انقسم السوريون حيال الضربة الصاروخية المحدودة التي وجهتها البحرية الأمريكية لمطار الشعيرات الذي انطلقت منه الطائرات السورية مستهدفة المدنيين في خان شيخون بالأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا بين مؤيد ومعارض.
المؤيدون للضربة رأوا أن هذا المطار هو هدف عسكري بحت وأنه كان لسنوات مصدرا من مصادر إرهاب النظام الذي يمارسه بحق الشعب السوري، عدا عن كونه مصدرا للضربة الكيميائية الأخيرة على خان شيخون والتي نتج عنها مجزرة مروعها راح ضحيتها 86 منهم ثلاثون طفلا وعشرون امرأة.
أما المعارضون فاعتبروا أنها تدخل أمريكي في الشأن السوري وانتقاص من السيادة الوطنية التي طالما تشدقوا بها حتى بعدما غدت الأجواء السورية مرتعا لكل طيران أكثر من ثلاثين دولة منها إسرائيل التي تستهدف سوريا منذ تموز 2001 عندما استهدفت منظومة الرادارات السورية في لبنان وحتى آذار الفائت عندما استهدفت موقعا عسكريا بجبل قاسيون، كما غدت الأرض السورية كذلك مرتعا لقوات دولية ابتداءا من القوات الروسية والإيرانية والميليشيات الباكستانية والأفغانية والعراقية واللبنانية التي تدعم النظام وانتهاءا بقوات التحالف التي تنسق وتشرف على عمليات مكافحة تنظيم داعش.
عن أي سيادة يتكلم النظام وموالوه؟!.. إذا كان رئيسهم يتفاجأ بوصول قائد عسكري روسي إلى سوريا، وإذا كان رئيسهم نفسه يسافر سرا إلى روسيا بطائرة شحن ويتم معاملته باستهانة أقرب إلى الاحتقار وهو يبتسم، وإذا كان حزب الله الإرهابي يتحدث عن إنجازاته في سوريا فيما يشير إلى تخاذل جيش النظام وقواته وهو نفس ما تؤكده المصادر الروسية التي دائما ما تتحدث عن دورها في حماية الأسد ونظامه فيما قواته لا تبدي أي جدية أو انضباط من أعلى سلم القيدة العسكرية حتى أصغر عنصر على حاجز.. دون أن يستطيع النظام الرد عليهم ولو إعلاميا على الأقل ودون أن تنكسر أعين المؤيدين خزيا أو خجلا.. وعلى العكس من ذلك يكيلون المدح والثناء والشكر لكل دنس الأرض السورية وأشاع فيها القتل والدمار والطائفية المقيتة.
الميليشيات الطائفية المستجلبة من الخارج كلها تسرح وتمرح، تقاتل وتقتل، وتفعل ما يحلو لها دون أن يحاسبها أحد، ووصل الأمر بها إلى أن يقوم عناصرها باعتقال ضباط الجيش السوري وعناصره وإعدامهم إذا اعترضوا طريقهم، فلا تلقى إلا العرفان والامتنان من أدعياء الحرص على السيادة في زمن الأسد.
كان النظام يتحدث بعد كل غارة من “حليفته” إسرائيل عن حق الرد في المكان والزمان المناسبين اللذين لم ولن يأتيا، اللهم إلا على المدنيين في درعا وإدلب وكل المدن السورية الثائرة، واليوم يعتبر أن الرد الوحيد الممكن على صواريخ أمريكا بضرب من يعتبرهم “إرهابيين” وهم أطفال ونساء يدّعي أنهم من النصرة وداعش يقصفهم في بيوتهم وأسواقهم ومدارسهم فقط لأنهم يرفضون نظام الاستبداد ويتطلعون إلى الحرية والكرامة وهم من استجلب عليهم القاعدة وداعش ليبرر جريمته التي لا تغتفر بحق هذا الشعب.
الجميع يعرف أن النظام لن يستطيع الرد على هذه الصواريخ ولا على أي صواريخ تصيبه ولو من الصومال أو موزامبيق.. فضلا عن صواريخ أمريكا وهو اعترف بذلك على لسان بعض أبواقه.. هذه الأبواق الإعلامية التي يقاوم ويمانع بها، وهو في الحقيقة أشبه بشيخ طاعن في السن فقد قدرته على القيام بواجبه الزوجي ليتحدث عن بطولاته وملاحمه الدونجوانية المزيفة.
المقاومة والممانعة والسيادة هي أكثر الكلمات والمصطلحات استخداما لدى النظام وأنصاره ومؤيديه، وهم آخر من يحق لهم استخدامها وادعاءها، لأنه لم يكن ليعرف قاموس العرب المعنى الحقيقي لهذه المصطلحات لولا الشعب السوري البطل الأبي، ليأتي الأسد وزمرته اليوم ويدّعوها لأنفسهم وهم أبعد الناس منها.
تليد صائب – منسق الأمانة العامة في تيار الغد السوري