الإسلاميون بين خياري التصفية الذاتية والخارجية

لا أنكر حجم الصدمة التي انتابتني لحظة رؤيتي لحركة أحرار الشام ترفع علم الثورة إلى جانب راياتها، معلنةً تبنيها الخط الثوري، بعد سنوات من التزامها بالخط السلفي العقائدي، ولكن...
علم الثورة السورية
لا أنكر حجم الصدمة التي انتابتني لحظة رؤيتي لحركة أحرار الشام ترفع علم الثورة إلى جانب راياتها، معلنةً تبنيها الخط الثوري، بعد سنوات من التزامها بالخط السلفي العقائدي، ولكن الأكثر من ذلك، أن هذا التطور دفعني لطرح سؤال مهم مفاده: “هل بدأت مرحلة تصفية الإسلاميين في سوريا ولماذا؟”.
جميعنا يعلم أن السنوات الماضية وتحديداً بدءاً من العام 2013 سيطر الإسلاميون على المشهد السوري، وكانت تلك المرحلة بمثابة النشوة لهم ولحركاتهم، ولكن يبدو أن الأمور اليوم بدأت تأخذ منحى آخر، وحالة النشوة أو الزهوة تلك قد دخلت مرحلة النهاية.
هنا، ربما يكون من الخطأ ربط خطوة أحرار الشام برحيل القيادات السلفية عنها وصعود التيار الثوري في قيادة الحركة، بقدر ارتباطها بالتوجه والمزاج الدولي الذي لم يعد يخفي انزعاجه من السيطرة الإسلامية عموماً في سوريا، وليس فقط حيال تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وهو التحول الذي غذاه وصول قيادات جديدة في أوروبا والولايات المتحدة أكثر رفضاً للإسلاميين.
إذاً كيف يمكن تفسير وقراءة خطوة أحرار الشام وما دلالاتها؟
يبدو أن حركة أحرار الشام “وهي من أكبر الفصائل المسلحة” قد لمست في التطورات والمواقف الدولية ما يشير إلى أن زمن الإسلامويين في سوريا قد شارف على الانتهاء، ودورهم في السيناريو السوري بات في آخر مشاهده، وهو ما يمكن اعتباره السبب الرئيسي الذي دفعها لهذا التحول والعودة إلى الخط الثوري من جديد، أي أنها تحاول من خلال هذا التطور استباق الأمور والخروج من دائرة أي خطر ربما يستهدف نفوذ الإسلامويين في المستقبل.
عملياً، فإن فرضية ان تكون التنظيمات الإسلامية على موعدٍ مع عمليات تصفية دولية لا تقف عند إجراءات احرار الشام، وانما هناك الكثير من المؤشرات على ذلك، أولها التوجهات الدولية لمحاربة الإسلام السياسي والجهادي متمثلا بالسياسة الإدارة الترامبية التي تصنف عدداً من الحركات الإسلامية في سوريا كتنظيمات إرهابية، إلى جانب الحذر الأوروبي في التعامل مع هذه التنظيمات، ناهيك عن عدم تماشي طبيعة الفكر الإسلامي مع النظرة الدولية للحل في سوريا وعلى راسها فرض النظام الديني سياسياً واجتماعياً.
على ضوء التصور السابق يمكن القول بأن الحركات الإسلامية خلال الفترة المقبلة، ستكون أمام خيارين، إما خلع الرداء الديني “شيئاً فشئياً” والالتصاق أكثر بالثورة، كما كان الحال مع حركة أحرار الشام، وهنا أعتقد أن يكون من بينها جيش الإسلام، أو مواجهة الانهيار وفق سيناريوهات عدة، وأعتقد أن يكون على رأسها فتح الشام “جبهة النصرة”، وهي الفصائل التي غالباً ما سينتهي بها الحال إما بالاقتتال ضمن الحركة الواحدة، أو الاقتتال فيما بينها، أو ربما الاستهداف المباشر عبر طيران التحالف الدولي بعد الانتهاء من محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، لتكون تصفية الإسلاميين العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة.
عملياً فإن هذا الميل وهذه القراءة ربما تضعنا أمام دلالة هي الأهم بالنسبة للكثير من السوريين، وهي أن تكون تصفية الإسلاميين واحدةً من الخطوات الفعلية لحل ما قد يطرح قريباً، وهنا لا أقول بأن الإسلاميين هم وحدهم العقبة أمام الحل، وإنما قد يكون التخلص منهم أولى حلقاته، أي بمعنى أوضح فإن المجتمع الدولي على ما يبدو يتجه لمعالجة القضية السورية من نهايتها وصولاً إلى المطلب الأساسي للثورة، أي أن إسقاط الأسد سيمر من المنظور الدولي أولاً بإزالة القضايا الجانبية “كالسيطرة الإسلامية وشرذمة المعارضة” مروراً برعاية المصالح الدولية وعلى رأسها الأمريكية الروسية.
باختصار ما أريد قوله، فإن السعي الأكبر لدى الدول الداعمة خلال الفترة المقبلة قد يتركز على إعادة تأهيل المعارضة السورية وتحديداً العسكرية منها عبر إقصاء التنظيمات الإسلامية من المشهد بعد الانتهاء من الحرب على تنظيم داعش في سوريا، وهنا قد لا أبالغ إن قلت بأننا بناءاً على التصور السابق غالبا ما سنشهد قيام قيادة موحدة للجيش الحر ليس لتكون بديلة عن جيش النظام الحالي، وإنما لتكون جزءا من الحل في سوريا وفق الرؤية الدولية ومصالحها.
حسام يوسف – تيار الغد السوري
أقسام
مقالات

أخبار متعلقة