يواصل النظام وحلفاؤه ممارسة سياسية التهجير القسري والتغيير الديموغرافي التي طالما حذر منها تيار الغد السوري وطالب بإيقافها والعودة عنها لما تمثله من خطر اجتماعي وسياسي وظلم تاريخي وجغرافي للمواطنين السوريين، ولمخالفتها للقوانين والمبادئ القانونية والإنسانية التي أرستها الشرعة الدولية والأعراف والأديان.
يأتي هذا فيما وصلت العملية السياسية سواء في أستانة أو جنيف إلى طريق مسدود في ظل تباعد وجهات النظر بين أصدقاء الشعب السوري ممثلا بالولايات المتحدة الأمريكية وبين روسيا ومن خلفها إيران، ولاتزال الآمال معقودة في توصل الأطراف المتدخلة بالشأن السوري إلى خارطة طريق مفصلة تنهي حالة العطالة السياسية، وتفتح بابا يفضي إلى اتفاق مبني على الاتفاقات والقرارات الدولية ذات الصلة.
حيث قال منذر آقبيق، المتحدث باسم تيار الغد السوري، خلال مداخله له على قناة eXtra news “إن الصفقة التي تمت بين جبهة النصرة وحزب الله لتهجير أهالي مضايا والزبداني وكفريا والفوعة قسريا نحن لا نعترف بها، وأن الجهتين اللتين وقعتا عليها هما منظمتان إرهابيتان من وجهة نظرنا، وهما تتحكمان بالمواطنين السوريين من خلال نقلهم من مكان إلى آخر، وهذا أمر يتعارض مع القانون الإنساني الدولي الذي يسمح بتهجير مواطنين من موطنهم بدون موافقتهم.
كما أكد آقبيق أن تيار الغد السوري يدين التفجير الذي وقع في منطقة الراشدين بمدينة حلب الذي استهدف المهجرين قسريا من بلدتي كفريا والفوعة، منوها بأنه لا يُعرف حتى الآن من يقف وراءه، مشيرا إلى أن كثيرين وجهوا أصابع الاتهام إلى نظام الأسد، وأنه يحاول أن يلفت أنظار المجتمع الدولي عن الهجوم الذي نفذه في وقت سابق بالأسلحة الكيميائية على مدينة خان شيخون وذهب ضحيته العشرات من المدنيين، كما لفت آقبيق إلى أن ضحايا تفجير الراشدين هم من الجهتين من أهالي كفريا والفوعة ومن المعارضة المسلحة، وأنه تفجير عشوائي، ونحن ندين هذا التفجير بغض النظر عن انتماء الضحايا سواء كانوا موالين للنظام أم معارضين له، مطالبا بعدم المساس بالمدنيين أبدا، ورغم عدم وجود تحقيقات ذات مصداقية في حادثة الراشدين، إلا أن المراقبين يؤكدون مسؤولية النظام عنها لأن السيارة التي نفذت الجريمة أتت من مناطق سيطرة النظام.
وعن التدخل الأمريكي الأخير في سوريا والمتمثل باستهداف مطار الشعيرات، قال آقبيق إن نظام الأسد يبدو أنه أعاد حساباته، وأصبح يخشى الرد الأمريكي على المجازر التي يرتكبها في سوريا، ومن هذه الناحية تعتبر الضربة الأمريكية أمرا إيجابيا، إن كانت قد ردعت النظام عن ارتكاب المزيد من المجازر بالأسلحة الكيميائية، وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية كان الجميع يتساءل عن موقف الإدارة الجديدة تجاه سوريا، والآن يبدو أن الأمور أصبحت أوضح، ونحن نرى بحسب تصريحات المسؤولين الأمريكيين أن الأولوية الآن هي لمحاربة الإرهاب المتمثل بداعش والنصرة، كما بات واضحا أن الإدارة الأمريكية ستواجه النفوذ الإيراني في سوريا، وخصوصا الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الطائفية التي جلبتها إيران إلى سوريا ويتجاوز عددها الخمسين ألف مسلح، وهذا الأمر يزعج الولايات المتحدة، وثالثا.. أعلنت الإدارة الأمريكية أنه يجب إنجاز انتقال سياسي في سوريا بعيدا عن سلطة الأسد.
وبخصوص مسار الحل السياسي، أشار آقبيق إلى أن المفاوضات السورية في جنيف وأستانة وصلت إلى حالة انسداد، وبموجب أستانة اتفقت كل من روسيا وإيران وتركيا على وقف لإطلاق النار، وتعهدت هذه الدول بضمان الالتزام به، ولكن هذا الوقف الذي لم يتحقق حتى الآن منذ أكثر من ثلاثة أشهر على إبرام الاتفاق عليه.. فعلى من يضحكون؟! وغارات الطيران وقصف المدفعية وهجوم النظام على مختلف المناطق مستمر دون أي اعتبار لهذا الوقف لإطلاق النار.
وأضاف آقبيق أن مسار جنيف لم يؤد إلى شيء بعد وهو الآن طريق مسدود، ومعلوم لدى الجميع أن مفاوضات الحل السياسي في جنيف لا يمكن أن تتقدم بدون رافعة دولية، لا تضغط فقط على النظام، وإنما على كل الأطراف، سواء المتحاربة داخل سوريا أو الأطراف الإقليمية المتدخلة في سوريا، وربما جاء التهديد الأمريكي عندما تم توجيه ضربة عسكرية محدودة لمطار الشعيرات كدافع للعملية السياسية، خصوصا وأن الضربة الأمريكية لاقت ترحيبا وتأييدا عربيا ودوليا وترتب عليها إضافة “أسنان” كتهديد عسكري مضاف إلى للعملية الدبلوماسية، وهذا أمر يمكن أن يؤدي إلى دفع العملية السياسية إلى الأمام لأنه من الواضح أن بشار الأسد الذي حارب الشعب السوري على مدى أكثر من ست سنوات وقتل من قتل وهجر من هجر وجرح من جرح وعذب من عذب في سجونه من أجل أن يبقى في السلطة لم يقدم أي تنازل في جنيف أو غيرها، ودون أن يكون مجبرا على ذلك.
وأكد آقبيق “نحن الآن ننتظر اتفاقا بين الولايات المتحدة وروسيا. فروسيا هي لاعب أساسي ودولة عظمى عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ولديها جيش على الأرض السورية وكذلك الولايات المتحدة، ونتمنى أن يحدث توافق بين الدولتين، وهما بالأساس من رعتا الاتفاق الذي جرى في جنيف وصدر عنه البيان المؤرخ بـ 30/6/2012، وهما من رعتا اتفاق فيينا ومررتا قرار مجلس الأمن رقم 2254، وكل ذلك نص على وجوب أن يكون هناك انتقال سياسي حقيقي في سوريا، أي انتقال للسلطة الحالية إلى هيئة حاكمة خلال مرحلة انتقالية يتم خلالها كتابة دستور جديد ثم إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف دولي.
وختم آقبيق، على الورق كل من الولايات المتحدة وروسيا قد رعتا تلك الخطط ووافقتا عليها، وكل ما عليهما الآن أن تقوما بالاتفاق على التفاصيل.. تفاصيل الانتقال السياسي.. تفاصيل الانتقال نحو الديمقراطية.. وقبل ذلك أن يتم وقف حقيقي لإطلاق النار وحقن لدماء السوريين التي تراق كل يوم في سوريا.