أكد الدكتور يوسف سلمان، الأمين العام للحزب الديمقراطي الاجتماعي وعضو جبهة التغيير والتحرير، أن الملتقى التشاوري للقوى الديمقراطية السورية الذي دعا إليه تيار الغد السوري واختتم اعماله في القاهرة يوم الجمعة 5 أيار/مايو الجاري، هو نموذج وخطوة مشجعة وواعدة تشي وتعد بإمكانيات إيجابية جدا على طريق ينبغي أن نعتني به كثيرا بهدف إنشاء قطب ديمقراطي.
وأضاف سلمان أن الملتقى كان خطوة هامة ومفيدة تثبت أن الانفتاح والحوار بين القوى الديمقراطية السورية يمكن أن يفعل المستحيل، ويمكن أن يخلق إمكانات ثرّة لا حصر ولا حدود لها. ورأى أنه يجب تصعيد التواصل والحرص على هذا الحوار الجاد بين القوى من أجل الوصول خلال فترة زمنية ليست بعيدة لصياغة قطب وطني ديمقراطي سوري يحمي الدولة التي ستولد بموجب الحل السياسي يضمن وحدة وسيادة وسلامة واستقلال البلاد.
ونوّه سلمان بأن المجتمع السوري يسير اليوم على درب من الآلام، وأن هناك مهمة نبيلة وغاية في الأهمية ملقاة على عاتق الوطنيين الديمقراطيين الشرفاء أو يوقفوا نزيف الدم، لأن كل دقيقة تمر تعني معاناة وأرواحا تزهق، والمؤسسات البنى التحتية التي بناها الشعب بعرقه وكدّه وجدّه تدمرّ، وأصبح لزاما الآن على الديمقراطيين الوطنيين السوريين العمل ليل نهار لمواجهة الصعوبات والعثرات من أجل إنجاز حل سياسي ينقذ سوريا.
وأشار إلى أن العثرة التي طالما واجهت طروحات الحل السياسي اعتقاد الأطراف استطاعتها تحقيق حسم عسكري، ووقع الشعب السوري بين مطحنة هذا الطرف وذاك، ليتبين بعد سنوات أنه لاحل عسكريا للأزمة السورية، يضاف إلى ذلك التدخل الخارجي الذي استغل أخطاء عقود طويلة من من الاستبداد واحتكار السلطة والفساد والمظالم.
وأضاف، الآن نعتقد أن هناك فسحة من الأمل، حيث وصلت الأزمة السورية إلى منعطف غاية في الخطورة يهدد بتقسيم سوريا، وهذا لن يقتصر عليها وحدها بل سيطال المنطقة برمتها، وبالتالي فإننا نعتقد أن القوى الدولية والإقليمية باتت تجد نفسها مدفوعة لأن تتلمس طرقا وسبلا للحل في سوريا، لكننا نقول هذا بكثير من الحذر، لأن هناك هدنات أبرمت وتم خرقها وعاد هذا الطرف أو ذاك إلى الميدان لتعديل موازين القوى على الأرض، ونأمل أن تكون الآليات التي يتم الاشتغال عليها الآن في أستانة أكثر دقة ضمانا للاستمرار والتعميم في كل المناطق المتوترة في سوريا.
ولفت سلمان إلى أن سوريا اليوم غير سوريا قبل آذار 2011 حيث شكل الحراك الشعبي السلمي خطا فارقا في تاريخ سوريا. فقد كانت السياسة في سوريا قبل هذا التاريخ فاعلية سلطوية ضيقة تمارسها أجهزة فاسدة وتنتهجها الأجهزة البيروقراطية والأمنية، وكنا نعيش أضيق ممارسة للسياسة على الإطلاق. ولأول مرة ومنذ عقود تجري مبادرات شعبية خارج إرادة السلطة أوجدت نوعا من التوازن بين المجتمع والسلطة. والسياسة لا يمكن أن تمارس بالمعنى المجتمعي إذا لم يكن هنالك توازن بين المجتمع والسلطة.
وبحسب سلمان فقد كان مقدرا لهذا الحراك السياسي السلمي أن يبلغ مدايات مهمة، وأن يخلق حالة ديمقراطية، لكن الذي طرأ لاحقا هو معالجة النظام لهذه الحالة بوسائله المعروفة، والشيء الذي لم يكن متوقعا هو انحراف الحراك الشعبي عن مساره السلمي، وجنوحه نحو العسكرة، وهنا كانت الخسارة الكبرى التي مني بها الشعب السوري، وبدأ دور القوى الديمقراطية يضعف تأثيره وتضعف فاعليته ليحل مكانها مسلحون فعلوا ما فعلوا. ولكن هذا الحراك رغم الفترة الزمنية القصيرة التي خاضها سلميا ترك بصمات مهمة أيقظت وعي السوريين وجعلتهم في حالة يتمثلون فيها أن الشعب عندما تخلق له الإمكانات وفسحة من الحرية يستطيع أن يحقق معجزات وأمورا رائعة جدا.
وأكد على أن القوى الوطنية الديمقراطية معنية ببذل كل جهد مستطاع لتفعيل منصات المعارضة التي تقول بمبدأ الحل السياسي وهو المطروح حاليا في جنيف، خصوصا مع بروز أمل في الجولتين الرابعة والخامسة من جنيف 3 عندما تم طرح مناقشة السلال الأربع (إدارة الحكم والانتقال السياسي، الدستور الجديد لسوريا الجديدة، الانتخابات، مكافحة الإرهاب)، والتنظيمات المسلحة الملتزمة بالهدنة المبرمة حاليا ستكون شريكا في الحل السياسي بالتأكيد، وعندئذ ستشكل فرق كلجان تنسيق من خلال الجهات الضامنة لتنضم هذه التنظيمات مع الجيش السوري لمحاربة المنظمات الإرهابية التي رفضت الاتفاق، وهي حتى الآن داعش والنصرة وكل من يلوذ بهما. والمهمة الملقاة على عاتقنا كقوى وطنية ديمقراطية أن نعمل على إنجاح الهدن المبرمة والدفع بحيث تتعامل الأطراف في جنيف بجدية.
والقوى الوطنية الديمقراطية السورية، بحسب سلمان، ملقى على عاتقها مهمة أخرى تتمثل “بتمكين الشعب السوري، مع معرفتنا الأكيدة بظروفه الصعبة جدا الآن من نزوح وهجرة، بحيث نزرع الأمل ببناء سوريا جديدة ديمقراطية علمانية تعددية سياسيا وليس تعددية طائفيا ومذهبيا وقوميا وعشائريا.. دولة المواطنة التي تحفظ حقوق كل فئات وشرائح الشعب. وهذا ما عملنا عليه وناقشناه خلال لقائنا التشاوري بالقاهرة.
وختم سلمان بشكره للقائمين على الملتقى التشاوري، مؤكدا أن نتائجه كانت إيجابية مثمرة، وساده حوار هادئ هادف راق ومنتج. وهذا برأيه يشجع مستقبلا على الطموح والتشجع أكثر لتوسيع آفاق الحوار والتعاون واللقاء على طريق إنتاج قطب وطني ديمقراطي سوري يحمي التجربة الوطنية الديمقراطية العلمانية المستقبلية لسوريا التي نطمح إليها.
حوار أجراه المكتب الإعلامي بتيار الغد السوري على هامش الملتقى التشاوري للقوى الوطنية الديمقراطية في سوريا
القاهرة 3-4-5 أيار/مايو 2017