ولد.. وحكم بلد!!

لا بد أن تصيب الحيرة كل محلل موضوعي لبنية كيان الأسد الصغير في دمشق، فهو ولا شك غير ديمقراطي، وهذا أوضح من الشمس في كبد السماء، وربما سارع أحدهم...
الأسد الأب والابن

لا بد أن تصيب الحيرة كل محلل موضوعي لبنية كيان الأسد الصغير في دمشق، فهو ولا شك غير ديمقراطي، وهذا أوضح من الشمس في كبد السماء، وربما سارع أحدهم إلى القفز إلى الاستنتاج بأنه كيان ديكتاتوري، وهنا نقول أما هذا فـ”شرف” لا يستحقه. إن النظر إليه كذلك فيه “ظلم” جليّ لمثل هذه الكيانات، على دمويتها وفرديتها وتسلطها.

الديكتاتور لا يرى إلا نفسه، لا يمسك أحد غيره زمام الأمور، يمارس العنف ضد الشعب من أجل تحقيق هدف سلطوي سياسي شخصي له وبالتبعية للبطانة والحاشية ومن لف لفهم.

الديكتاتور يرى في نفسه صاحب الحق الحصري في إدارة شؤون البلد الذي يحكمه، فهي وما ومن عليها له وليس لغيره.

شئنا أم أبينا، الديكتاتور له مكان في التاريخ وإن كان ذلك في صفحاته السوداء. كلنا يتذكر هتلر وستالين مع أنهم قتلوا الملايين من شعوبهم والشعوب الأخرى.

حافظ الأسد مثلا ضرب ضربته الدموية في حماة عام 1982 لقمع أي توق للحرية لدى الشعب السوري من خلال أجهزته الأمنية ومعتقلاته ونشر الفساد وإفراغ المجتمع من نخبه ومفكريه وقادته الاجتماعيين والسياسيين، وتجريف مؤسسات الدولة بحيث لا تخدم إلا أغراضه هو. فلا القضاء عادل ولا التعليم يؤدي المطلوب منه ولا الرجل المناسب في مكانه المناسب، كل هذا بهدف قلب القيم رأساً على عقب، حتى لا يبرز أحد غيره، فهو المعلم الأول والقاضي الأول والأديب الأول والمفكر الأول والسياسي الأول. كان يجلس في الصف الأول ومن خلفه عشرات الصفوف الفارغة، ثم يأتي عسكره وأركان بطشه ومنفذي إرادته هو، كلّ من موقعه ووفقاً لما يؤديه له من خدمات.

الأسد الصغير هو مسخ عن أبيه، لم يطاول ديكتاتوريته، ولم يصل إلى خبثه. باع البلد لعدد من المحتلين، دولاً وجماعات، جملة وبالمفرق، منها النظامي ومنها المستجلب من أقاصي الأرض، أشتات لا يجمعهم شيء سوى الحقد والمال.

الأسد الصغير لا يعرف السياسة لا من قريب ولا من بعيد، فمع توريثه الحكم، توقع كثيرون منه سقفاً أعلى من الحريات العامة، وتحسناً في الأداء الاقتصادي ويداً أقل بطشاً من يد أبيه، فهو لم يكن مثله ذاك الهابط من الجبلٍ، المترع كؤوس الفاقة والتخلف، المسكون بذاكرة الاقتتال مع رفاق السلاح على “قصعة” البرغل عندما كان في أول درجات سلم الرتب العسكرية. المفروض أن هذا الصغير وُلد وترعرع في دمشق، وأكل من مطبخها وتعلم في مدارسها وجامعتها، وعاشر أهلها، وشرب ماءها.

مع أول أزمة واجهت هذا الصغير، مع انتفاضة الشعب السوري في آذار عام 2011، ظهر هذا الكائن على حقيقته، وسقطت آخر أوراق التوت عن كيانه المسمى زوراً وبهتاناً بالـ”نظام”، كما درج البعض على تسميته، وهذه مفردة لا تتساوق وواقع الحال، وربما كانت من الأخطاء الشائعة التي تناقلتها الألسن وألفتها الآذان، إلا أنها بعيدة كل البعد عن ماهية هذا الرهط من منعدمي الإنسانية والوطنية والإحساس بالمسؤولية.

ذاك الجالس في مكان ما في دمشق ما هو إلا بيدق في رقعة شطرنج يحركها من يحميه ومن يستفيد من وجوده ظاهرياً على رأس مجموعة من سفّاكي الدماء، هم أقرب إلى كيان مافيوي سُمحَ له بفرض انتدابه على “أرض” كي يصنع “دولة” لها “علم”!.

مع أن جرائم الصغير فاقت كل الحدود، إلا أنه، بكل تأكيد، أقل من ديكتاتور، أقل من حاكم متسلط، أقل من مستبد. إنه ببساطة النسخة المشوهة من كل هؤلاء، ويتفوق عليهم فقط في مضمار الخسة والوضاعة والدناءة، وقبل كل ذلك، الصفاقة!.

إنه ببساطة ولد أخرق، ما عرف فضيلةً قط سوى الوفاء لحليب أمه!.

أيمن الأسود – عضو الأمانة العامة بتيار الغد السوري

أقسام
مقالات

أخبار متعلقة