركة دمشق؟؟، ماذا ستحقق؟؟ وأين ستتوقف؟؟، ولماذا الآن؟؟.. نعم هي أسئلة تجتاح عقول معظم السوريين اليوم، لا سيما بالنسبة إلى الناظر للأمور بعين الثورة، ولكن السؤال...
معارك دمشق فيلق الرحمن حي جوبر ساحة العباسيين الثورة السورية

إلى متى ستسمر معركة دمشق؟؟، ماذا ستحقق؟؟ وأين ستتوقف؟؟، ولماذا الآن؟؟..

نعم هي أسئلة تجتاح عقول معظم السوريين اليوم، لا سيما بالنسبة إلى الناظر للأمور بعين الثورة، ولكن السؤال الجوهري هنا، هل هذا كل ما يجب أن نعرفه عن دمشق ومعركتها؟؟.

في كثير من الأحيان تقاس المعارك بأهداقها ونتائجها، ولكن في بعض الظروف يمكن قياسها بدلائلها وما بين سطورها، وهو ما أعتقد أنه ينطبق على معركة دمشق الأخيرة، خاصة في ظل التقدم الكبير الذي تمكن الثوار من تحقيقه خلال الساعات الأولى من المعركة، والذي يدفعنا إلى ضرورة النتعمق في البحث عن دلالات المعركة بعيداً عن أهدافها وحتى نتائجها.

بدايةً لا أريد أن أكون متشائماً، خاصة وأنني أدرك تماماً كمّ الأمل الذي بناه السوريون خلال الأيام الماضية مع اقتراب الثوار من ساحة العباسيين “مدخل دمشق الشرقي”، ولكن على مبدأ “الشمس لا تغطى بإصبع” يمكنني القول “وأتمنى أن أكون مخطأً” إنه من غير المنطقي توقع امتداد المعركة إلى حد الحسم، خاصة مع استمرار عدم جدية المجتمع الدولي في ذلك، فالمطلوب هنا من التطورات التي شهدتها العاصمة مؤخراً “باعتقادي” ليس حسم الأمور، وإنما توجيه سلسلة رسائل للنظام، أهمها أن لا يغتر بشار الأسد بـ”الانتصارات التي حققها” خلال العام الماضي وما قبله، مع التأكيد على إمكانية عودة الأمور في سوريا إلى نقطة الصفر من جديد، أو ما أسماها الأسد يوماً ما بالفترة الصعبة من “الأزمة السورية” والتي حددها بالعام 2013.

بعيداً عن التحليل، لو نظرنا إلى واقع الخريطة الميدانية في سوريا، يمكن القول بأن الأمور فعلياً على الأرض لا تزال في نقطة الصفر، وهو ما يفرغ انتصارات الأسد عملياً، فلا معنى لسيطرة النظام وحلفائه على الأحياء الشرقية من حلب، وأحياء حمص القديمة والقصير وداريا والمعضمية، وإيجاد جيوب له في درعا، طالما أن الثوار لا زالوا قادرين على دق أبواب دمشق من مسافة لا تبعد أكثر من سبعة كيلو مترات عن قصر المهاجرين؟، الأمر الذي يجعل من الممكن أن تشهد دمشق سيناريو شبيه باقتحام ثوار ليبيا للعاصمة طرابلس إبان الثورة على نظام القذافي “حتى وإن كنت أراه بعيداً عن التكرار على الأقل في المرحلة الحالية”.

النقطة الثانية التي لابد من ذكرها، والتي لا تقل أهمية عن سابقتها، هو تأطير الدور الروسي في سوريا، ففي الوقت الذي كان الثوار يتقدمون باتجاه ساحة العباسيين كان الطيران الروسي مكتفياً باستهداف المدنيين في الغوطة الشرقية، وهو الأمر الذي يكشف عن الدور الذي قد يلعبه الدعم “الجوي” الروسي في معركة دمشق “إن قامت فعلياً” ومدى قدرته على دعم صمود النظام فيها، فالعارف بالتضاريس الدمشقية يدرك تماماً صعوبة تدخل الطيران في معركة دمشق، نظراً لتداخل أحيائها وصعوبة تحديد الطائرات لأهدافها بدقة، ما يجعل معركة العاصمة برية بامتياز، وبالتالي فإن الدعم الروسي سيكون وقتها أمام ثلاث خيارات فقط، أولها الاكتفاء بشن غارات انتقامية على المناطق المحررة، أو الوقوف على الحياد ودفع النظام باتجاه القبول بتسوية سياسية سلمية تحفظ للروس مصالحهم، أو الخيار الأخير التورط برياً في المعركة، خاصة في ظل عدم امتلاك الميلشيات الإيرانية القوة الكافية لدعم صمود النظام في دمشق طويلاً، وهو الخيار الذي أستبعد لجوء موسكو له، لا سيما وأن القيادة الروسية كانت حريصة منذ البداية على عدم إرسال قوات برية إلى سوريا خشية تكرار سيناريو الحرب السوفييتية، ما يعني أن أهمية الدعم الروسي بشكله الحالي تنحصر في المعارك خارج حدود دمشق فقط.

أخيراً ما أريد قوله، بغض النظر عن ما يمكن أن تحققه معارك دمشق، والأسباب التي قامت من أجلها “والتي كانت محل جدل”، فهي كشفت عن واقع لم يتمكن عدد كبير من السوريين من رؤيته سابقاً، وأبرز ملامحه أن الثورة قادرة في لحظة من اللحظات على قلب الأمور مجدداً، وعودة الزخم الثوري من جديد فيما لو تمكن قادتها من الاستقلال في قرارهم بعيداً عن تدخلات الداعمين، كما أكدت على فكرة أن أي معركة خارج حدود دمشق هي معركة ثانوية، إلى جانب إسهامها بتأطير الدور الروسي في سوريا من خلال الدعم الجوي للنظام، وحصر هذا الدور في المعارك الثانوية.

حسام يوسف – تيار الغد السوري

أقسام
مقالات

أخبار متعلقة