ترامب مازال بلا استراتيجية في سوريا وبوتين لايزال اللاعب الأول

في خضم الحرب السورية المميتة، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقتراحاً جديداً للسلام يدعو إلى إنشاء مناطق آمنة في أجزاء عديدة من البلاد، يمنع فيها الطيران السوري من التحليق...
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

في خضم الحرب السورية المميتة، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقتراحاً جديداً للسلام يدعو إلى إنشاء مناطق آمنة في أجزاء عديدة من البلاد، يمنع فيها الطيران السوري من التحليق في أجوائها، وربما تُنشأ مناطق عازلة بين الطرفين المتقاتلين الذين ستراقبهم قوات حفظ السلام الدولي.

ووفقاً لأحد المصادر الدبلوماسية، فقد لخص بوتين خطته في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وكان بوتين هو من أجرى المكالمة وقد استحوذ على معظم وقتها فيما لم يعلن البيت الأبيض سوى عن القليل من التفاصيل، لكنه أبدى الموافقة على إرسال مسؤول من وزارة الخارجية إلى محادثات السلام التي تجرى في الأستانة عاصمة كازاخستان.

ويأتي اقتراح بوتين في إطار جهودٍ لملئ الفراغ الناتج عن غياب استراتيجيةٍ ديبلوماسيةٍ واضحةٍ لإدارة ترامب تجاه سوريا. وكما جعل الرئيس الصيني جين بينغ نفسه شريكاً لترامب بخصوص التعامل مع كوريا الشمالية، فإن بوتين يحاول لعب نفس الدور بخصوص سوريا. وستستفيد موسكو من هذا الأمر في تقليص العزلة الدبلوماسية وتحسين صورتها بعد أن تم إثبات تورطها في التدخّل في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة العام الفائت.

ووفقاً لمصدرٍ دبلوماسي، فقد حدد بوتين لترامب خطة إقامة “مناطق تخفيف التصعيد” في أربعة مناطق هي: محافظة ادلب في شمال سوريا؛ منطقة في شمال حمص وسط سوريا؛ منطقة في شرق دمشق معروفة بالغوطة الشرقية؛ ومنطقة جنوبية محاذية لحدود الأردن. تدعو الخطة إلى الفصل المباشر بين المقاتلين في هذه المناطق مع إمكانية إقامة مناطق عازلة تحت إشراف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أو أي قوة مراقبة دولية أخرى.

تكمن الفائدة من الاقتراح الروسي بالنسبة لفصائل المعارضة في أنه سيتم منع القوى الجوية السورية من الطيران أثناء القيام بعملية التهدئة. ويقول المتمردون إنّ القصف الجوي للنظام السوري تسبب في أسوأ ما يمكن أن تُحدثه الحرب من فظائع، بما فيها الهجوم الكيماوي على إحدى البلدات في إدلب الأسبوع الماضي.

سيشجع هذا التحرك الديبلوماسي الذي يقوم به بوتين بدون أي تأييد علني من قبل إيران المملكةَ العربيةَ السعوديةَ ودولاً عربيةً أخرى. فهذا يمكن أن يفتح على الأقل ثغرةً صغيرةً بين موسكو وطهران، وهو شيء يريده العرب أن يحدث بالفعل.

وقد شارك الزعيم الروسي مقترحه هذا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء. لقد كان بوتين يسعى لشهور لحث أردوغان على التعاون فيما يخص سوريا.

لقد كانت إدارة ترامب بطيئة في وضع إطار لاستراتيجيتها تجاه سوريا، مما يجعل الفرصة سانحة لبوتين للقيام بدوره للتمثيل الديبلوماسي. وفي بيان صادر من البيت الأبيض: “وافق كلاً من الرئيس ترامب والرئيس بوتين على أنّ المعاناة في سوريا استمرت وقتاً طويلاً وأن على كل الأطراف أن تقوم بكل ما في وسعها لإنهاء العنف”.

ستواجه عملية صنع السلام التي يقوم بها بوتين نفس العقبات التي واجهتها جهود الولايات المتحدة من قبل للحد من العنف في سوريا. فالرئيس السوري لازال متحصّناً، وحلفاؤه الإيرانيون يقاومون أي حل توافقي، والمعارضة السورية منقسمة، متأثرةً بالمجموعات المتطرفة وتقاوم أي جهود تقود للسلام ولا تؤدي إلى تنحّي الأسد.

كانت إقامة المناطق الآمنة مطلباً أساسياً للمعارضة في السنوات القليلة الماضية. ولقد ظهر اقتراح بوتين على أنه تنازل في هذا الخصوص، لكن للشيطان مكانٌ في التفاصيل هنا.

ولدى سؤال بعض الدبلوماسيين لشرح مسعى بوتين للسلام، قدم هؤلاء الدبلوماسيون عدة تفسيرات. فلقد تزايد القلق الروسي من إعطاء ترامب أوامره بضرب قاعدةٍ جويةٍ سوريةٍ بصواريخ كروز بعد هجوم الشهر الماضي بالسلاح الكيماوي. كما أن الروس قد أصبحوا قلقين بشكل عام من تدهور العلاقات الأمريكية الروسية تحت إدارة ترامب والتي كانوا يأملون أن تخفف من التوتر.

بوتين نفسه لا يشعر بالارتياح أيضاً وهو يراقب الرئيس الصيني تشي وهو يضع نفسه شريكاً رئيسياً مع ترامب في آسيا. إن تحرك بوتين تحركٌ انتهازيٌ. ولكن من أجل التغيير، هو من يقوم بمتابعة الموضوع السوري، بينما تهدر الولايات المتحدة الوقت.
ديفيد إغناتيوس – واشنطن بوست
ترجمة عبد الرزاق اسكيف – السوري الجديد

أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة