السباق نحو دير الزور

تسارع قوات النظام لدخول مدينة دير الزور واستعادة السيطرة على كامل المحافظة من تنظيم داعش مستغلة التناقضات الدولية والميدانية في سوريا وانشغال القوى الفاعلة على الأرض بمعارك موازية بالإضافة...
دبابات تابعة للجيش العربي السوري
تسارع قوات النظام لدخول مدينة دير الزور واستعادة السيطرة على كامل المحافظة من تنظيم داعش مستغلة التناقضات الدولية والميدانية في سوريا وانشغال القوى الفاعلة على الأرض بمعارك موازية بالإضافة إلى اتفاقيات الهدن ووقف إطلاق النار في مختلف المناطق وخصوصا في الجنوب والغوطة الشرقية ونتج عنه إمكانية التفرغ لمعركة استعادة دير الزور.
وتعمل قوات النظام على دخول دير الزور، بحسب صحيفة “الحياة”، من ثلاثة محاور: الأول من ريف الرقة والذي وصلت خلاله إلى ضفاف نهر الفرات. والثاني ينطلق من ريفي حمص وحماة، وحققت خلاله تقدما واسعا وصلت فيه إلى مشارف مدينة السخنة في البادية السورية. والثالث، بدأته مطلع تموز/يوليو الماضي من البادية على خط الحدود السورية العراقية.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية في سباق مع قوات النظام للتقدم نحو دير الزور، إلا أن انشغال قوات سوريا الديموقراطية في معارك الرقة ومخاوفها من قيام تركيا بعمليات واسعة ضد مواقع تمركز وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا عطلها عن التقدم نحو دير الزور ما فتح الطريق أمام تقدم قوات النظام ووصولها إلى مشارف المحافظة التي تعد ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى النظام.

وتعتبر محافظة دير الزور ذات مزايا استراتيجية غاية في الأهمية بالنسبة إلى النظام لعدة أسباب:

البوابة الشرقية ولؤلؤة الفرات
من أبرز النقاط التي تميز المدينة موقعها الجغرافي، إذ تتمركز على الضفة الغربية لنهر الفرات، وتعتبر صلة الوصل بين العراق والمحافظات السورية الأخرى، ويطلق عليها لؤلؤة الفرات. وتعد دير الزور البوابة الشرقية للأراضي السورية، والتي ترى القوات النظامية في السيطرة عليها تأمينا كاملا للحدود السورية العراقية. ويقسم نهر الفرات المحافظة إلى قسمين، الأول من جهة اليسار امتدادا إلى البادية الشامية، والثاني امتدادا إلى الجزيرة السورية.

همزة وصل بين المدن السورية
يتركز بالقرب من مدينة دير الزور مطار دير الزور العسكري، والذي حاصره داعش في شكل كامل في الأشهر الماضية، ويحاول اقتحامه من كل الجهات. كما يعتبر المطار العسكري التابع لقوات النظام، أكبر النقاط العسكرية الاستراتيجية التي تحظى بموقع مهم يتوسط المناطق التي يسيطر عليها داعش في المنطقة الشرقية، وبخاصة بين مدينة الرمادي العراقية والرقة.

وتكمن أهميته كونه المنفذ الوحيد الذي يربط المحافظة بالمدن السورية الأخرى. وتعتبر دير الزور ثاني أكبر المحافظات السورية بعد محافظة حمص، وتقدر المساحة الكلية لها بـ 33 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل 17 في المئة من مساحة سورية بالكامل.

آخر معاقل داعش
تعتبر دير الزور أخر معقل لتنظيم داعش في سوريا مع اقتراب التنظيم من خسارة معقله في الرقة، بعد تقدم قوات سوريا الديموقراطية في الأسابيع الأخيرة. وقد تحولت دير الزور، بعد طرد داعش من الموصل وقرب طرده من الرقة، إلى الخزان الأبرز لمقاتلي التنظيم. وتعني خسارة التنظيم دير الزور محاصرته في شكل كامل في سوريا والعراق وخسارته خطوط إمداده وتمويله.

