رأى محللون أن الضربة الأمريكية لمطار الشعيرات وضعت جملة من القواعد ستصبح من بديهيات الواقع السوري، تماماً كما أن الوجود الروسي في سوريا أصبح خارج أي نقاش، ومن هذه القواعد التأسيس لقاعدة استهداف نظام الأسد كلما رأت أمريكا أنه تصرف بطريقة قد تعتبرها واشنطن تجاوزاً للخطوط الحمر.
وأول تلك التصرفات، بحسب غازي دحمان في الحياة، ستكون مسألة استخدام الكيماوي، التي أصبحت جزءاً أساسياً من منظومة أدواته القتالية، يستخدمها كلما أراد تحقيق مكاسب ميدانية على حساب معارضيه، وهذه القاعدة قابلة للتوسع باعتبار أن الخطاب الأمريكي برر ضرباته لمطار الشعيرات بأنها تأتي في سياق الدفاع عن الحياة البشرية التي ينتهكها نظام الأسد، بمعنى أنها قد تشمل حظر طيران الأسد بشكل نهائي.
كما أنه بهذه الضربة يبدو منهيا للحصانة الممنوحة لنظام الأسد احتراماً أو خوفاً من الاصطدام بروسيا، وعلى روسيا أن تتكيف مع هذا الأمر. فأمريكا، مثل إسرائيل، تعتبر أن المظلة الروسية تقتصر على أمن قواعدها في الساحل السوري، أما بقية الجغرافيا السورية فهي تقع خارج هذه المظلة، وطالما أن إيران ونظام الأسد يرتكبان في هذه المناطق ما يهدد الأمن والسلم في المنطقة والإقليم فإن هذه المناطق ستبقى خاضعة للمراقبة والمتابعة والاستهداف، وهذا الأمر يدخل في صلب مصالح أمريكا وإسرائيل ويشكل جزءاً من أمنهما القومي الذي يفرض إحترامه على اللاعبين الآخرين.
إضافة الى ذلك وضع العملية السياسية في سوريا على سكة الحسم وبأسرع وقت ممكن، وانتهاء الاحتكار الروسي، وقد كانت واضحة وصريحة لهجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخطاب الذي أعقب ضرب مطار الشعيرات، ودعوته الدول المتحضرة إلى إيجاد حل للأزمة السورية.
تأتي هذه الآراء فيما أكد جون ألتنمان نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أنه لن يكون بمقدور الولايات المتحدة وجميع الأطراف الأخرى الانتصار بالحرب في سوريا، محذرا من أن عدم التوصل إلى تسوية سلمية في هذا البلد يشكل خطرا على الأمن الدولي.
وأشار ألتنمان، بحسب ما ترجم موقع إرم نيوز، إلى أن الولايات المتحدة ليس لها حتى الآن هدف محدد في سوريا رغم إنفاقها مليارات الدولارات على عمليات الإغاثة والدعم العسكري السري خلال السنوات الست الماضية.
ولفت نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن نظام بشار الأسد سعى خلال سنوات الحرب الأهلية في سوريا إلى وضع العالم أمام خيارين وهما إما دعمه هو أو الجماعات المتطرفة، مشددا على ضرورة قيام الولايات المتحدة بالتحرك بعيدا عن هذا الخيار.
وفي إشارة إلى الضربة الأمريكية لمطار “الشعيرات” العسكري التابع للنظام السوري بداية الشهر الحالي، أكد ألتنمان ضرورة قيام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإظهار استعدادها بالتحرك ضد الأسد من أجل “إرسال رسالة قوية له بأنه لن ينتصر في الحرب ولحلفائه بأن واشنطن ستتحرك للدفاع عن مصالحها”.
وقال: “إن الولايات المتحدة لن تفوز في سوريا ولا مجال لأي طرف آخر للانتصار.. لكن في حال تركت الحرب تشتعل هناك فإن القوى المتشددة والمتطرفة ستتوسع وتزداد قوتها بشكل كبير”.
وختم قائلا: “وفي حال حدوث ذلك فإنه لن تكون هناك مشكلة فحسب بل خطر على الأمن الدولي.. بالنهاية فإن الأدوات العسكرية الأمريكية لن تحل المشكلة في سوريا، لكنها يمكن أن تهيئ المناخ للمفاوضات التي قد تؤدي إلى إنهاء المشكلة”.