تناقض كبير وتضارب في مواقف النظام السوري وتصريحاته عبر إعلامه لنفي تهمة ارتكاب مجزرة خان شيخون التي راح ضحيتها عشرات المدنيين أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء. وتتأرجح التصريحات بين روايتين؛ الأولى تؤكد أن طائرات النظام قصفت مخزنا أو مصنعا للأسلحة الكيميائية في الساعة السادسة صباحا يوم الثلاثاء 4/4/2017، والثانية أن المجزرة وقعت نتيجة انفجار انتحاري نفذه تونسي وشيشاني في الموقع، وأن طائرات النظام لم تحلق في سماء المدينة المنكوبة قبل الحادية عشر صباحا.
منذر آقبيق، المتحدث باسم تيار الغد السوري، فنّد هذه الادعاءات التي يريد النظام من خلالها التغطية عن حقيقة ما جرى في خان شيخون واعتبار أن الردَّ الأمريكي بضربة محدودة لمطار الشعيرات الذي انطلقت منه الطائرات التي ارتكبت مجزرة خان شيخون عدوانٌ سافرٌ على سيادة سوريا واستهداف للجيش العربي السوري.
وقال آقبيق خلال مداخلة متلفزة على قناة النيل الإخبارية إن نظام بشار الأسد يعتبر كل ما جرى في سوريا منذ آذار 2011 وحتى اليوم مفبرك، وأن موت أكثر من نصف مليون سوري وجرح وإصابة أكثر من مليوني سوري وتشريد نصف عدد السكان في سوريا مفبرك، وحتى آلاف الصور التي تم إخراجها من سوريا لآلاف المعتقلين السوريين الذي قتلوا تحت التعذيب وسربها مسؤول في الشرطة العسكرية مفبركة!.
ونوّه المتحدث باسم تيار الغد السوري بأنه قبل وقوع مجزرة الغوطة الشرقية عام 2013 والتي راح ضحيتها أكثر من 1300 مدني كان النظام يقول إنه ليس لديه أسلحة كيميائية واتهم المعارضة بفبركة المجزرة، ولكن بعد أن أدانه المجتمع الدولي رضخ وسمح بمصادرة هذا السلاح عبر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، واليوم لا شيء يدعونا لتصديق رواية النظام التي تقول إن طيرانه لم يحلق في سماء خان شيخون قبل الحادية عشرة، وأن المجزرة وقعت في الساعة السادسة مع أن المصادر الرسمية الروسية أكدت أن طيران النظام هو من قصف خان شيخون في هذا التوقيت، ولكنها قالت إن المستهدف كان مخزنا أو مصنعا للأسلحة الكيميائية تابع لفصائل المعارضة.
وأضاف آقبيق أن الغازات السامة التي قصفت بها مدينة خان شيخون هي من أسلحة الدمار الشامل، ولا يمكن للمجموعات المسلحة السورية أن تنتج هذه الأسلحة التي تحتاج لتقنيات عالية لا تتوافر لفصائل المعارضة بحسب ما أكد الخبراء الدوليون المحايدون.
وتعليقا على ادعاء النظام أن واشنطن تريد اختلاق جريمة في سوريا واتهام الأسد بها بهدف إسقاطه، قال آقبيق: لو أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد فبركة مجزرة كيميائية في سوريا بقصد إسقاط النظام في سوريا عسكريا فلماذا لم تفعل ذلك عام 2011 أو عام 2013.. الأزمة السورية عمرها أكثر من ست سنوات، ولو أن واشنطن أرادت إسقاط نظام الأسد لفعلت ذلك، ولكن الإدارة الأمريكية السابقة قالت وأكدت أنها تريد انتقالا سياسيا منظما في سوريا، واليوم وبعد مجزرة خان شيخون قال وزير خارجية الولايات المتحدة “ريكس تيلرسون” أن واشنطن مازالت تريد انتقالا سياسيا منظما في سوريا وليس تدخلا عسكريا كما يروّج النظام.
وبالنسبة للتحقيق الدولي الذي يطالب به النظام وروسيا وإيران اليوم في مجزرة خان شيخون، أشار آقبيق إلى أن موسكو أفشلت مشروعي قرارين في مجلس الأمن الدولي طالبا بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في مجزرة خان شيخون تقدمت بهما بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ولكن النظام وحلفاءه رفضوا ذلك.
وكان العشرات قد سقطوا ضحايا غارة بغازات سامة يرجح أنها غاز السارين المحرم دوليا على مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي وأصيب المئات بينهم عشرات النساء والأطفال بحالات اختناق، يوم الثلاثاء 4/4/2017، حيث أدانت معظم دول العالم والمنظمات الحقوقية والطبية الدولية الهجوم واتهمت نظام الأسد بالمسؤولية عن ذلك، في حين نفى النظام الاتهامات مؤكدا أنه قصف مستودع ذخيرة لمسلحي “جبهة النصرة” توجد فيه أسلحة كيميائية وفي رواية أخرى قال إن الهجوم وقع بعملية انتحارية.
وردّت واشنطن على هجوم خان شيخون الكيميائي بشن البحرية الأمريكية، بأوامر من الرئيس دونالد ترامب، فجر يوم الجمعة 7/4/2017، ضربة محدودة بصواريخ توماهوك استهدفت مطار الشعيرات بريف حمص الجنوبي، مما أسفر عن سقوط 6 عسكريين وإصابة آخرين، بناء على ما قالت واشنطن أنه معلومات مؤكدة أن طيران النظام هو من ارتكب مجزرة خان شيخون، ولقيت الضربة الأمريكية ردود أفعال واسعة حيث أيدته عدة دول غربية وعربية في حين أدانته روسيا وإيران.