مركز اقتصادي
يحيط بالمدينة عدد من الحقول النفطية منها حقل التيم، الذي يبعد عنها حوالى ستة كيلومترات. إضافة إلى كل من حقول: الطيانة، التنك، العمر، الحفرة، كونيكو للغاز، حقل الورد. ووفق تقارير اقتصادية، تمتلك دير الزور 40 في المئة من ثروة سوريا النفطية، و30 في المئة من القطن والمحاصيل الزراعية، والتي تضررت في شكل كبير نتيجة المعارك التي تدور في محيطها.

ونتيجة تواصل المعارك العنيفة بين قوات النظام وعناصر تنظيم داعش على محاور في بادية دير الزور الغربية، تمكنت قوات النظام من التوغل داخل المحافظة وتحقيق تقدم قلص المسافة بين هذه القوات وبين مدينة دير الزور المحاصرة من قبل داعش منذ 2015. وتسعى قوات النظام خلال تقدمها في ريف دير الزور الغربي والتوغل داخل المحافظة، إلى الالتفاف حول المرتفعات الجبلية وجبل البشري الاستراتيجي، ما سيتيح لها، في حالة استعادة المرتفعات الجبلية، السيطرة والرصد الناري للكثير من القرى ومساحات واسعة من ريف دير الزور الغربي والخط الممتد منها إلى منطقة السخنة وبادية حمص الشرقية. وجاء هذا التوغل بعد نحو 72 ساعة من تمكن القوات النظامية للمرة الأولى من الدخول إلى محافظة دير الزور بعد اجتياز الحدود الإدارية للرقة مع الريف الغربي لدير الزور.
وتفيد مصادر متطابقة في المعارضة السورية، وصول قوات النظام والمليشيات المساندة لها إلى نهر الفرات من الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة الرقة، حيث حاصرت تنظيم داعش في سبع قرى. فيما ذكر الإعلام الحربي المركزي التابع لقوات النظام أن الجيش العربي السوري وصل إلى ضفاف الفرات، وحاصر عناصر تنظيم داعش في زور شمر والصبخة وشريدة والجبلي وأرحبي ورجم هارون وتل المرود بعد انسحاب تنظيم داعش منها.
وتسعى قوات النظام بمساندة الطيران الروسي إلى إظهار قوتها وجدارتها باستعادة محافظة دير الزور إثر إخفاق قوى التحالف الدولي وفصائل المعارضة التابعة لها من شق طريقها عبر الجنوب السوري والبادية السورية إلى دير الزور، بعد أن نجحت قوات النظام بمساندة مليشيات إيرانية وعراقية من بسط نفوذ سيطرتها من دمشق إلى الحدود السورية العراقية وقطع الطريق على فصائل المعارضة التي كانت تعتزم الوصول إلى دير الزور من الجهة الجنوبية مع تحضيرات موازية لاقتحام من جهة الشمال عبر ريف محافظة الحسكة الجنوبي.
ولا يبدو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية متحمسا للاستمرار في دعم عملية تحرير محافظة دير الزور لصالح فصائل المعارضة التي ما زال مستوى عددها وعتادها أقل من أن يواجه تنظيم داعش وفتح جبهة موازية مع قوات النظام، ويبدو التحالف مرتاحا أكثر لإجراء تنسيقات بين فصائل المعارضة وقوات النظام ضد داعش وهو الأمر الذي تشي به الاتفاقات الروسية الأمريكية الأخيرة رغم اعتراض وعدم موافقة كل النظام وفصائل المعارضة على الأمر. ما يترك الباب مفتوحا على كل الاحتمالات التي يبدو أقواها اليوم تقدم النظام باتجاه دير الزور مدعوما بغطاء روسي وغض طرف أمريكي.
أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة